الأربعاء
2024/04/24
آخر تحديث
الأربعاء 24 أبريل 2024

محمد محمود ولد بكار: لابد أن يكون هنالك سقف في القانون للسياسية وللخطاب والمفردات

16 مايو 2022 الساعة 17 و30 دقيقة
محمد محمود ولد بكار: لابد أن يكون هنالك سقف في القانون (…)
طباعة

فكرة الوحدة الوطنية بطريقتها التي يتم طرحها فينا اليوم لم تتغير عن اليوم الأول حينما كانت دفتنا السياسية تحركها نخبة 1957 السينغالية التي تؤجرها فرنسا والتي رحلت إلى البلد مع مشروع الدولة الجديدة ، وهي فكرة رجعية بالنسبة لعالم اليوم و لمسار تطور المفاهيم السياسية والحقوقية فيه؛ وتدميرية بطريقة طرحها الحالي التي تستبطن صيغ عصية على الحل النهائي بل لا ترضى بأي نوع من أنواع الحل كما شاهدنا في مثيلاتها من القضايا المطروحة مثل فكرة الإرث الإنساني وقضية العبودية التي تجاوزت إطارها القانوني إلى إطار سياسي محدد بلون البشرة فقط؛ و هي بالتالي مطالب وأفكار تقسيمية مشحونة بالعاطفة الشفونية والانتقام من الأبرياء على أفعال الأجداد وتقسيم البلد على اساس اللون ومحاكمة التاريخ بشكل أرعن وتكريس المطالب العرقية في القرن 21 ؛ وهو في الواقع طرح لا يخدم السلم الأهلي و لا الغلاف الاجتماعى للدولة، ولم يكن قبولها في حوار "عاشر " بين نخبة البلد و في كل مرحلة ومنعرج خلال ستين سنة عمر الدولة ، بالأمر الواقعي. فقد تم حسمها في كل الحوارات السابقة. واليوم ليست إلا لأجل تأخير المساطر والإجراءات التنفيذية والوظيفية لمقتضيات الاتفاقات السابقة التي كانت تأسيسية، وفي سابقة ، كانت ذات طابع قانوني رجعي، وتفضيلية لأصحاب المظالم. لكن طرحها اليوم على بساط البحث ليس سوى تكريس التنافر وشحن لمشاعر المواطنين ضد بعضهم البعض، وفرض للعودة للوراء بالنسبة للحسم ، وكأن شيئا لم يتحقق خلال كل الوقت الماضي ، و أن على المجتمع والدولة أن يخضعا لتكريس واقع سياسي ليس بالقانوني و لا بالواقعي وليس موجودا سوى في أذهان السياسيين . وبالتالي سيطرة الذين يريدون فرضه على الواقع المحلي القائم ، كأمر واقع ، و لا يريدونه أن ينفك ولا أن يتحسن أبدا بما هو حصانهم السياسي.. وهذا غير صحيح وغير مقبول في الواقع الموضوعي ولا في الإطار الوطني ، وليس هو حالتنا الحقيقية.
نحن حالتنا وما نحتاجه هو تعميق الدولة الوطنية ، دولة القانون والمواطنة ، أن تكون هناك دولة وطنية وهناك مواطن وهناك قانون: هذه العناصر الثلاثة هي التي نحتاجها وما يجب أن يكون عليها رهاننا السياسي والوطني وما يجب أن يكون موضوع الحوارات والنقاشات والاصطفافات السياسية ؛ وهي أيضا ما يجب أن يكون مجالا لترقية عملنا المفاهيمي السياسي والوطني ، وميدان تطور وعي نخبتنا وشعبنا..
أما الدعوات الأخرى القائمة على أساس اللون سواء من طرف الزنوج أو من طرف إحدى مكونات جسم البيظان فهي تسعى دائما لترك أبواب التخلف والتجزئة والتقسيم والعنف مفتوحة، بتجييش العواطف وتسميم الجو العام للسلم وللثقة والاحترام المتبادلين داخل الجسم الوطني.. و لا بد من أن يكون هنالك سقف في القانون للسياسية وللخطاب والمفردات ،يفرض الالتزام بالمصطلحات السياسية حسب تعريفها القانوني والسياسي العلمي والدولي وحسب نشأتها وتطورها وليس فقط اجترار المصطلحات واجتراح حقول خاصة لها في مجتمعنا تقوم على التأجيج والشحن والتخوين العرقي الذي يخدم مصلحة أصحاب الطموح السياسي المستعدين للوصول إلى أهدافهم على جثث الأبرياء، أو لأجل الحفاظ على شعبية يمكن لهب مشاعرها ونفخ صدورها واستخدامها في الأغراض السياسية الخاصة حتى ولو كانت مدفوعة الثمن والأفكار ، وضد انصهارها في مجتمعها وفي دولتها حسب التطور التدريجي الطبيعي والموضوعي للتاريخ وللوعي الاجتماعي..
إن هذه الفوضى المفتوحة للخطابات التي لاسقف لها في التاريخ و لا في القانون ولا في السياسية .
لا يمكن قبولها في جو حكم وطني يفتح آفاق السلم الاجتماعى ويجعله أساس ومحور سياساته وانفاقه السخي. لأنه، وبعكس ذلك، كان السب في تدمير دول أو مازلت تئن تحت وطأته إلى اليوم مثل لبنان ودول إفريقية تعرضت له خلال العقود الأخيرة من القرن الماضي وجعلها فريسة للاقتتال وظهور التطرف الاجتماعى إلى اليوم ، خاصة وأن بلدنا يشهد الكشف المتزايد عن خيرات وثروات ليست بالقليلة في ظرف يشهد ثورة أسعار المواد الأولية.
فلا بد والحالة هذه من مسؤولية قوية للدولة بأن تضع حدا لفصل المنح السياسية للأفراد من أجل تنمية قدراتهم الخطابية وتجديد الثقة للذين أخفقوا في مسيراتهم العنصرية ضد وحدة البلد من خلال منحهم فرصة جديدة وشرعية لتمثيل الشعب وتطلعاته وفق ذلك الخطاب ذي الشرعية البالية والمضرة بالبلد من جهة ، وحماية المجتمع والدولة ووضع محددات وسقوف للخطابات السياسية الوطنية القائمة على شرعية ومشروعية المفاهيم والمطالب السياسية للشعب والمجتمع حسب القواميس السياسية والقانونية العالمية وحسب حاجة مجتمعنا من جهة ثانية.. و لا لترك وحدة البلد والسكينة الاجتماعية تحت رحمة تقلبات تبديل جلد السياسيين الفاشلين .إنه في الحقيقة لم يدر في خلدي أننا سنفتح البلد لمسار جديد من توليد المفاهيم والمطالب غير الشرعية لتفكيك البلد وإعطاء أصحاب النوايا السيئة فرصة جديدة لنفث مطالبهم العنصرية في إطار شرعي ..
من صفحة الإعلامي والمحلل السياسي محمد محمود ولد بكار