الجمعة
2024/04/19
آخر تحديث
الجمعة 19 أبريل 2024

"قميص يوسف".. تعرف على قصة اللباس الذي أزعج جنود الاحتلال الإسرائيلي

9 يونيو 2022 الساعة 14 و00 دقيقة
طباعة

"هذا الطفل لن يمرّ بقميصه" صرخ أحد جنود الاحتلال الإسرائيلي المتمركزين عند حاجز طورة العسكري قرب بلدة يعبد في جنين شمال الضفة الغربية، ثم غلَّظ أمره على الطفل يوسف قبها وأمه أنوار، وطالبهما بخلع قميصه كشرط لعبور الحاجز.

وتداول الفلسطينيون قصة "قميص يوسف" على نحو واسع في وسائل التواصل الاجتماعي، لا سيما أن المستهدف هذه المرة طفل عمره 3 سنوات، والسبب قميصه الذي طُبعت عليه صورة لبندقية "إم 16" (M16).

وتنتقل عائلة يوسف من قريتها "طورة" جنوبي جنين يوميا للعمل بمزرعتها في قرية أم الريحان المجاورة والتي عزلها جدار الفصل العنصري داخل الخط الأخضر، ويفصل بين القريتين حاجز عسكري إسرائيلي.

يقول سند قبها، والد الطفل يوسف، للجزيرة نت إن جنود الاحتلال وبعد أن أخضعا طفليه يوسف (3 أعوام) وسيلا (6 أعوام) وزوجته للتفتيش بغرفة خاصة، أمروا الصغير بخلع قميصه وشددوا على أنه لن يمر بغير ذلك.

عاد عاريا
ويتابع الوالد أن الجنود وبعد إجبار يوسف على خلع قميصه "رفضوا أن يظل القميص داخل المركبة، فألقى جدّه به خارجا ليسمح لهم بالمرور".

عاد الطفل إلى قريته التي تبعد 3 كيلومترات "عاريا" برفقه عائلته "وسط حالة من الخوف الشديد ووضع نفسي سيئ للغاية بالنسبة لطفل أعزل" يقول والده.

وكان الأب قد ابتاع قميصا بلون أسود من سوق مدينة جنين عندما كان برفقة طفله الذي أصرَّ حينها على شرائه "وأحبه كثيرا لدرجة التعلق به، ولهذا ظل يبكي بعد أن أجبره الجنود على خلعه".

ومع تصاعد استهداف الاحتلال للمقاومين الفلسطينيين وازدياد حالة المقاومة الشعبية الشهور الأخيرة خاصة، انتشرت في أسواق الضفة قمصان تحمل صورة "بندقية إم 16".

وصارت تلك القمصان لباسا دارجا يستهوي الأطفال والشبان على حدا سواء. كما طُبع رسم البندقية لاحقا على ألبسة أخرى كالبنطلونات والقبعات والأحذية.

بندقية الثائر
في جولة قصيرة بسوق مدينة نابلس شمال الضفة أيضا، تجد قمصان "إم 16" وألبستها منتشرة بكثافة، يرتديها الشبان أو تعرضها المحال التجارية، وقد أضحت "موضة" شائعة بشكل كبير.

وظهر أحدهم داخل محل تجاري بينما كان وزوجته يتفقدان قميصا يحمل صورة ضخمة للـ "إم 16" ليطابقه والبنطال الذي ابتاعه لنجله، بينما كان شبان آخرون يرتدونه ويعتمرون قبعات تحمل الرسم ذاته "فقد صار زي إم 16 طقما كاملا" كما يقول عبد الله الذي يعمل بأحد محلات بيع الملابس وسط المدينة.

ويضيف للجزيرة نت أن الطلب تزايد على هذا الزي بقطعه المختلفة (القميص والبنطال والحذاء والقبعة) خاصة وأن توفيرها ليس صعبا "فهذه الملابس تُطبع هنا بالضفة وليست مستوردة، ولا تخضع لعوائق".

ورغم ذلك آثر الشاب مهند، والذي يملك محلا مختصا ببيع ملابس الذكور، ألا يتاجر بهذه الأزياء عندما سمع بملاحقة الاحتلال لها ومنعها ومصادرتها.

وتُعرف "إم 16" (أميركية الصنع) محليا باسم "بندقية الثائر الفلسطيني" وظهرت بشكل أكبر رفيقة لنضاله ضد الاحتلال في الانتفاضة الثانية، ويسمونها أحيانا "السمرة" التي يقض بها مضاجع الاحتلال.

ولعلَّ ظهور المقاومين الفلسطينيين في الضفة مسلحين بهذه البندقية في اشتباكاتهم مع الاحتلال، وفي مسيرات لخلايا المقاومة، له دور في تأثّر الشبان بمظهرهم، ومحاولة تقليدهم أو إظهار تأييدهم للمقاومة المسلحة.

"سلوك سخيف"
يعتبر الباحث بمؤسسة "بتسيلم" الحقوقية الإسرائيلية، كريم جبران، ملاحقة جنود الاحتلال للباس "مخالفة قانونية وأخلاقية". ويقول إن ملاحقة أطفال بهذا اللباس سلوك "سخيف" وينم عن "انعدام الأخلاق" عند الجنود الإسرائيليين، و"يعكس الاستخفاف بالفلسطيني واعتباره إنسانا من الدرجة الثانية".

ووفق جبران، يحارب الاحتلال شعارا أو رسما لسلاح على قمصان فلسطينية، بينما يسمح للمستوطنين وأطفالهم بحمل هذا السلاح والتجوّل به.

وقد ضجَّت مواقع التواصل بقصة يوسف وقميصه، ونقل المغردون الحدث والصورة وسط حالة امتعاض من سلوك جنود الاحتلال مع الطفل.

وكتب الناشط فادي عليان "أرغم الجنود يوسف على خلع قميصه واضطر للعودة لمنزله عاريا، جيش بخزي وبعِّر". أما عبد الرحيم برقاوي فكتب يقول بعد أن أعاد نشر الخبر "من أحدث نوبات الهستيريا العنصرية للجيش الذي لا يُقهر!".

ملاحقة القمصان
وتناول الإعلام الإسرائيلي حكاية قمصان "إم 16" وكتب الصحفي جدعون ليفي بصحيفة هآرتس "الصيحة الأخيرة لدى من هم تحت الاحتلال هي موضة قميص بندقية إم 16، وآخر صيحة لدى المحتل هي تحريم الموضة".

وقال ليفي إن الشرطة الإسرائيلية داهمت بالفعل متاجر فلسطينية وصادرت قمصانا طُبع عليها رسم البندقية. وأردف ساخرا "ستكون الفحوصات عند نقاط التفتيش أكثر صرامة من أي وقت مضى، وستشمل الملابس الداخلية خشية أن تكون هناك إم 16 مخفية في الداخل، وإذا تم اكتشاف أنها من الموضة فسيتم مصادرتها على الفور وإحراقها في فرن يتم بناؤه عند كل نقطة تفتيش".

المصدر : الجزيرة