الخميس
2024/04/25
آخر تحديث
الخميس 25 أبريل 2024

موريتل: هل هذا هو نموذج الشراكة مع الأشقاء؟!

22 يوليو 2022 الساعة 18 و04 دقيقة
موريتل: هل هذا هو نموذج الشراكة مع الأشقاء؟!
طباعة

تزن موريتل 168مليون دولار كرقم أعمال سنوي ، ضعف رقم أعمال شينگيتل وماتل مجتمعتين ) كما أن لديها 1,5 مليون مشترك وهو أيضا مقاس الضعف للشركتين مجتمعتين وهي للأسف لم تظهر بشخصية ولا منزلة الكبير .
وتعتبر موريتل بهذا الوزن هي الأكثر تأثيرا على مناخ الأعمال في البلد من حيث سيطرتها على الإتصالات ، ومع ذلك هي الأقل وفاء بدفتر الشروط والالتزامات حسب مايقوله البعض دون أن يمنعها ذلك من تجديد الرخصة 2015 وإن كانت بصعوبة أو قل لأسباب سياسية وليست مهنية كما يصفها البعض الآخر فهي تسبح عكس التيار بالنسبة لتطوير خدمات الإتصال .
ليس ما تمتع به من سمعة غير جيدة تماما داخل البلد بسبب الفشل الدائم وحده للمكالمات ولا اختفاء أجزاء من الرصيد وسوء خدمة الإنترنت والتأخر الكبير عن الركب العالمي أو على الأقل بالنسبة للجوار فحسب مما يشكل عقبة حقيقية من عقبات جلب الاستثمارات في البلد، بل نتيجة لعلاقة غير جيدة بعمالها، فهي الأقل رواتب والأقل تشجيعا للعمال وبالتالي الأقل سكينة على الإطلاق لأن 99% من عمالها يشعرون بمرارة الغبن وعدم تحسن الأحوال وانعدام الأمل واليقين في مستقبلهم الإيجابي داخل شركتهم ،في حين يتعايشون مع مجموعة قليلة من موظفين مغاربة يحظون برفاهية عيش متناهية ويقدمون مجهودا متواضعا أو في أحسن الأحوال مساوٍ لجهود الأطر الموريتانيين . ألم تمتحن موريتل تدني الحوافز الذاتية عند العمال حين يعتبرون أن زبدة عملهم ورحيق الشركة يذهب بصفة غير عادلة لغيرهم ،حينها يعتبرونها عدوة لهم ، فقبل 2011كان عمال اسنيم يملكون شعورا حميميا اتجاه مؤسستهم لكنها عندما أصبحت تسيّر من خارجها وتسخر لأسرة الرئيس حينها فقدت تعاطف العمال بل إنتماءهم لها ،وتعطلت بذلك ماكينات ضخمة بملايين الدولارات بسبب إهمال بسيط ولا مبالاة متعمدة ،نفس الشيء قد تكون تعرضت له موريتل وستتعرض له مستقبلا بشكل أكبر ،
موريتل التي تأسست 1999 بشراكة مع الحكومة الموريتانية ومجموعة أهل إنويگظ بنسبة51% من الأسهم على أنقاض شركة البريد التي تملك ريعا عقاريا يلامس حجم الإستثمار الذي تقدمت به اتصالات المغرب استعادت استثماراتها في مدة قصيرة عندما تجاوزت موريتل عتبة المليون مشترك 2008 ،ومع ذلك ظلت موريتل تملك تاريخا حافلا بالغبن والتحايل فقد واجهت تهما بتدمير أقتصاد البلد خلال عقدها الأول ففي الوقت الذي كان فيه إحتياطي البلد أقل من 100 مليون دولار كانت شائعات ذائعة الصيت تردد من هنا وهناك داخل أوساط شعبية تتهم موريتل باستنزاف العملة الصعبة بكميات كبيرة من السوق السوداء وتهريبها خارج البلد وهو بصفة عامة جريمة إقتصادية ،رغم أن ذلك لم يثبت من الناحية الرسمية وكان يعدُّ أيضا خطوة كبيرة من التهرب الضريبي ، وقد بلغ ذلك الاتهام أوجه من خلال أزمات العملة الصعبة نهاية فترة معاوية .
لم تغير موريتل من سلوكها اتجاه الموظف الموريتاني لذلك لايزال الإضراب مستعرا ليس من الناحية الوظيفية فقط بل داخل النفوس منذ 2019 عندما نضجت فكرة الغبن في كل مجاري الشركة و كانت البداية مع عقد الخبرة الفني الذي يربط موريتل بشركة اتصالات المغرب في إطار توفير الخبرة الفنية وكان ذلك عبارة فقط عن امتياز عريض للعمال المغاربة الذين يفتقرون لميزة أخرى غير تلك الموجودة لدى عمالها الموريتانيين حسب مناديب العمال ،فلم يتم التعرف على أي خبرة بواسطة ذلك العقد الذي خلق هذا الشرخ الذي تكشّف عن تمييز صريح وجَلب مرارة وامتعاض عام إلى نفوس العمال الموريتانيين حينما ظلت رواتبهم تراوح نفس المسافة البعيدة من نظرائهم المغاربة دون مبرر من علم ولا خبرة ،وقد امتدت المزايا لأبعد من ذلك بكثير حتى طالت تكاليف تعليم الأبناء في المدارس الخصوصية وتأمين عام على الصحة وعطلتين خلال السنة في الخارج مع التعويض وكانت ميزتهم الوحيدة أنهم مغاربة بل كانت وظيفة رئيس مصلحة مغربي تفوق امتيازات مدير موريتاني ،لقد غدت المشكلة الوحيدة في وجه الموريتانيين هي فقط أنهم موريتانيون في بلدهم ،وهي مشكلة مع شركات التعدين مثل تازيازت وشركة نحاس أگجوجت ،وقد ظل لذلك السبب القاسم المشترك بين إضرابات الموريتانيين في الشركات "الأجنبية "هو أنها من أجل تحسين وضعيتهم وليس للوصول إلى مرحلة امتيازات الأجنبي بل فقط للحصول على بعض التحسينات والعلاوات بشكل يتماشى مع أرباح الشركة وتوسعها ، ومع امتيازات الآخرين …
الدولة الموريتانية غائبة أمام هذا الظلم والغطرسة التي تنتهجها الشركات الأجنبية وموريتل بصفة خاصة رغم أنها تترأس مجلس إدارتها لكنها ظلت تتهيب الضغط على الشركة بسبب العلاقات مع المغرب رغم أن اتصالات المغرب أصبحت ملكا لشركة أجنبية .
موريتل اليوم ترفض أي رضوخ لإضراب العمال الذين طالبوا بالحسنى بحقوقهم وتتجاوب معهم بعيدا عن أي تخوف على مصالحها وكأنها تضمن موقف الدولة لجانبها ،لكن موريتل لاتزال تحت يد العمال الموريتانيين الذين بامكانهم أن يجعلوها تتعطل عن العمل .فهل لا وجود لحكيم داخل معركة لي الذراع هذه التي لم تتوقف على ما يبدو إلا عندما تعود الأمور عودة عادلة إلى نصابها ؟وهلا تدخلت الدولة من خلال أسهمها لفرض موريتل على التعاطي مع العمال بشكل يضمن عودتهم للعمل وتحقيق المطالب المشروعة والموضعية من عريضتهم .
محمد محمود ولد بكار