الجمعة
2024/04/19
آخر تحديث
الجمعة 19 أبريل 2024

أدعوكم لمتابعة "المونديال"•• لماذا؟

17 نوفمبر 2022 الساعة 20 و30 دقيقة
أدعوكم لمتابعة
لمرابط ولد لخديم
طباعة

هكذا استهل الكاتب محمد فال بلال تدوينته بقوله:
(إنّ المتتبّع لمباريات كرة القدم والمتصفّح لقواعد هذه اللعبة يَجد أنّها تنطوي على جُلّ ما تحتاجه الممارسة السياسية النّاضِجة من شفافيّة، وسلاسة، ونبذ للعنف. كما يجدها ترتَكِزُ على العمل الجماعي، والجهد المشترك لأعضاء الفريق، ومراعاة معايير الكفاءة والخبرة في الاكتتاب، وجَعل الرّجل المناسب في المكان المناسب، والمراقبة، والمحسابة، و التجديد والتطوير الدّائمين، وتداوُل الكرة سلميا بين اللاّعبين، وتداوُل التّتويج والفَوز بين الفِرَق والدّول. كلّ خطإ فيها محسوب. وتضع كلّ اللاعبين تحت رقابة الحكّام، والجمهور، والمعلقين، والمتابِعين، بالإضافَة إلى الرّقابة بالصورة والصوت عبر خدمة "الفار"•
حبَذا لو تحوّلت السياسة فينا إلى رياضة، وتحوّلت ساحتها إلى ملعب يتبارى فيه الفريقان: فريق الموالاة وفريق المعارضة. وحبَذا لو استَلهَم رؤساؤنا وقادة أحزابنا دروسا من كرة القدم لجِهَة التخطيط، ورسم الأهداف، والمثابرة والعزيمة والصبر، وتداوُل الكرة، وتداوُل التّتويج بين المتنافسين. إنّ السياسة لا تختلف كثيرا عن كرة القدم في كونها سِباقا ومنافَسَة ومعركة. وهي مثل كرة القدم لا تخلو من مراوغة ومناورة وتكتيكات وخداع ضمن ما تسمح به قوانين اللعبة، ولا تقبل الخشونة، والعنف والإساءة، والتسلل والغِش.. وتُعاقِب على الأخطاء بالضربات الحرّة وضربات الجزاء، والطرد، والغرامات الماليّة، إلخ.
وممّا استَوقفني بشكل خاص في كرة القدم تراجع الفرديّة والأنانيّة لصالح العمل الجماعي وتكامل الجهود داخل الفريق، وتراجع المحسوبية في اختيار اللاّعبين، وردّ الاعتبار لقِيّم الكفاءة والقدرة والجاهِزِيّة، والبحث المستَمر عن القدرات والطاقات البديلة في عمليّة تجديد دائمة تجعل إبعادَ لاعبين سابقين واكتتاب لاعبين غيرهم أمرا عادِيّا. لا ضَيرَ في عزل نجم من نجوم كرة القدم أو إخراجه أثناء مباراة واستبداله.
ولهذه الأسباب، فإني أتطلّع إلى اليوم الذي أرى فيه الموريتانيّين يُمارسون السياسة بروح وعقلية كرة القدم، مُستفيدينَ ممّا تقدّمه هذه اللعبة من دروس حتى يتأكّدوا جميعا من أنّ الدّولة والأحزاب والمنظّمات، لا يمكن أنْ تلعبَ دورها من خلال الشخصنة والاستحواذ، والادّعاء بامتلاك الحقيقة، وتقديس الفرد، وتقريب أهل الثّقة، وإقصاء أهل الخبرة؛ كما لا يُمكنها أن تتقدّم وتتطوّر دون ردّ الاعتبار لقيّم المراقبة، والمساءلة، والاستقامة.
ولهذه الأسباب، أدعوكم جميعا لمتابعة مباريات كرة القدم بعُمق، وتأمّل، وتمعّن... وانتَبِهوا جيدا لتداوُل الكرة بين اللاعبين، وتداوُل التّتْويج، وتساوي الفرص بين المتنافسين، واحترام قواعد اللعبة برشاقة، ونبذ العنف والفرديّة والأنانيّة، والتمسك بالعمل الجماعي والتّضامن، و روح الفريق الواحد. وانظروا كيف يؤدّي الحكم دوره، و المدرّب، والجمهور، والصحفِيّون... وسَوف تعلمون لماذا أدعوكم لمتابعة "المونديال"..
المرابط لخديم ؛
بدوري أدعوكم الى متابعة المونديال"•• لماذا؟
إن الكلمة صوت نجسد فيه أفكارنا، ولما كان جسد الشيء على مثال ما نجسده فيه، فان أجساد أفكارنا الصوتية إنما هي على مثال هذه الأفكار التي نجسدها فيها.
وإذا تبين لنا أن هناك ضابطا أو ضوابط تحكم أصواتنا التي هي أجساد أفكارنا فإن هذا الضابط أو هذه الضوابط تحكم الأفكار التي جسدت فيها....
المتصفّح لقواعد هذه اللعبة يَجد أنّها تنطوي على
قواسم مشتركة بينها والعبودية التقليدية وهي تحويل الانسان الى شيء يباع ويشترى..!!
إنّها لا تختلف كثيرا عن لعبة كرة القدم في كونها سِباقا ومنافَسَة ومعركة....
الا يتداول الهواة أخبار اللاعبين في ما يطلق عليه بالموسم من قبيل النادي الفلان أشترى الاعب الفلاني بسعر معين.. وأن النادي الفلاني قد بيع بمقدار كذا... تجار النخاسة هم السماسرة أو الوسطاء و كأننا في سوق نخاسة حقيقي والفرق هو أن هذا البيع والشراء بتراضي وتفاخر واقرار من ملايين المشجعين عن قصد أو غير قصد...
هذا بالنسبة للاعبين الشرعيين مابالك بتجارة الاعبين الأفارقة الذين قرر بهم واشترتهم اندية وهمية وباعتهم لأندية أخرى!!
تزايد النقد حول تلك الصفقات المشبوهة للحد الذي أُطلق عليها "تجارة الرق الحديثة".
بالرغم من ذلك كله فإن عددا قليلا للغاية من هؤلاء اللاعبين يرغبون في العودة إلى ديارهم حتى بعد اكتشافهم لعملية الخداع تلك. أما الحديث عن الشروط المُجحفة التي يوافق عليها اللاعبون الشباب في صورة عقود مكتوبة فهي تُبرَّر كونها مقايضة مقبولة في مقابل الحصول على فرصة للتنافس في أوروبا.
( ما يتعرّض له هؤلاء الشباب الأفارقة يُعَدُّ نوعا جديدا من العبودية. إنها عبودية دون إجبار ودون سلاسل تُقيِّد المئات وترحل بهم نحو أوروبا للعمل. إنها العبودية التي تليق بالعصر الحديث، حيث يجد المرء نفسه محاطا بظروف تجعله متقبلا للمعنى دون أن تلتصق به الصفة).(1)
وهنا يتضح أن كرة القدم تحولت من تلك اللعبة الممتعة إلى لعبة تستلب العقول و الافكار والانسانية وترجعنا إلى عصور قد خلت حيث لم تكن هناك أية قيمة للإنسان فقد كان يباع ويشترى انها باختصار عبودية العصر!!
الهوامش:
(1)_ الجزيرة نت (بالتصرف)

لمرابط ولد لخديم