قصة إنسانية أخرى من مونديال قطر
خلال جولتنا بين جماهير المغرب وفرنسا خارج ملعب "البيت المونديالي"، لفت انتباهنا تجمهر عدد من الجماهير المغربية حول زوجين يجريان لقاء مع التلفزيون المغربي يحملان وسادة عليها صورة طفلين.
تقدّمنا أكثر وسألنا وعرفنا أن لهذه الوسادة قصة كانت سببًا في شهرة كبيرة لهما، ولكن خلفها رواية مثيرة وحزينة في آن.
جعفر ولمياء زوجان مغربيان قدما إلى قطر قبل انطلاق كأس العالم لمؤازرة منتخب بلديهما، ولكن حسرة بقت بقلبيهما لأنهما لم يتمكّنا من إحضار ولديهما العاشقين للرياضة معهما، فأوجدت لمياء حلًا بديلًا.
يقول جعفر -القادم من الدار البيضاء والذي يعمل في تجارة السيارات- إنه "بفضل بطاقة (هيّا) وموافقة السلطات السعودية لحامليها بالدخول إلى السعودية، أدّيت وزوجتي مناسك العمرة، وبعدها أتينا إلى قطر قبل أيام من انطلاق المونديال".
وتابع "رغم سعادتنا بأننا قادمان إلى المونديال لمؤازرة منتخب بلادنا؛ ولكننا كنا نفكر بولدينا إدريس (لاعب كرة قدم)، وياسمين (لاعبة جمباز)؛ لأننا تركناهما مع جدتهما بسبب عدم سماح المدرسة لهم بالغياب عن الدراسة لفترة تزيد عن شهر".
غير أنه لم يعرف أن زوجته لمياء -صاحبة مدرسة- كانت تحضّر له مفاجأة سارة، وتقول لمياء "لدينا وسادة في البيت وضعت صورة لطفليّ عليها وحملتها معي إلى قطر؛ لنشعر أن الطفلين معنا، ولا تفارقني في كل مباريات المغرب، وأرفعها دائمًا عند تشجيع منتخبنا".
وأوضحت "لم يكن زوجي يعلم عن الوسادة شيئًا، وعندما شاهدها بدأ يبكي، وشعر أنه ممكن أن يعوّض غيابهما بهذه الوسادة".
وانتشرت صور ومرئيات الزوجين وهما يحملان الوسادة في الملعب، وحقّقت ملايين المشاهدات.
ويوضح جعفر أن الطفلين "دخلا في حالة اكتئاب وبكاء شديدين، وطالبا بأن يذهبا معنا، ولكن ليس باليد حيلة"، وأكّد أنه "كل ما حصل معنا هو فضل من الله، وإحدى بركات العمرة".
وأصبح الزوجان مشهورين في المغرب، وتكشف لمياء أن الناس باتوا "يشيرون لها ويسألونها: هل أنتِ والدة ياسين وإدريس؟"
وخلال الحوار معهما تواصل جعفر مع طفليه، وكانا يرتديان قميص المنتخب المغربي ويتحضران لمشاهدة المباراة ومؤازرة "أسود الأطلس".
وبالعودة إلى الحوار مع التلفزيون المغربي، يروي جعفر أن المراسل سأله "أين أنت؟ كنا نبحث عنك لإجراء مقابلة معك".
ويتابع جعفر "ليس هناك مغربي في كل أنحاء العالم كان يتوقع وصول المغرب إلى نصف النهائي، ولكن الأداء والتوفيق والثقة أوصلت المنتخب إلى هذه المرحلة"، لتتدخل لمياء وتقول إن "طفليها ياسمين وإدريس أخبراها بأن المغرب ستتأهل إلى النهائي".
وأوضح جعفر أن "المغرب قبل أشهر كان يعاني من مشكلات كثيرة، ولكنه بقدوم الركراكي قبِل المهمة الشاقة، وقبض على الجمر، وأعاد تنظيم المنتخب، واستدعى جميع اللاعبين المميزين، الذين استبعدهم المدرب السابق، وحقق إنجازًا غير مسبوق".
ويشكر جعفر دولة قطر "على التنظيم والأمن والأمان والحفاوة والاستقبال الذي شعرا به من لحظة قدومهما إلى البلاد، وتوفير كل شيء بالمجان".
وختم "ما فعلته دولة قطر في مونديال العرب غير مسبوق؛ فهي وحّدت العرب والمسلمين وشعرنا أننا في بلادنا، وأظهرت قطر وشعبها خصال العرب وكرمهم، وقدرتهم على تنظيم بطولة عالمية بسواعد عربية".
أما كلمات لمياء الأخيرة فكانت "تأهّلنا إلى النهائي أو خسرنا، فزنا باللقب أو لم نوفّق، فنحن ربحنا هذا الالتفاف الجماهيري خلف منتخب المغرب في العالمين العربي والإسلامي، وما فعله منتخب المغرب في مونديال قطر سيبقى خالدًا في تاريخ هذه البطولة، ويتحوّل إلى جزء من ذاكرة الأجيال القادمة".
وكان منتخب فرنسا قد فاز في مواجهته أمام المغرب 2-صفر، وتأهّل لمواجهة الأرجنتين في نهائي كأس العالم 2022 في قطر.
المصدر : الجزيرة
