الأربعاء
2024/04/24
آخر تحديث
الأربعاء 24 أبريل 2024

غزواني في نواذيبو.. ليلة بيضاء مع السكان وقطاع الصيد

26 دجمبر 2022 الساعة 00 و44 دقيقة
غزواني في نواذيبو.. ليلة بيضاء مع السكان وقطاع الصيد
طباعة

استمر الرئيس غزواني، البارحة في نواذيبو، في لقاء المواطنين والاستماع لهم حتى الخامسة والنصف صباحا، أي أنه أمضى ليلة بيضاء في النقاشات. كان آخر من التقاهم اتحاديات الصيد ،حيث يواجه القطاع مشاكل عميقة، غائرة في جسمه.
كان بإمكان الديوان أن يوقف اللقاءات بحجة برنامج الرئيس لنهار غد.. كان بامكان لبروتوكول أن يبتر اللائحة، وكان بإمكان الوالي أن يمنع بعضهم بأي حجة لكي يتم إنهاء هذه اللقاءات عند الساعة الواحدة …لكن أي شيء من ذلك لم يحدث !لأن الرئيس ينتهج، من يومه الأول، نهج الباب المُشرع ،ينتهج أسلوب المستمع الجيد، المهتم …
ما لم يفهمه الناس أن غزواني ليس مجرد هاوٍ أو رئيس جاءت به صناديق الاقتراع ليقضي عهدة أو عهدتين وينصرف أو يحاول العودة مرة أخرى كما هو شأن عزيز، حيث لا يتناسب المنسوب ، بل هو إبن البلد، إبن وسط البلد، أينما التفت يمتد البلد آفاقا لا متناهية أمامه، تاريخا وحاضرا ،ومستقبلا.. إنه حبيس هذا الموضع، ليس في الجغرافيا، لكن في الوجدان، في التفكير.. وهكذا لا يمكننا اتهامه في ما يتعلق بالبلد، ولا رميه بالتقصير لإعلاء شأنه ،لكن فيما لم يحصل عليه من رجال أقوياء أكفاء اصحاب خبرة وكفاءة يقاسمونه نفس الشعور ويتحملون معه عبء ووطأة المسؤولية … ورغم أنه لم يقصّر حيث أخذ معاونين ووزراء من بين جميع الأنواع والأشكال والأعمار والتخصصات من نخبتنا التي عملت في المنظمات الدولية وفي الخارج والداخل، إلا أن النتيجة ظلت كما هي :حكومة غير وظيفية وأداء دون ماكان يؤمله الرئيس نفسه كما أعرب عن ذلك مرارا في مصارحة النفس والرأي العام ، بل أن أغلبهم يخرج من وظيفته بسبب أخطاء في "التسيير". إنها جائحة أخلاقية وظمأ للغنى يجتاحان البلد !، ومع ذلك يعيد الكرة ليختار ويعيّن من نخبة بلده ويأخذ زمام الأمور ويخلق الأحداث ويقوم بالانجازات في ظروف وآجال قياسية رفقة أوضاع دولية غير اعتيادية .فهل يمكن لشخص واحد أن يقوم بكل شيء دفعة واحدة وأن يتابع كل هذا؟ في مناخ التحبيط والتخذيل والتهويل والتقليل من شأن الإنجازات والعمل المضني وفي ظروف استقالة النخبة "إذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون "
إن كثيرا من الأمور، في حالات الاكتظاظ والتزاحم هذه، تفلت من تحت أدق العيون مراقبة ويقظة..أليس كذلك! ويقوم بالزيارات لكي يقف شخصيا على مشاكل المواطنين ..إنه يضطلع بدوره كما ينبغي وأكثر ، لكن ينقصه أن تكون حكومته على نفس الأرضية ..وأن تكون نخبتنا :مرجعيتنا بصيرتنا دليلنا خرّيتُنا قدوتنا ،مندمجة متساوقة متصالحة مع عملية الاصلاح وفق حدود المعقول والمقبول والمراحل ،لا تنفخ في النار وتتوقع تنفيذ الأحلام والطموح بين عشية وضحاها وتجعل من المقارنات بالبلدان المتقدمة مرجعا لتقدمنا ، فمتى حصلنا على الاستقلال ومتى استلم غزواني الحكم وفي أي ظروف ؟؟لكي تصب اللعنات على بلدنا الذي لم يحرز الفرص الواقعية للبناء .متى سنتوقف عن الظلم وننتقل إلى تحريك دفة التوجيه والنقد البناء والمعارضة من أجل الوطن لا من أجل الحسابات الشخصية والمصالح الذاتية بدفع من النوازع والطموح الشخصي كما يفعل محمد ولد عبد العزيز الذي قاد البلد 11 سنة تنفيذا لرغباته ونوازعه الشخصية وقبضته وفردانيته وكانت النتيجة قفص الاتهام بأشنع التهم على المستوى الأخلاقي والوظيفي ،ثم يعود للاستفزاز للبحث مرة أخرى عن الرئاسة التي وصلته بالتأكيد بالخطأ ، ليكمل ثراء لخواء روحي للأثرة والمال لن يملأه سوى التراب .
إننا نتوقع حكما أخلاقيا وواقعيا من النخبة حول ما يدور في البلد وليس من أصحاب النفوس الضعيفة ولا الأنظار القصيرة ولا الجيوب الضامرة، لأن ما يحركهم ليس الوطن، بل أمور أخرى ليست حربنا ولا خيارنا .
في الحقيقة ما نحتاجه في هذا الوقت ليس تسويفا ولا عصًا سحريا ولا آخر غليظا لحل معضلات مرتبطة بتراكم الفشل وضعف المصادر البشرية والموارد المالية إن ما نتطلع لحد الآن إلى رئيس من بني جلدتنا يفهمنا يستمع إلى مشاكلنا يسعى معنا لحلها لايريد خيراتنا لجيبه ولا لأسرته"نحتاج لمن يحترم ضعيفنا ويوقر كبيرنا لمن يملك عقل الكبار وصدر الرحماء وعطف الأقوياء ،لمن يصدقنا ويملك وإرادة لتحسين أوضاعنا بتزامن وتوافق مع وضع البلد وموارده .أما عملية البناء ومحاربة الفساد على الطريقين "الدانماركية "فيسبقها بناء العقليات والعقول والمؤسسات أي بعضا من الوقت ،فلنكن واقعيين .

الإعلامي والمحلل السياسي محمد محمود ولد بكار