الخميس
2024/04/25
آخر تحديث
الخميس 25 أبريل 2024

وزير الأوقاف المصري: ندعو لوقف جميع الحروب القائمة

17 يناير 2023 الساعة 17 و00 دقيقة
وزير الأوقاف المصري: ندعو لوقف جميع الحروب القائمة
طباعة

أكد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف المصري في خطاب ألقاه في المؤتمر الأفريقى لتعزيز السلم المقام في موريتانيا على أهمية كل دعوة تقوم على السلام، داعيًا إلى وقف جميع الحروب القائمة التى طالت تبعاتها العالم كله، كما دعا إلى إحلال لغة الحوار والسلام محل آلات الحرب والاقتتال، فديننا يدعونا إلى السلام، حيث يقول الحق سبحانه: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِى السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ"، ووفق مفهومى الموافقة والمخالفة الأصوليين فإن من يسير فى طريق السلم الإنسانى متبعٌ لما أمر الله به عباده المؤمنين، ومن يسلك مسالك الفرقة والشقاق، والتكفير والتفجير، والخوض فى الدماء فسادًا أو إفسادًا، متبعٌ لخطوات الشيطان الذى هو للإنسان عدوٌّ مبين، بل إن من يحيد عن طريق السلم حيث موجباته ومقتضياته فإنه أيضًا متبع لطرق الشيطان بعيد عن هدى الإيمان.

وتابع وزير الأوقاف: "يقول سيدنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ (رضى الله عنه) : لَمَّا قَدِمَ النَّبِى (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) الْمَدِينَةَ انْجَفَلَ النَّاسُ قِبَلَهُ، فَجِئْتُ فِى النَّاسِ لِأَنْظُرَ، فَلَمَّا تَبَيَّنْتُ وَجْهَهُ (صلى الله عليه وسلم) عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ، فَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الْأَرْحَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ".

وأضاف جمعة:"لقد وجَّه النبى (صلى الله عليه وسلم) حديثه إلى الناس جميعًا: "أيها الناس أفشوا السلام"، ففضلًا عن تضمن الحديث ثلاثة أمور إنسانية فى مقابل نافلة تعبدية فإنه قد قدَّم إفشاء السلام على إطعام الطعام وصلة الأرحام والصلاة بالليل والناس نيام، تأكيدًا على أهمية السلام فى حياتنا، فبلا سلام وأمن وأمان لا مجال لإطعام طعام أو صلاة قيام أو صلة رحم، وإن الأمر لأبعد من ذلك، حيث بين نبينا (صلى الله عليه وسلم) أن الأقرب من ربه وعطفه وفضله هو الأسبق من غيره فى بذل السلام وإلقائه وإفشائه، حيث يقول (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِاللَّهِ مَنْ بَدَأَهُمْ بِالسَّلَامِ"، والبدء بالسلام هنا يشمل القول والعمل وليس القول وحده ، كما أن إفشاء السلام لا يكون تاما بالقول دون العمل على إحلال السلام على أرض الواقع وفى دنيا الناس، وقد سمى ربنا (عز وجل) نفسه السلام، فهو السلام، يحب السلام، ومنه نستمد كل معانى السلام، وتحيتنا فى الإسلام مستمدة منه، يقول الإمام البيهقى (رحمه الله) مَعْنَى السَّلَامُ عَلَيْكَ : اسْمُ السَّلَامِ عَلَيْكِ، وَالسَّلَامُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ (عَزَّ وَجَلَّ) فكأنه يُقَالُ: اسْمُ اللهِ عَلَيْكَ، وَتَأْوِيلُهُ لَا خَلَوْتَ مِنَ الْخَيْرَاتِ وَالْبَرَكاتِ، وَسَلِمْتَ مِنَ الْمَكَارِهِ وَالْمَذَامِّ.

وتابع وزير الأوقاف:"لقد أمرنا ديننا الحنيف بإلقاء السلام على من عرفنا ومن لم نعرف، عرفنا شخصه أو دينه أو لم نعرفهما، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "تَقْرَأُ السَّلَامَ علَى مَن عَرَفْتَ ومَن لَمْ تَعْرِفْ".

و أكد وزير الأوقاف فى كلمته على عدة أمور هى :
1- وجوب العمل على نشر ثقافة السلام من خلال برامج تعايش إنسانى على مستوى كل دولة، والعمل معًا على المستوى الإنسانى والدولي، وهو ما يعد مؤتمرنا هذه صورة له وحلقة من حلقاته.

2- التركيز على المشتركات الإنسانية والقواسم المشتركة بين الأديان فى الخطاب الدينى والثقافى والتربوى والإعلامي، وسن القوانين التى تُجَرِّم التمييز على أساس الدين أو اللون أو العرق على جميع المستويات الوطنية والدولية، مع الحفاظ على خصوصية كل دين واحترام مشاعر أهله.

3- العمل على ترسيخ أسس المواطنة المتكافئة فى الحقوق والواجبات على أرضية إنسانية ووطنية مشتركة، وتعميق الانتماء الوطنى لدى أبناء الوطن الواحد، وترقية الشعور الإنسانى وترسيخ أسس التعايش السلمى بين الناس جميعًا.

4- ضرورة الإيمان بالتنوع واحترام المختلف فى الدين أو اللون أو الجنس، فى الحياة بصفة عامة واحترام حقه فى ممارسة شعائره الدينية بصفة خاصة، إذ لا يمكن للإنسان أن يكون فى سلام مع نفسه أو مع الآخرين إلا إذا كان منصفًا للآخرين من نفسه، يعاملهم بما يحب أن يعاملوه به، فالسلام الحقيقى إنما تصنعه النفوس الصافية.

5- إفشاء السلام ليس مجرد إفشاء لفظى إنما هو قيمة وسلوك يتطلبان أن يستحضر من يلقى السلام قيم السلام، وأن يكون فى سلام مع الدنيا وما فيها، مع الإنسان والحيوان والجماد والكون كله، فلا يقطع شجرًا، ولا يحرق زرعًا، ولا يخرب عامرًا، ولا يهدم بنيانًا، ولا يؤذى طائرًا أو بهيمة أو إنسانًا، وهذا ما نفهمه من قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِى السِّلْمِ ‌كَافَّةً".