الخميس
2024/03/28
آخر تحديث
الخميس 28 مارس 2024

محمد المختار ولد اباه ليس فقط اسما بالنسبة لأهل العلم والحلم والأدب…

22 يناير 2023 الساعة 22 و21 دقيقة
محمد المختار ولد اباه ليس فقط اسما بالنسبة لأهل العلم (...)
طباعة

فقد البلد رجلا كبيرا أتحف، بمجهوده العلمي الزاخر وبعناوين جذابة ومواضيع فريدة، مكتبة المطالعة الوطنية بعدة كتب منها: *ترجمة معاني القرآن الكريم إلي اللغة الفرنسية ،
* تاريخ القراءات في المشرق والمغرب،
*تاريخ النحو العربي في المشرق والمغرب...
محمد المختار ولد اباه، ليس فقط إسم بالنسبة لأهل العلم والحلم والأدب…
كان ذلك في نهاية القرن، عندما طلبت منه لقاء حول نشأة الدولة في إطار البحث من مصادر متعددة عن حفلة النشأة حيث ينتابني نهم إلى معلومات تلك الحقبة المطمورة، وقد قادني ذلك البحث لأغلب قادة المرحلة بداية بحمود ولد أحمدُ وأحمد ولد سيدي بابه وشيخن ولد محمد لقظف وهيبةولد همدي ومحمد ولد الشيخ ولد أحمد محمود ،وأحمد بابه ولد أحمد مسكه وأحمد ولد محمد صالح رحمهم الله جميعا والدّي ولد إبراهيم أطال الله في عمره… التقيته في منزله الذي تبرع به لجامعة شنقيط فيما بعد. استقبلني هذا الرجل الثمانيني كأنه يلتقي أحدًا أكبر منه سنا من فرط التواضع. كان لايفتأ يعيد عليّ السؤال نفسه عن حال الأهل بالمفهوم الواسع وعن أشخاص بعينهم مع إطراء مهذب وبسموّ المقام ، ليضفي على مجلسنا حميمية خاصة، ثم يسألني عن أحوال البلد، وكأنه -من حسن أخلاقه- وقع على الخبير.. لم أستطع، من فرط كياسته، أن أتبين موقفه مع أو ضد، و ما إذا إن كان راضيا أم ساخطا…وكان يفلت مني كل مرة بلباقة مغلفة بضحكة غائرة في الصفاء والبراءة تتخلل حديثنا وتترك فيك صدى أريحيا يمنعك من إعادة الكرة حتى ولو لم يكن هو الجواب الذي تريد .
لو التقيته قبل أن تكون قد عرفته لما صدّقت أنه هوّ ،لإنه لا ينبئ عن نفسه بسهولة …
تبادلنا أطراف الحديث على بساط الأدب والتاريخ. حدثني عن الكثير من الأمور التي أوردها في كتابه فيما بعد.. حدثني عن سفره مع عبد الله ولد الشيح سيديا في رحلة الحج (أربعينات القرن الماضي) وعن ظروف نشأة الدولة، وعن رحلتهم للمغرب مرورا ببعض الأحداث بموسوعية واتقاد ذهن لا يخطئ صاحبه أي تاريخ .
تشعب حديثنا وتدحرج وانساح على أديم الأخلاق ولين العريكة والتجربة الغنية وقد خرجت -وأنا الذي تعودت أن أنتزع فوق ما أريد من كل من حادثتهم- بعجز، هذه المرة، ممزوج بارتياح: عجز مؤداه أنني لم أستطع أن أجعله يبوح لي بأي سر رغم معرفتي الكبيرة بظروف النشأة والتاريخ السياسي للبلد ودوره هو في مراحل منه ،والطابع الودي والبحثي للموضوع بهدف نقل التجربة الكبيرة للأجيال كلما سنحت الفرصة، ثم أني لم أكن لأدع سرا "فالمجالس بالأمانة" بالنسبة لما هو خارج البث .
أما مردّ الارتياح أن هذا اللقاء المطول الذي غمرني به أتحفني خلاله بمعلومات لم تكن متداولة بشكل واسع وباستقبال أخلاقي باذخ ينم عن تقدير وكأنه يغريني بالإعجاب ومتابعة نفس الطريق ونفس نمط الكتابة …
وكان لقائي الثاني به حينما لم أستطع أن أكمل بحثي للماجستير في العلوم السياسية في اكاديمية الدراسات العليا في طرابلس بسبب حرب فرنسا والناتو 2011 ضد القذافي، لقد كانت حربا استبق فيها الغرب رواج حرب الخروج عن ملاءة الدولار التي أعلنها القذافي بمفهوم "الذهب كعملة تبادل عالمية بدل الدولار "والتي يقودها بوتين والصين وبقية الحلف الذي سيتشكل حسب الخريطة الجيوبولتيكية ومؤشر النمو الاقتصادي الحالي والإيديولجي النمط المغري للعالم مقابل "الأصولية الغربية " في العالم ،وقد يتبلور كقوة تنهي الهمجية الغربية قبل نهاية نصف القرن الجاري ….فطلبت لقاءه من أجل الانتساب للجامعة، فسبقني، وأنا أحدثه عن مشكلتي، بأنه يرحب بي في جامعته لكن هذا التخصص لا يوجد عندهم، وكحل بديل يقترح عليّ الاكتتاب في الشريعة والقانون. وقد كلفني ذلك العودة للفصل الأول، لكنني عرفت في النهاية أن الجامعة مشروع للخير وليس للتربح، بل لبث العلم في صدور الرجال، فرغم شح الموارد وضيق ذات يد رئيس الجامعة محمد المختار ولد إبّاه، فإنه أعطى تعليماته بأن لا يتم منع طالب من الدروس بسبب عدم سداد أقساطه مع أني لا أعتبر أني معني بذلك …ولذلك تأخر الكثير من مشاريع جامعة شنقيط "الخيرية العلمية ". لقد ظل يمثل النبوغ من عدة أوجه
نرجو له من الله العلي أن يحقق له القصد ويجعله في مقعد صدق عند مليك مقتدر…
إنه لرزء ومصيبة في بيت العز والأدب وثلمة في الدين وفي القطر .لقد فقدت دوحة العلم والأدب أحد اعمدتها وبهوها وفنائها.. نرجوا لهم من الله الصبر السلوان وإنا لله وإنّا إليه راجعون .

الإعلامي والمحلل السياسي محمد محمود ولد بكار