الأربعاء
2024/04/24
آخر تحديث
الأربعاء 24 أبريل 2024

إلى القادمين الجدد

19 أبريل 2023 الساعة 18 و53 دقيقة
إلى القادمين الجدد
محمد فال بلال
طباعة

كل 5 أعوام تنفتح أبواب السياسة لتدخل إليها وجوه جديدة تخوض تجربة تقديم خدماتها إلى الشعب.
هكذا عالم السياسة يحتاج دوريا إلى ضخ دماء جديدة واستقبال قادمين لأول مرة إما بالتعيين أو بالانتخاب. نقول لهم مرحباً، فهذا من حقهم. لكن من واجبهم أن يفكروا مليا في طبيعة المجال الجديد الذي سيدخلونه. وفيما يلي ست (6) وصايا مهمة قد تساعدهم على الدخول الآمن والخروج السلس من هذا العالم الوعِر.
أيها السياسي الجديد،
 الوصية الأولى: احرص على أن يكون دخولك من الباب الواسع. بلا محاباة، ولا محسوبية، ولا رشاوي. لا تقترب من عالم السياسة دون أن تكون لديك مقومات ذاتية وموضوعية للنجاح.
واعلم أن الوصول الآمن إلى أي منصب سياسي أو إداري هو الضامن الأول للنجاح وحسن السمعة والسيرة.
 الوصية الثانية: لا تنس الشرعية. وصولك ليس نهاية المطاف. فبعد أن تصل ستكون في اختبار مفتوح أمام الناس. قبولهم بوصولك لا يكفي. رضاهم عنك هو الأهم لكي تواصل البقاء. ولا تنخدع. لا تصدق كلمات الناس المعسولة لك أو عنك. فالناس يخشون من في السلطة أو من هم قريبين منها. تابع نبضهم. وأشعر بما في وجدانهم. الشرعية هي اقتناع الناس بك، وإحساسهم بأن ما تقوم به يعبر عنهم.
 الوصية الثالثة: تحرر من عقلية الغنيمة. لا تنس أن السياسة مسؤولة عن توزيع الموارد وتخصيص المنافع. والموارد دائماً ما تغري الرجال وتسيل اللعاب. عليك ألا تعتبرها غنائم أتت إليك. إنها موارد للناس، لكل الناس. اعلم أن موارد السياسة ليست للمزاحمة والمقاسمة والنفع الشخصي. وتذكر أن التاريخ حفل بأسماء حول العالم دخلت السياسة بعقلية الغنيمة، وخرجت منها بذكريات أليمة.
 الوصية الرابعة: اهتم بصناعة صورتك العامة. فأنت وجه جديد لا يعلم الناس ما يكفي عنك. سيمهلونك وقتاً حتى يعرفوك. سيتابعون ما تقوله وكيف تقوله ولماذا تقوله. هل تجيد الحديث؟ هل أنت واثق في نفسك؟ هل أنت صادق؟ هل تناقض أفعالك أقوالك؟ صحيح أن جزءاً من صورتك العامة ستصنعه وسائل الاتصال الحديثة. لكن الشعب ليس ساذجا، وسيُكوِّن صورتك العامة بنفسه بعيداً عن أي حملة إعلانية أو دعاية تقوم بها لمصلحتك قنوات أو مواقع أو مغردون.
 الوصية الخامسة: لا تخيب أمل الشعب. فأنت جديد والناس تأمل كثيراً في كل جديد. يتمنون أن يحقق لهم القادمون ما عجز عن تحقيقه الأقدمون. سيطلبون منك كل شيء. فلا تعدهم إلا بما تستطيع. بما تعرف عنه لا بما تجهله. بما تقدر عليه وليس بما تتمناه. أما لو تركت الناس يزيدون توقعاتهم فيك فستكون غالباً أول ضحايا تمنياتهم. سيمنحونك شهر عسل ثم يحاسبونك عن كل كلمة قلتها وكل وعد قطعته. فلا تعد إلا بما تستطع.
 التوصية السادسة: لا تنس أبداً أنك ستدخل يوماً أرشيف النصوص. فأنت كمن سبقك ستكون منذ أول يوم لك في عالم السياسة قصة قيد الكتابة. سيسجل اسمك في ملفات ووثائق ونصوص تُحفظ في أرشيف وذاكرة الوطن. اعلم أنك ماض مؤجل إلى المستقبل. كل ما ستتقدم به من مقترحات وكل ما توقع عليه من أوراق وكل مقابلة تقوم بها وكل قرار تشارك فيه ستتحول إلى وثائق تحدد مكانتك في التاريخ. فاهتم بما تكتب وما تصدره من إجراءات أو تضعه من سياسات. تذكر أن النصوص التي سيظهر فيها اسمك ستبقى من بعدك؛ إما لتدافع عنك أو لتدينك.
وفي الختام، أتمنى لكل قادم جديد إلى عالم السياسة حظا سعيدا، ولمؤسساتنا المنتخبة مزيدا من الكفاءة والاقتدار.
* انظر مقال د.إبراهيم عرفات
في « المشهد ».

محمد فال بلال