الأربعاء
2024/05/1
آخر تحديث
الأربعاء 1 مايو 2024

الحكومة الجديدة والسياقات المتعارضة

9 يوليو 2023 الساعة 15 و27 دقيقة
الحكومة الجديدة والسياقات المتعارضة
طباعة

تعليق خاص بالعلم -
من الواضح أن غزواني راض عن نتائج الانتخابات الماضية التي كان قد صممها على أسوإ سيناريو يمكن أن يستخلص منه صورة الساحة السياسية وهو على أبواب انتخابات رئاسية.
صحيح أنها مجازفة، خاصة بالنسبة لحزمة من التعديلات التي ترخي أصابع القبضة حول إحراز النتائج الحاسمة للحزب الحاكم الخشن والمهمين والحاد في الانتخابات.
ربما كان غزواني يدري -حسب معلوماته الخاصة - أن حزمة الإجراءات الرحيمة التي واجه بها الفقراء أعطته ضمانا بالتصويت لألوانه الحزبية، وهو أمر لم يكن بديهيا (مع فشل الحملة، خطابا ومفردات ومخرجات)، كما أنه ترك الحبل على الغارب لردات الفعل القبلية والجهوية الممتعضة من ترشيحات حزبه، ثم إنه سافر خلال الحملة للخارج ولم يتدخل على أي نحو، وقد كانت النتيجة أن حصل على 60% من أصوات الشعب، وبذلك يكون مع أسوأ سيناريو حقق نتيجة مريحة ومطمئنة على المستقبل.
الكل يعرف أن الدعاية كلها كانت بصورته ومجهوده .
من الواضح أن الحكومة ليست لها علاقة بالانتخابات التي سبقتها لأنها لم تبن على خلاصات المجهود السياسي مع أو ضد الحزب، وباستثناء المختار ولد إجّاي الذي يحسب له -مع عوامل أخرى- النجاح الكاسح والتاريخي للحزب الحاكم في نواكشوط، فلا توجد أي إشارة أخرى للحملة الماضية في الحكومة.
صحيح أن وزراء فشلوا فشلا ذريعا سواء على المستوى السياسي أو على المستوى المهني، وبقوا في مراكزهم الحساسة في الحكومة، أو تم تحويلهم من وإلى رأس وزارت أخرى أو تم ترفيعهم، كما كان هناك من نجحوا بمجهود استثنائي مثل وزير المالية على حملة لكصر وإن كان وزير المالية له مزايا كبيرة من خلال ترشيد النفقات وتنظيم المداخيل والتحكم في التضخم وتنظيم المديونية، وكذلك مستشار الرئيس محمد الأمين ولد سلمان على حملة تفرغ زينة التي كانت تحدي كبير للنظام، وبقوا في أماكنهم .
يحمل تعيين ولد إجّاي وزيرا مكلفا بالديوان اهتماما مبالغا فيه من طرف غزواني -ففي تاريخ البلد كانت من نصيب سيدي محمد ولد بوبكر عهد معاوية الأخير تمشيا مع لبروتوكول لأنه كان وزيرا أولا -يحمل الكثير من الدلالات على أهمية الرجل حاليا ومستقبلا بالنسبة لغزواني، وعلى الأقل فقد ارسيت الثقة عليه، كما تظهر جلية الثقة الممنوحة للناني ولد اشروقة في تعيينه على وزارة المعادن.
ومن جهته، يعد تعيين حمود ولد امحمّد على رأس تآزر بعد ما نقل فكرة التنقيب الأهلي من مجهود فردي فوضوي إلى موسسة قوية منظمة تشارك في المجهود الاقتصادي الوطني والانتخابي، محاولة توظيفية لعمل التآزر التي ظلت تائهة عن صلب دورها.
لقد حملت الحكومة الجديدة صدمة كبيرة بالنسبة لسقف الطموح والتوقعات التي تنتظرها النخبة الوطنية أمام كل حدث مهم، ومع ذلك حملت أيضا تغييرات باهتة لكنها ظلت مهمة في جوانب أساسية تتعلق بالقطاعات الأساسية مثل الصيد والزراعة والتنمية الحيوانية، كما لم يحمل الداخلون والخارجون أي ملامح لتصور جديد أو تصميم جديد في نمط التسيير أو الفاعلية، كما يلاحظ خروج إسماعيل ولد الشيخ أحمد من التغييرات الجديدة التي طالت القصر الرئاسي رغم ما سير به وظيفته من دقة وإخلاص.
أعادنا غزواني للمربع الذي لا توجد فيه نقاط مرجعية لفهم ما يدور على الأقل بالنسبة للتعيينات ولا بالنسبة للعمل بمبدأ المكافأة والعقاب.
إننا أمام رئيس ما زال يعتقد أنه أكثر حكمة من الجميع، وأنه يتصرف على دراية بالحقائق، حتى وإن كان الانسجام قائم على عدم نكران ذلك نسبيا، فإننا بحاجة لخريطة طريق ولنقاط مرجعية أو لإشارات توضح الطريق.
الكل اليوم في البلد لم يعد يفهم شيئا بالنسبة لتصورات غزواني عن المستقبل، كما أن التعاطي مع النخبة ومفاهيمها للتغير ومفردات العصر لم تحظ بالعناية اللازمة في هذه الحكومة.
لقد اتضح بما لا يدع مجالا للشك أن غزواني لا يريد فتح نظامه، إنه يعتمد على قاعدة معلومات وعلى خلّص من رفاقه في الرأي في تسيير البلد، وهذا مخالف لقواعد الانفتاح التي يعتمدها.
لم تعتمد الحكومة أيا من إشارات المغازلة للمعارضة ولا أي نوع من صيغ الشراكة مع الأغلبية باستثناء تثبيت الوزيرة مدى الحياة وإن كان مبررا بمجهودها السياسي، ومع ذلك يبقى السؤال العريض: أيكم فهم شيئا! أهي حكومة سياسية أم حكومة مهنية؟

التحرير