الاثنين
2024/05/6
آخر تحديث
الاثنين 6 مايو 2024

المزارع القاسم ولد صمبه..حلم نواكشوط الخضراء

15 دجمبر 2023 الساعة 17 و14 دقيقة
المزارع القاسم ولد صمبه..حلم نواكشوط الخضراء
طباعة

خاص العلم -
تشكل المشاتل والحدائق أحد أهم مظاهر التحضر والمحافظة على البيئة في المدن الحديثة، وذلك للدور الجمالي والصحي الذي تلعبه، وقد كانت حدائق السبخة المعروفة بـ"لحرايث" أحد أهم هذه المظاهر في العاصمة نواكشوط.
مؤخرا تحولت الكثيرة هذه الحدائق نتيجة للإهمال وعوامل التعرية إلى مكب للنفيات والمواد منتهية الصلاحية، غير أن جزء يسيرا من المزارعين ما زال يحافظ على جانبه من هذه المزارع، ومن ذلك أصحاب المشتلات ومزارع النعناع والخضروات.

في هذا السياق التقت مؤسسة العلم بالمزارع القاسم ولد صمبه وهو صاحب مشتلة ومزارع تقليدي، قرر أن يَحكي لَنا عن سيرته الذاتية مع زرع الأرض وَرَيِّ النباتات في مشتله الواقعة قُبالة وزارة البترول والمعادن والطاقة, وعن منظوره للطبيعة الخضراء كصاحب مشتل يحمل حلم مدينة خضراء يتمتع فيها كل منزل بحديقة خاصة, أو شجرة يستظل بظلها وتمثل جزء لا يتجزأ من رئة مدينة يقول عنها القاسم في الراهن " تفتقر إلى الكثير من الأشجار والورود".

يبدأ القاسم روتينه اليومي بمشتله مُقَلِبًا الأرض باعثا فيها الحياة من خلال رَيِّها بِصُمْبُور ماء يتمازج فيه الماء والعرق المُتَصبب من جبينه كزيتونة بُعيد المطر، واضعا في أكياسه الورقية ما استطاع من طين الأرض والسَّماد العضوي مُهَيِئًّا إِيَاه لاحْتِواء براعم الزهور وبُذور الأشجار المنزلية باذلا جُهده الجَهيد في توفير حاجة الأرض والإنسان من ألوان الحياة التي تَزْخر بها مشتلته.

بدأ القاسم رحلته الخضراء بهذا المَشْتَل في سِنٍ مبكر مع والده بعد أن ترك مقاعد الدرس وقرر الإنخراط في عمل ترميم أعطاب الطبيعة التي أَحدثتها التَّقلُبات المناخية وعوامل التعرية...

بدأت مسيرة القاسم كَحَدَائِقي بمقر قيادة الدرك الوطني الموريتاني, لينتقل بعدها إلى العمل مع مؤسسات خصوصية بمَشورة من والده وبن عمه اللذين كان تحت إمرتهما في مشتلة العائلة، والتي يشرف عليها حاليا ابن عمه بعد وفاة الوالد، وقد تخللت هذه المسيرة الكثير من الصعوبات التي يرى القاسم بأنها كانت السبب في صَقْلِ قدرته على الإِنْتاجية والإقبال بشغف على هذا العمل.

يتحدث القاسم عن إقبال شبه مضطرب لزبناء مشتله، فهم على حد قوله في تزايد مُبَّشر خلال فترة بداية العودة إلى المدارس وشبه منعدمين خلال فترات الصيف وبضْعٍ من الخريف.

ويرجع ذلك إلى كون الناس لا تستخدم هذه النباتات والورود غالبا إلا كديكور لتزيين واجهات المنازل والمؤسسات والمتاجر تذبل بعدها المظاهر الخضراء منها بزوال الحاجة إلى وجودها.

يطمح القاسم إلى امتلاك مجموعة مشاتل على أرض خاصة تُمَكِنه من الإسهام في صناعة بيئة طبيعية في ظل عام يوشك أن يقع في هوة الأزمات المناخية الناتجة عن غياب الغطاء النباتي والاستخدام المفرط للثروات الطبيعية لكوكب الأرض مترجما بذلك الصورة الأنسب لسفير النوايا "الخضراء" الحالم بعالم أكثر رحابة بالحياة وظروف العيش الكريم.

يرى ولد صمبه أن ارتفاع درجات الحرارة في نواكشوط أغلب فصول السنة عائد أساسا إلى ندرة الغلاف النباتي وعدم اهتمام الناس بزراعة الأشجار وإنشاء الحدائق المنزلية، حيث يندر الاهتمام بهذه الحدائق في أغلب مناطق نواكشوط، باستثناء الأحياء الراقية ومباني الإدارات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية على حد قوله.