الخميس
2024/05/2
آخر تحديث
الخميس 2 مايو 2024

تائه يبحث؟! (الحلقة: 14)

1 أبريل 2024 الساعة 17 و43 دقيقة
تائه يبحث؟! (الحلقة: 14)
لمرابط ولد لخديم
طباعة

التفكير السليم:
وعليه فالفكر أو الإدراك أو العقل هو نقل الواقع عن طريق الحواس إلى الدماغ، مقترنا بمعلومات سابقة تعين على تفسير هذا الواقع.
وبهذا يكون علماء الشيوعية قد أخطئوا لأنهم لم يفرقوا بين الإحساس والانعكاس، وان عمليه التفكير لم تأت من انعكاس الواقع محل الدماغ، ولا من انطباع الواقع على الدماغ، وإنما جاءت من الإحساس، والإحساس مركزه الدماغ، ولولا الحس بالواقع لما حصل أي فكر ولما وجد أي تفكير بدليل أنه لا يوجد انعكاس بين المادة والدماغ فلا المادة تنعكس على الدماغ ولا الدماغ ينعكس على المادة لأن الانعكاس يحتاج إلى وجود قابلية الانعكاس في الشيء الذي يعكس الأشياء كالمرآة، وكآلة التصوير، فإنها تحتاج إلى قابلية الانعكاس عليها، وهذا غير موجود لا في الدماغ، ولا في الواقع المادي، فالمادة لا تنعكس على الدماغ ولا تنتقل إليه بل الذي ينتقل هو الإحساس بالمادة إلى الدماغ بواسطة الحواس، ولا فرق في ذلك بين العين وغيرها من الحواس، فيحصل من السمع واللمس والذوق والشم. فالإنسان إذا يحس بالأشياء بواسطة حواسه الخمس، ولا تعكس على دماغه الأشياء وبهذا يكون علماء الشيوعية وهم وحدهم الذين حاولوا معرفة واقع العقل قد أخطئوا حيث أنهم لم يفرقوا بين الإحساس والانعكاس والخطأ لم يكن ناجما عن عدم التفريق بين الإحساس والانعكاس فقط، وإلا لكانوا اهتدوا إلى أن المسألة هي إحساس وليست انعكاسا، بل أساس الخطأ، وأساس الانحراف ناتج عن إنكارهم أن لهذا لوجود خالقا فلم يدركوا أن وجود معلومات سابقة عن هذا الواقع شرط ضروري لوجود الفكر أي شرط ضروري لوجود العقل(80).
ولعل ما ذهب إليه عالم الفسيولوجيا والكيمياء الحيوية الدكتور(لتراوسكارلندرج) وغيره يكشف جانبا من هذه الأخطاء العقدية حيث يقول:
«أما المنشغلون بالعلوم الذين يرجون الله فلديهم متعة كبرى يحصلون عليها، كلما وصلوا إلى كشف جديد في ميدان من الميادين، إذ أن كل كشف جديد يدعم إيمانهم بالله، ويزيد من إدراكهم وإبصارهم لأيادي الله في هذا الكون»
ويرجع (لتراوسكارلندرج) إعراض بعض العلماء علية المبادئ عن الإيمان بالله رغم وضوح الأدلة التي تقود إليها الأبحاث في كل مجالات العلم إلى أسباب لا صلة لها بالبحث العلمي وخص منها:
1 _ ما تتبعه بعض الجماعات أو المنظمات الإلحادية، أو الدولة من سياسة معينة ترمي إلى شيوع الإلحاد، ومحاربة الإيمان(81) بسبب تعارض عقيدة الإيمان بالله مع صالح هذه الجماعة ومبادئها.
2ـ_ المعتقدات الفاسدة التي تجعل الناس منذ الطفولة يعتقدون باله على صورة الإنسان بدلا من الاعتقاد بان الإنسان قد خلق خليفة الله على الأرض، وعندما تنمو العقول بعد ذلك وتتدرب على استخدام الطريقة العلمية فإن تلك الصورة التي تعلموها منذ الصغر لا يمكن أن تنسجم مع أسلوبهم في التفكير أو مع أي منطق معقول»(82)..
يقول كانت الفيلسوف الألماني في هذا الصدد:
«وعلى الرغم من أن كل ما نصادف من تجارب لا يمكن فهمه وتفسيره إلا إذا صغناه بعبارات الزمان والمكان والسببية فلن تكون فلسفة صحيحة إذا فاتنا أن هذه ليست أشياء واقعة ولكنها وسائل لتفسير التجارب وفهمها فقط».
ويقول العالم البريطاني سير جيمس جينز في كتابه (عالم الأسرار):
«إن في عقولنا الجديدة تعصبا يرجح التفسير المادي للحقائق»(83).
ويرى عالم أمريكي آخر أن العقيدة الإلهية ليست ضد الحرية الفكرية وذلك يقوله «إن كون العقيدة الإلهية معقولة وكون إنكار الإله سفسطة لا يكفي ليختار الإنسان جانب العقيدة الإلهية، فالناس يظنون أن الإيمان بالله سوف يقضي على حريتهم، تلك الحرية العقلية التي استعبدت عقول العلماء، واستهوت قلوبهم، فأية فكرة عن تجديد هذه الحرية مثيرة للوحشة عندهم»(84).
ويتفق العالم الأمريكي سيسيل مع كانت في هذا الاتجاه حيث يقول «إن الطبيعة لا تفسر شيئا (من الكون)، وإنما هي نفسها بحاجة إلى تفسير». كان ذالك رأي طائفة من علماء الغرب أما الطائفة الثانية....

يتواصل...
ملخص الحلقة:
التفكير السليم: يتطلب فهم الفارق بين الإحساس والانعكاس، حيث يتم نقل الواقع من خلال الحواس إلى الدماغ، ويتضمن الفهم الصحيح للواقع معلومات سابقة تساعد في تفسيره. علماء الشيوعية أخطأوا بسبب عدم فهمهم لهذا الفارق، وهذا يؤدي إلى تبني معتقدات مادية تناقض الإيمان بوجود الله.
البحث العلمي يمكن أن يؤكد الإيمان بالله بدلاً من أن يتعارض معه، وتفسير الظواهر الطبيعية لا ينفي وجود الله، بل يمكن أن يزيد من إيمان الإنسان بالله.

لمرابط ولد لخديم