الاثنين
2024/05/20
آخر تحديث
الاثنين 20 مايو 2024

ضوء على التنافس الرئاسي

10 مايو 2024 الساعة 16 و26 دقيقة
ضوء على التنافس الرئاسي
المحلل السياسي أحمد الحسن
طباعة

يترقب الشارع الموريتاني بعد أقل من شهر ونصف ،تنظيم انتخابات رئاسية يترشح فيها الرئيس الحالي للبلاد؛ محمد الشيخ الغزواني لمأمورية ثانية وينافسه رئيس أكبر أحزاب المعارضة واكثرهم تمثيلا برلمانيا رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية تواصل وهو الرئيس الحالي لمؤسسة المعارضة الديمقراطية .
كما ينافس في السباق الرئاسي الحقوقي ،رئيس حركة إيرا ؛ بيرام الداه اعبيد والمحامي العيد محمدن أمبارك والإداري المرشح السابق المرتجي الوافي والاستاذ الجامعي نور الدين محمدو والطبيب سومارى اتوما وآخرين...
واكتفى الرئيس محمد الشيخ الغزواني في إعلان ترشحه برسالة مطولة تضمنت محاور عديدة على رأسها التذكير بالالتزام الانتخابي وما تحقق منه على أرض الواقع وأنه سيواصل في تجسيد ما تبقى منه ،تحدث في محاربة الفساد وعن الشباب ووصف المأمورية الثانية أنها تحمل همومهم وستكون بهم .
للرئيس الحالي حظوظ في الفوز لمأمورية ثانية نظرا لما حققه نظامه من إنجازات سياسية واجتماعية واقتصادية كان لها الاثر الكبير على الفئات الهشة وساهمت في المشاركة السياسية الفاعلة للشباب والنساء وذوي الاحتياجات الخاصة وما تم على مستوى محاربة مظاهر سوء التسيير وضعف الحكامة وهو ما ترجمته المعطيات الواقعية في البرلمان وفي مراكز صنع القرار المختلفة ،هكذا يتحدث النظام وأطراف حكمه السياسي .
فيما يرى خصومه وخاصة المرشحين بيرام والعيد ونور الدين؛ أن هذا النظام مكن للفساد والمفسدين ويفتقد للحكامة الجيدة وجسد مختلف مظاهر الغبن والدكتاتورية ولم يعطي الفرصة للممارسة الديمقراطية الشفافة والنزيهة مذكرين بحرمان الأحزاب من الترخيص القانوني ،مؤكدين أن النظام يخاف المنافسة الديمقراطية ،في الوقت الذي يعتبر النظام عن طريق الوزير المكلف بالداخلية أن نظام ترخيص الأحزاب السياسية لابد أن يخضع لآليات تمنع التمييع وتجعل قواعد موضوعية للتعددية الحزبية وهو ما يقول النظام أنه يعمل عليه حاليا من خلال إصلاحات قانونية على قانون الأحزاب يكون أكثر واقعية وموضوعية مثل ما هو موجود في أغلب البلدان .وقد سبق أن نظمت الداخلية واللامركزية ايام تشاورية مع الأطراف المعنية بهذا الخصوص وخرجت بتوصيات حول الموضوع .
فأي تنافس سياسي منتظر ؟
يحظى الرئيس محمد الشيخ الغزواني بدعم حزب الإنصاف وهو الذراع السياسي للنظام وأكثر الأحزاب تمثيلا في البرلمان حيث يتمتع بالأغلبية البرلمانية كما تدعمه أحزاب الأغلبية الأخرى بعضها ممثل في البرلمان وبعضها غير ممثل وأحزاب قيد التأسيس وتيارات ومبادرات كثيرة وهو يؤكد حظوظه في الفوز في الانتخابات الرئاسية القادمة.
الا ان شعور النظام حقيقة بالتقصير في تنفيذ برنامجه الانتخابي وليس الخطاب الموجه للشباب الذي يؤكد أن المأمورية القادمة هم عنوانها الأبرز إحساسا بالغضب اليأس الذي تشعر به الفئات الشبابية في موريتانيا .
كما أن مشكل الفساد وعدم التمكين والتساوي في الفرص يشكل تحديا كبيرا أمام البرنامج السياسي للرئيس الحالي خاصة في عواصم المدن المتحضرة نسبيا والولايات الداخلية .
في الوقت الذي يظهر الرئيس الحالي بهذا الكم من الدعم ،يظهر إلى جانبه رئيس حركة إيرا بيرام الداه اعبيد الذي يحظى بدعم حزب الرگ قيد التأسيس وحزب قوى التغيير وحركات شبابية أخرى وهذه المرة يبدو لديه دعم وتأييد واسع من شرائح وطنية كانت إلى عهد قريب بعيدة منه وتنظر إليه كشخص فئوي ..ربما هذه قوة إلى قوته الجماهيرية الثابتة .
ويتبع كل مترشح الان مقاربة سياسية خاصة يرى أنها الوسيلة الأمثل لكسب قلوب الجماهير وإقناعهم.
يتبع الرئيس محمد الشيخ الغزواني اسلوب الاستعراض للانجازات المحققة والتي قيد التشييد والبناء ويقوم كل من بيرام والعيد بزيارات ميدانية الاول يركز على انواكشوط مدينة الوعي والعاصمة السياسية للبلد والثاني يقوم بجولات في الداخل ويبسط برنامجه الانتخابي لتلك الفئات الاجتماعية هناك .
فيما يتبع نور الدين محمدو أسلوبا آخر يركز فيه على الشباب ويعتمد فيه على المثالية التي يعيشها بعضهم .
يعتبر هؤلاء من أبرز المرشحين واقدرهم على التنافس الرئاسي من حيث البرامج والرؤى والتجربة بالرغم من التحديات التي تواجه بعضهم ولأول مرة في إطار التزكيات التي يقوم بها العمد والمستشارين البلديين لصالح المترشحين .
وحتى اللحظة لم يتقدم بملفه للمجلس الدستوري بعد استكمال الإجراءات إلى ثلاثة مرشحين فقط يتقدمهم الرئيس؛ محمد الشيخ الغزواني والمرشح؛ المرتجي الوافي والمرشح حمادي سيد المختار؛ رئيس حزب تواصل .
ستكون هذه الانتخابات قوية وسيحتدم فيها التنافس مرشح النظام وتواصل والمرشح بيرام والعيد ونور الدين .
وقد القواعد الشعبية العريضة والتي ستنقسم بين المرشحين وخاصة فئة الشباب منهم ،اتوقع أن يكون النصيب الأكبر فيها بين مرشح تواصل وبيرام والعيد ونور الدين، خاصة فئة الشباب ،مما قد يجعل النظام في معركة صعبة تستدعي تقديم خطاب جدي ونموذج انتخابي مقنع وحتى رجالات على مستوى الثقة والقبول الذي يرضي الفئات الاجتماعية المختلفة خاصة الشباب والطبقات المهمشة .
سيواجه النظام صعوبات انتخابية كبيرة في العاصمة انواكشوط ومدينة أنواذيب وروصو وسليبابي والضفة عموما وحتى في لعصابة وبعض الولايات الداخلية نظرا لوجود مرشح تواصل .
الجديد في هذه الانتخابات أيضا هو تركيز كل مرشح على الشباب وكل رهانهم عليه وذلك لاحساسهم الكبير بحجم الإحباط الذي اصيب به في ظل السلط السياسية المتعاقبة على الحكم في البلاد منذ تأسيس الدولة إلى الآن والذي تعزز في وجهة نظر بعض المحللين السياسيين وقراءات بعض الصحافة الانقلاب الاول في موريتانيا وهيمنة "قادة الضباط" على الحكم .
ونظرا لهذا الاهتمام المتزايد لدى المترشحين بالشباب والمعطيات السياسية سابقة الذكر ،يرجح أن تكون في الاستحقاقات الرئاسية المنتظرة قوة في التنافس وحدة في الخطاب وقوة في الطرح خاصة أن من بين المترشحين من يعرف باللهجة الحادة والهجوم على السلطة ومنهم من تعرفه المحاكم المدنية والجنائية مرافعا ومطالبا بالحقوق ومبيننا لأوجه الاختلال ولاشك. سيكون لذلك التأثير الكبير على مستوى الخطاب وليس خطاب جنوب البلاد في ضواحي كرمسين ببعيد عنا حيث وصف المرشح والمحامي العيد محمدن النظام بالفاسد ،المفسد العاجز عن القيام بدوره وما هذه الا بداية لاحتدام الصراع السياسي .
ستخف حدة الخطاب السياسي لدي كافة المنافسين بعد الانتخابات وسيدخلون في مفاوضات خاصة من أكدت الانتخابات وجود قواعد شعبية له .
وفي الوقت الذي يهتم المرشح نور الدين باستعراض مشروعه السياسي وأنه يمتلك أكثر من سبعمائة فكرة إصلاحية كما يطلق عليها ويهتم المرشح العيد بمشكل الفساد والطبقات المهمشة ويتحدث ول عبدالعزيز عن الفساد السياسي والأخلاقي للحكم وباقي المرشحين الآخرين من من يتبنى هذه الأفكار ويزيد ،يبقى المرشح بيرام ينفرد بقوة الخطاب ويحظى بشعبية ثابتة وأخرى في تنامي مهم على باقي المنافسين أن يضعوا ذلك في الحسبان .
ومهما يكن يبقى الرئيس ولد الشيخ الغزواني ذا قابلية بالفوز في الاستحقاقات المقبلة نظرا لكون الحملة المنافسة فيها على كرسي الحكم والنظام مدعوم من حزب الكرامة والذي يتمتع بشعبية عريضة في مدينة أنواذيب تصوت للعمدة والنائب البرلماني القاسم بلال وهذا ما يزيل المخاوف من تدني نتائجه في هذه المدينة الحرة !
ويحظى فيها حزب الإنصاف بنسبة معتبرة ،بالتالي قد تشهد تنافس كبير بين مرشحين فقط هما ولد الغزواني وبيرام .
المرشح بيرام صاحب شعبية كبيرة وثابتة والأخرى المتنامية قد تشكل المفاجئة .
كما يمتلك تواصل قواعد شعبية هي الأخرى ثابتة تصوت له بغض النظر عن المرشح المقدم من طرفه وبالتالي هذه الأخرى تأخذ في الحسابات السياسية ينبغي الإنتباه لها من طرف النظام الحاكم .
رئيس تواصل قد لا يكون سياسيا مخضرما ولكن معه سياسيين مخضرمين ويعرفون الساحة السياسية الموريتانية بدقة وقد يكون هذا مؤشر يهدد مرشح النظام ويؤدي به إلى شوط ثاني تؤكده المعطيات السياسية .خاصة أن مرشحين منهم من لديه تجارب سابقة في السباق الرئاسي والخبرة السياسية الكفيلة بجعله منافسا قويا للنظام خاصة بيرام ؛
يحظى المرشح العيد بدعم حزب جود والذي له تمثيل برلماني لابأس به وظهرا خيرا نظرا لبعض القوى الشبابية التي ترشحت منه في الانتخابات التشريعية والبلدية الماضية وبعض الحركات الشبابية الراديكالية كحركة نستطيع وحزب اتحاد قوى التقدم ولكن الاخير يبقى تأثيره ضعيف وحتى" نستطيع " ليست بذاك التأثير الكبير في المشهد السياسي .

وعموما الراجح هو شوط ثاني في الانتخابات المقبلة في حالة وقوعه سيكون بين مرشح النظام وبيرام وقد يكون مع مرشح تواصل في حالة كان التراجع للحراك الأيديولوجي ضعف حسب بعض المصادر والقراءات .
وفي حالة صعود أحد هؤلاء إلى شوط ثاني لاشك أن المتنافسين الآخرين سيدعم أغلبهم مرشح المعارضة إلا أن بعضهم الآخر سيدعم مرشح النظام وبالتالي الاحتمالات تظل مفتوحة وقابلة للقراءة والتوقع ...
المحلل السياسي أحمد الحسن