الخميس
2024/04/25
آخر تحديث
الخميس 25 أبريل 2024

محلل سياسي دولي: إذا نجح مرشح النظام في موريتانيا فهذا يعني أن التغيير قد فشل

20 يونيو 2019 الساعة 10 و45 دقيقة
محلل سياسي دولي: إذا نجح مرشح النظام في موريتانيا فهذا (…)
أسامة عجاج
طباعة

القواسم المشتركة بين الانتخابات الرئاسية مطلع الأسبوع المقبل في موريتانيا عديدة، والاختلافات قد تكون معدومة، فهي أبعد ما تكون عن الديمقراطية بصورتها المستقرة في دول عديدة من العالم، من بينها بعض الدول النامية، ونماذج كثيرة نشهدها من خلال متابعة ما يجري في عدد من الدول الإفريقية على سبيل المثال لا الحصر، أقول هذا حتى نستبعد الأسطوانة المشروخة حول فكرة تراكم فعل الممارسة الديمقراطية، أو شماعة أن الشعوب العربية ليست جاهزة لمثل هذا الأمر، وفي موريتانيا نشاهد تعددية في المترشحين لمنصب الرئاسة، فالعدد وصل إلى ستة مترشحين، ومراكز اقتراع ومعارك انتخابية، وجولات للمرشحين، وبرامج مطروحة، وحراك سياسي، ولكنه في النهاية قد يمثل قشور مظاهر العملية الديمقراطية، دون مسار حقيقي يؤدي إلى فكرة تداول السلطة، والفرص المتساوية أمام المترشحين، وحياد الحكومة والبقاء على مسافة واحدة من الجميع، وممارسة التزوير ليس بمفهومه القديم الذي انحسر نسبياً، بفعل الإجراءات القانونية، واسترضاء لجنة الانتخابات للسياسيين، لكن بمفهومه الحقيقي وهو التأثير السلبي على إرادة الناخبين، وقد تطورت أشكاله وأساليبه بشكل لافت عبر شراء الذمم والتأثير على الموظفين، والضغط على المواطنين من قبل النظام الحاكم في موريتانيا.
وفي موريتانيا نشاهد نفس المثالب والنواقص التي نعاني منها في كل انتخابات عربية، والشواهد عديدة، والأدلة لا تخطئها العين ونتوقف عند بعضها:
ولعلني هنا أتوقف عند المعارضة باعتبارها تحمل لواء التغيير أمام مرشح النظام، أو حامل لواء «ليبقي الحال على ما هو عليه»، لنجد أن المعارضة في موريتانيا ليست أفضل حالاً من مثيلاتها في غيرها من الدول العربية، حيث تعاني من الانقسام والتشتت، وعدم الاتفاق على برنامج الحد الأدنى، والاتفاق على مرشح واحد يمكن أن يمثل مع قليل من الجهد منافساً حقيقياً في الانتخابات، مع توافر فرص كبيرة لنجاحه، والمستفيد دائماً هو النظام القائم، خاصة أن المنافسة الحقيقية بين اثنين من المترشحين الستة، وهما المترشح محمد ولد الغزواني المدعوم من النظام، والذي يحظى بالتأييد العلني من الرئيس المنتهية ولايته في أغسطس المقبل، وبعض أركان حكمه، والثاني هو رئيس الحكومة الأسبق سيدي محمد ولد بوبكر المدعوم من الإسلاميين، وأحزاب قومية وتيارات شبابية، وقد أظهرت المهرجانات الانتخابية له أنه منافس قوي، يمتلك شعبية واسعة ودعماً قوياً من عدة أحزاب إسلامية وقومية وتيارات شبابية.
ودائماً ما يعزف مرشح الحكومة على نفس النغمة، فتصريحات الغزواني لا تختلف عن غيره من مرشحي السلطة في العديد من الدول العربية، بل تتطابق، حيث ينفرد من بين المترشحين بالتركيز على موضوع الأمن والاستقرار، إذ وعد بضبط الأمن ومواصلة منح القوات المسلحة وقوات الأمن الإمكانيات لتوفير الأمن والاستقرار، وأكد الغزواني أن موريتانيا تعيش وسط منطقة مهددة بالإرهاب، وهي مقاربة مجربة نجح فيها آخرون، تتجسد في سياسة تخويف المواطنين والتحذير من فوضى موجودة فقط في أذهان الطبقة الحاكمة، يضاف إلى ذلك أن العملية الانتخابية تفتقد الحد الأدنى من الشفافية، خاصة مع العديد من الملاحظات التي أبدتها المعارضة، حيث تم رفض كل مطالبها ومنها تمثيلها في اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، والتحفظ على توفير مراقبة دولية للانتخابات، رغم استعداد جهات عديدة دولية وإقليمية للقيام بذلك، ومنها أيضاً إسناد عملية طبع بطاقات الانتخابات لشركة يملكها أحد المؤيدين للحكومة.
موريتانيا أمام سيناريوهين، الأول أن تستطيع المعارضة بمختلف أطيافها ومرشحيها أن تضمن حداً من نزاهة الانتخابات والثقة فيها، يؤهلها لخوض مرحلة الإعادة،، ويكون النظام مرغماً أو مستعداً للقبول بانتصارها، وهنا ستنتقل موريتانيا إلى مرحلة إعادة تأسيس جديدة، أما السيناريو الثاني فهو أن ينجح مرشح النظام في الاحتفاظ بالسلطة، وهذا يعني أن التغيير قد فشل، وفي هذه الحالة لن تستطيع المعارضة الاستمرار بصورة جادة في لعب دورها السياسي في المستقبل، ونحن في انتظار كلمة الشعب الموريتاني.