لمن لا يعرفون عزيز

سيدي علي بلعمش
خلال حملته الرسمية المتبجحة ، المتجاوزة لكل القوانين ، التي دامت أكثر من 4 أشهر و في برنامجه المكتوب، المعد ربما من دون علمه، لم يتكلم ولد الغزواني عن أهم أمرين : المال (الفساد) و القوة (مليشيات عزيز) . و كل هذا يؤكد فحوى ما سيأتي في هذا المقال.
كل من يتكلمون اليوم عن أخطاء الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله التي أسقطته و كل من نصحوه و لم يأخذ بنصائحهم التي ثبتت صحتها في ما بعد، يقولون إن كان عليه أن "يبعد" ولد عبد العزيز من أول وهلة: لا يمكن إشراك ولد عبد العزيز في الحكم و لا في أي شيء آخر : إذا لم تكن قادرا على إخراجه من أول وهلة فتأكد أنه سيخرجك بعد حين. و من أهم مهارات ولد عبد العزيز ، معرفة نقاط ضعف من يختارهم و معرفة طرق استغلالها. كل من يتكلمون اليوم عن مخارج ولد الغزواني المحتملة ينسون أنه (غزواني) اختيار عزيز و ليس اختيارهم بل ينسون أن دعمهم له كان بتخطيط عزيز، وعوها أو لم يعوها : دعاية "يتمسكن حتى يتحكم" كانت من إنتاج عزيز و ليس من بين من دخلوا صفوف حملته من خارج أناس عزيز من لم يطلب إذن الأخير في لقائه و في ما يمكن أن يكلفه به في حملته.
من يعتقدون اليوم أن ولد عبد العزيز ينتظر ما سيفعله ولد الغزواني ليقرر كيف سيتصرف ، واهمون .
و يتحث كثيرون الآن عن شروخ ستظهر في علاقة الاثنين خلال الأشهر الأولى . كل هذه القراءات يجهل أصحابها حقيقة ولد عبد العزيز : سيصدم الكثيرون عند تشكيل أول حكومة و سيفهمون أن ولد عبد العزيز هو الحاكم الفعلي و هو المتحتكم في المؤسسة العسكرية و هو الموجه لسياسة البلد من ألفها إلى يائها و بشكل مباشر و معلن ، لا يترك لغزواني أكثر من نصيب يتمثل في بعض المناصب لأقاربه و بعض الامتيازات الشخصية.
الوزراء ليسوا هم حكومة ولد عبد العزيز الحقيقية بل هم حكومة دعايته و سيظهر لكم ذلك بوضوح : حكومة عزيز هي : مدير سنيم ، وزير الصيد، محافظ البنك المركزي، وزير المالية ، أهل غدة، ولد امصبوع، الحالة المدنية ، تكيبر، البرلمان، المفتشية العامة للدولة، بازيب، مليشيا قوة أمن المطارات و مليشيات مدنية أخرى.
الكتيبة البرلمانية التي أسقطت سيدي ولد الشيخ عبد الله، ستكون جاهزة و بعدد أكبر لإسقاط ولد الغزواني عند أول تفكير في حل البرلمان أو الخروج عن تعليمات عزيز و ستكون مهمتها تبرير انقلاب بنفس الذريعة الغبية و سترون أن غباءها ليس عيبا عند العالم و حينها فقط ستفهمون نفوذ من رهن عزيز الاقتصاد الموريتاني لديهم مدة نصف قرن مقابل عمولاته الخاصة.
قناعتي الكاملة، أن ولد الغزواني لا يملك خطة و لا يبحث عنها و لا يمكن أن يفكر في إبعاد عزيز لا على المدى القصير و لا على المدى البعيد. و إذا كان هناك تفكير من هذا القبيل على مستوى المؤسسة العسكرية و هو احتمال قائم ، فسيتم تنفيذه بدقائق بعد تسلم الحكم.
الخوف شيء إنساني و طبيعي و يكذب كل من يقول إنه لا يخاف لكن الشجاعة هي أن لا تترك الخوف يفقدك القدرة على التفكير في الخروج من الخوف و هنا نقول إن ذكاء غزواني الذي يتحدث عنه البعض ، لا قيمة له ما دام الخوف يفقده القدرة على استخدامه. هذا لو افترضنا أن غزواني يبحث أصلا عن حل غير بقاء عزيز.
لا يؤمن ولد عبد العزيز بالصداقات و لا بالوفاء و هذا هو ضعفه و قوته : ضعفه لأنه لم يستطع أن يصنع قطبا يحبه و يدافع عنه و قوته لأنه لم يعط أي فرصة للغدر به.
و المؤكد الآن ـ و نحن على بعد أيام فقط من تسلم غزواني لجثة الحكم ـ هو أن موريتانيا تتجه حتما إلى أزمات خطيرة : بين الجيش و مليشيات عزيز .. بين غزواني و مؤيديه .. بين العصابة و المعارضة .. بين المعارضة الحقيقية و المعارضة المزورة . . بين البرلمان و غزواني .. بين "الحكومة" و الشارع ..