الخميس
2024/04/18
آخر تحديث
الخميس 18 أبريل 2024

التعريف ببعض حكام مدينة المذرذرة في عهد الاستعمار الفرنسي(الحلقة الثانية)

18 يوليو 2019 الساعة 15 و10 دقيقة
التعريف ببعض حكام مدينة المذرذرة في عهد الاستعمار (…)
طباعة

لويس آنْتُونيِنهْ: إداري فرنسي واسمه الكامل لويس فرانسوا آنْتُونيِنهْ (Louis François Antonin). تولى إدارة منطقة المذرذره سنة 1908 بعد تحويل حاكمها تَيْفِينْيُوهْ المذكور في التدوينة الأولى إلى السنغال. ويبدو لي أن آنْتُونيِنهْ استمر حاكما بها حتى سنة 1915 على الأقل، بدليل رسالة عندي نسختها الأصلية ويعود تاريخها لسنة 1915، وقد بعث بها أمير الترارزة أحمد سالم ولد إبراهيم السالم (توفي 28 ذي الحجة 1348 هجرية الموافق 25 مايو 1930 ودفن بالميمون)، بعث بها للوالي الفرنسي بمدينة سان لويس السنغالية لويس أوبيسيي (Louis Jules Albert Obissier) الذي كان نائب الدولة الفرنسية في أرض البيضان من مايو 1914 إلى 20 نوفمبر 1916. ويذكر ولد إبراهيم السالم في تلك الرسالة أنه لما عزم على كتابتها مر بالمذرذره فوجد السيد آنْتُونيِنهْ مريضا (انظر الصورة المرفقة).
وستتم ترقية آنْتُونيِنهْ بعد مقامه في المذرذره بزمن حيث سيصبح نائب الدولة الفرنسية في أرض البيضان في مدينة سان لويس السنغالية من 22 يونيو 1933 إلى 7 أبريل 1934، وبعد ذلك سيكون حاكما عاما لفرنسا بغينيا كوناكري.
ومن أشهر ما قام به آنْتُونيِنهْ خلال وجوده في المذرذره أنه كتب سلسة من التقارير الاستخبارية لأغلب أعلام المنطقة من زعماء ورؤساء، وتوجد نسخة من هذه التقارير بالأرشيف القومي بدكار، ولدي نسخ منها.
وتظهر في الصور المرفقة مقتطعات من تقرير آنْتُونيِنهْ عن القاضي محمذن بن محمد فال اميي علما (توفي يوم السبت 25 مايو 1966م) وهو تقرير في أربع صفحات، وهو محرر في 20 ديسمبر 1912، ويظهر توقيع هذا الحاكم في أسفل ثالثتها، كما توجد بعض ملاحظاته عن اميي في صفحات التقرير، وهو نفس الإجراء الذي قام به آنْتُونيِنهْ في جميع تقاريره، وكنت قد تعرضت لبعضها في مقال لي منشور على الشبكة بعنوان.
ومن أهم ما وقع من الأحداث بمنطقة المذرذره في فترة آنْتُونيِنهْ معركة الگويشيشي في 28 نوفمبر 1908، والگويشيشي موضع بمنطقة الزبار غرب المذرذره وقعت به معركة من معارك المقاومة بين أحمد ولد الديد (توفي في 30 أكتوبر 1944 ودفن عند بكافه وهو بئر من آبار قبيلة تاگنانتْ) ومعه البعض من الترارزة وأفراد من قبيلة الرگيبات وبين الفرنسيين بقيادة الرائد ربول (Lieutenant Jean Reboul). وكان ولد الديد بعيد النظر خبيرا في الروغان وعارفا بالمنطقة وتضاريسها فاستفاد بمهارة فائقة من كل هذه العناصر. فكمن في كثبان الزبار الساحلية التي تفصل الشاطئ الأطلسي عن سهل آفطوط. وقد مكنه ذلك الموقع الإستراتيجي من مراقبة حركة الجيش المهاجم. فاستطاع مع رفاقه بحكم تسديدهم الدقيق وإتقان الرماية أن يثخنوا الرماة السنغاليين بداية بالقتل. وقد قتل الضابط الفرنسي الرائد ربول برمية أصابت رأسه وهو يتقدم نحو المقاومين.
وفي سنة 1909 طلب آنْتُونيِنهْ من ساكنة المذرذره الجمال، فصارت تلك السنة تعرف بالمنطقة باسم "دورتْ آزوازيل" جمع "آززال" أي الخصي وهو الجمل الأكثر استعمالا للركوب. وقد طلب آنْتُونيِنهْ ذلك الطلب كرها وغصبا من السكان لحمل المؤونة التي كانت تنقل إلى مختلف المراكز العسكرية الفرنسية داخل البلاد.
وفي سنة 1910 كانت مكاتبة الأمير أحمد ولد الديد.
وتسمى سنة 1911 بالمنطقة "عام شرطة الجدري" وهو أول تلقيح عصري تعرفه موريتانيا وخاصة منطقة الترارزة. وقد خاف منه الناس وكانوا –جهلا وخوفا- يلوذون بالفرار أمام الفرقة الفرنسية التي تقوم بالتلقيح. ويعطون لهذه العملية الطيبة تفسيرات عديدة أهمها أن الفرنسيين يريدون تسميمهم.
كما عرفت هذه السنة 1910 زيارة العقيد باتي (Le colonel Henri Hippolyte Patey) للمذرذه وغيرها. وباتي ضابط فرنسي سام عين مفوضا عاما لموريتانيا في يناير 1910م وغادرها في مارس 1912م. وفي زمن العقيد "باتي" تم ترسيم نظام المساعدين العسكريين "گوميات" (Goumes) وقد اعتمِد في اكتتابهم على عناصر من القبائل الحسانية. وشكلت ثلاث مجموعات من "گوميات" واحدة بآدرار واثنتان بالترارزة. وتشكلت أربع فرق من الجمالة (Méhariste) إحداها في آدرار وأخرى في الترارزة وثالثة في تگانت ورابعة في العصابة. وعهد إليها بحراسة مداخل البلاد ومخارجها ومراقبة نشاط المقاومة. بينما تم تكليف شيوخ قبائل الزوايا بمهمات استخبارية وبتوفير وسائل النقل من جمال وثيران وحمير وغير ذلك مما يسهل عمليات تحرك الجيش الفرنسي. وقد ذكر القاضي اميي في تاريخه المنظوم زيارة العقيد باتي للمنطقة بقوله:
وعام تسع قد مضى في موكب ۞ دكتور للشرطة تحت المنكب
وذو الخطوط الخمس جاء والورى ۞ تسير من أمامه ومن ورا
وهم على السير ذوو إقبال ۞ وهْو بذاك السير لا يبالي
سيدي أحمد ولد الأمير