الجمعة
2024/04/19
آخر تحديث
الجمعة 19 أبريل 2024

متى يكون الحوار حوارا

12 سبتمبر 2019 الساعة 11 و34 دقيقة
متى يكون الحوار حوارا
محمد محمود ولد بكار
طباعة

قبل أيام من ثائرة السخط، بعد تعيين ولد إجاي على إسنيم، لسابق تماهيه في مصلحة ولد عبد العزيز ،أخذ ولد الغزواني الخط الموازي الذي يعني الذهاب جانبا عن الحدث إلى ما هو أهم منه، وهي استراتيجية عزيز الشهيرة اتجاه الرأي العام: "إفعل ما تريد، ولوّح بالحوار". وهذه المرة باستخدام نفس الرجل الطيب الذي يملك صدى في المعارضة، والذي يتعاطى بكل عفوية مع أي رئيس جديد يمد له يد التعاون. وهكذا تم استخادمه بشكل واضح في محطتين: أثناء الانقلاب على معاوية، وبعد الانقلاب على سيدي ولد الشيخ عبد الله بنفس الأسلوب: البحث عن "الإصلاح " وعن "التصحيح"، ومن المعتاد أن يفرح أحمد ولد داده، في كل مرة، بأنه سيساهم في جلب الإصلاح أو الخير للبلد. وخلال تلك الحالات يكسب نفس "فريق السلطة الانقلابي" ثلاث نتائج من تلك الخديعة:
1- أن يكسبوه لجانبهم،
2-  للضغط به على المعارضة، مستخدمين دعمه في وجه بقية المعارضة والعالم الخارجي كواجهة للمعارضة التقليدية، في سبيل الاعتراف والمشاركة في العملية السياسية اللاحقة،
3- أن يمرروا به ما يريدون.
وفي الأخير، تجد المعارضة نفسها خاوية الوفاض، وتعود لنقطة البداية بعد أن تخسر كل شيء (لا تنازلات ولا ضمانات)، وهو ما يتبادر حاليا إلى الذهن أثناء اللقاء المفاجئ بين ولد الغزواني وولد داداه. فالملاحظة الأولى، قبل أي تمعن في خلفيات هذا اللقاء، هي الانطباع بأن غزواني من نفس الفريق ويستخدم نفس الأسلوب دون تحديد شكل النهاية ولا طبيعتها وأن المرحلة تعطي ملامح "الإنتقالية".وبعد ذلك سيأخذك التفكير إلى سيل من التساؤلات حول هذا اللقاء:
· أولا: لماذا الحديث عن الحوار والبدء بأحمد ولد داداه وترك أربعة مترشحين قلبوا الموازين السياسية ويقومون بتنسيق في المواقف ويمثلون 48% من الشعب الموريتاني بعد التزوير طبعا أي بعد قلب حقائق توجه الشعب الموريتاني ونزوعه نحو التغيير ؟،
·  ثانيا: لماذا في هذا الوقت بالذات؟،
·  لماذا لا يكون هناك شيء محدد في هذا اللقاء غير المجاملات؟،
·  لماذا يتم قبل أن ينظم ولد الغزواني صفوف داعميه وأغلبيته ويعرف الناس حقيقة وزنه في السلطة؟
·  ولماذا الحديث عن الأخلاق والتركيز على الجانب الأخلاقي بدل الجانب السياسي والجانب الاقتصادي والمالي، فقد كان ولد داداه مع حزب اتحاد قوى التقدم قد أصدرا بيانا يطالبان فيه بالتحقيق في تسير المرحلة السابقة، فهل تطرق الحديث إلى ذلك، ولماذا التعتيم عليه؟.
إنه في الحقيقة لقاء تجاوز الواقع والملفات المعروضة إلى ما يؤكد المناورة السياسية، للإلتفاف على تجليات موقع ولد الغزواني الحقيقي في السلطة، بعد جملة من القرارات والمواقف توضح وقوعه تحت تأثير ولد عبد العزيز الذي يكره الناس عودته أو أي شيء يذَكّر بطريقته في ممارسة السلطة، وذلك من أجل لفت الانتباه عن تعيين ولد إجاي، وتداعيات الأحداث التي تفيد بأننا أمام رئيس مُعيّن أو على الأقل مازال يقع تحت ضغط علاقته أو الدعم الذي قدمه له ولد عبد العزيز . وبهذا يتعين على أحمد ولد داداه أن يتروى ولا يدفع المعارضة لنفس الخطأ للمرة الثالثة، لكنها القاتلة هذه المرة ! وعلى المعارضة أن لا تقبل وساطة أحمد ولد داده قبل أن تكون الصورة واضحة بشأن سلطة ولد الغزواني الحقيقة وإرادته في ممارستها وفي الحوار، وقبل أن يعي الحوار أهدافه ومساراته، خاصة تلك التي أعلن عنها المترشحون والمعارضة بمن فيهم أحمد وداداه نفسه، وهي:
  تسوية الأزمة الانتخابية،
  النظر في تسيير المرحلة الماضية والتجاوزات التي وقعت فيها،
  تحديد مسارات واضحة للحوار .
وإن عليهم أن لا يقبلوا بحوارات ولد عبد العزيز التي لا تملك خارطة طريق ولا تكون إلا من أجل تفويت المزيد من الفرص على المعارضة. وعند الاتفاق على تلك النقاط يكون الحوار حوارا. وإلا فلقد لُدغنا من حجر مرتين.