الجمعة
2024/04/19
آخر تحديث
الجمعة 19 أبريل 2024

سيدي محمد ولد بوبكر في مقابلة مع جريدة القلم: لقائي مع الرئيس غزواني كان إيجابيا وتطرقنا لهذه المواضيع(نص المقابلة)

12 أكتوبر 2019 الساعة 12 و51 دقيقة
سيدي محمد ولد بوبكر في مقابلة مع جريدة القلم: لقائي مع (…)
طباعة

 "شخصية وطنية مرموقة وزيرا أولا مرتين ،ترأس خلالها إصلاحات هيكلية ناجحة دفعت بموريتانيا للإستفادة من شروط شطب الديون، ورفع الحصار الدولي عنها، موظف سامي في الرئاسة مرات عديدة وديبلوماسي ذائع الصيت، متقاعد قبل أوانها، دخل المعترك السياسي فجأة ، وشارك في الأخير في عملية نزال سياسي كبيرة، وتم دفعه غيلة إلى المرتبة الثالثة بنسبة 17,80% من الأصوات . يسعى إلى الدفع ببعض الإصلاحات وبإضفاء رونقية على الخطاب السياسي ، يملك كاريزما جيدة ينقصها عنصر المواجهة الصارمة ،يحظي بقبول واسع، ويؤيد المحللون فكرة أن يكون الأول في المستقبل . ولأهمية دوره ورأيه في الساحة الوطنية تعيد العلم نشر مقابلته التي أجراها مع جريدةالقلم ذائع الصيت بالفرنسية ".
المقابلة ؛ المرشح السابق للانتخابات الرئاسية، السيد سيدي محمد ولد بوبكر:"يوجد الآن في موريتانيا تيار واسع من الرأي العام يساند البرنامج الانتخابي الذي تقدمت به للموريتانيين و مشروع المجتمع الذي ينبني عليه "

القلم: لقد استُقبلتم مؤخرا من طرف الرئيس المنتخب، محمد ولد الغزواني الذي لمستم لديه إرادة للحوار وللاستماع للمعارضة. هل يعني هذا اللقاء اعترافكم بفوزه الذي كنتم قد رفضتموه مع ثلاثة مرشحين آخرين لم يوفقوا في رئاسيات يونيو المنصرم؟.. وماذا بقي من ذلك الاتحاد الذي أظهرتم بُعيد الرئاسيات؟ وهل تعني استجابتكم، في صفوف مبعثرة، لدعوة الرئيس الجديد نهاية لذلك الاتحاد؟
 
السيد سيدي محمد ولد بوبكر: لقد استُقبلت من طرف رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني الذي لمست فيه بالفعل قدرة على الاستماع واهتماما بالغا بالقضايا التي أثرتها معه. المرشحون الآخرون الذين التقاهم لمسوا لديه نفس الإرادة. صحيح أننا شجبنا حينها التزوير الذي شاب الانتخابات الأخيرة، غير أننا دعونا إلى التهدئة والحوار بغية الخروج من الأزمة التي أعقبت الانتخابات. إنني أعتبر، من جهتي، أن الانتخابات ليست غاية بحد ذاتها، لكنها وسيلة لخدمة المصلحة العامة للبلد مهما كانت التضحية التي يستدعيها منا ذلك. الأهمية لا تكمن في انتخاب هذا أو ذاك. فالمهم هو أن نواصل الكفاح من أجل أن تتقدم الديمقراطية في جو من الحفاظ على استقرار وأمن البلاد. وفي هذا الصدد، أعتقد أن كل قوى المعارضة مدعوة إلى تنسيق جهودها.
 
القلم: هلا حدثتمونا عن فحوى لقائكم برئيس الجمهورية؟.. وهل تحصلتم، فور خروجكم من هذا اللقاء، على فكرة واضحة عما يريد الرئيس بدعوته إلى التشاور مع كل الفاعلين السياسيين (من حيث الشكل ومن حيث المضمون)؟
 
السيد سيدي محمد ولد بوبكر: بخصوص لقائي مع الرئيس، فقد استجبت بالفعل للدعوة التي تقدم إليّ بها شأني في ذلك شأن باقي الشخصيات السياسية. ودون أن أدخل في التفاصيل، فقد تباحثنا حول بعض قضايا الساعة، وحرصت، من جانبي، على التأكيد على المشاكل المرتبطة بالحقوق والحريات، وكذلك القضايا المتعلقة بالوضعية الاقتصادية المقلقة وانعكاساتها الكارثية على ظروف حياة الموريتانيين. لكن الأمر لم يتعلق، في أي وقت، بحوار أو مفاوضات، وإنما هو اتصال وتبادل لوجهات النظر حول القضايا ذات الاهتمام الوطني المشترك.
 
القلم: لقد شاركتم في رئاسيات يونيو المنصرم لأنكم تعتبرون بأن الدولة تشهد أزمة غير مسبوقة في كل قطاعاتها. هل حصل لديكم انطباع، بعد لقائكم بالرئيس المنتخب وبعد الأعمال التي قام بها، بأنه اتخذ كل التدابير اللازمة وأن بإمكانه القيام بالتغيير الذي ينتظره جل الموريتانيين وهو من كان إلى جانب ولد عبد العزيز على مدى 11 سنة وقدمه لخلافته؟
 
السيد سيدي محمد ولد بوبكر: الحقيقة أنني تقدمت للانتخابات الرئاسية لأنني أعتبر أن البلاد تعيش أزمة عميقة. فالاقتصاد مريض، والمؤسسات العمومية تحتضر، ومستوى المديونية العمومية بلغ حدا لا يطاق. إنه نتاج نظام تميز بسياسة استثمارات مغامِرة وغير متناسقة، تم خلالها تبديد مصادر البلاد في مشاريع غير ذات أولوية وغير مدروسة. وهكذا يتعين القيام بجرد واستخلاص النتائج على كل المستويات.
لقد تأثرت كذلك الوحدة الوطنية والوئام الاجتماعي خلال الفترة الماضية ، وغابت إرادة الحوار حول القضايا الأساسية التي تحدد مستقبل البلاد ، و ظلت الجهود المبذولة في مكافحة الإقصاء والرق ومخلفاته دون المستوى المطلوب. إن أفكاري لم تتغير حول كل هذه القضايا. فثمة اليوم حاجة ملحة تدعو الدولة إلى غوث السكان الذين يعانون. فسكان الداخل تضرروا بفعل سنوات من الجفاف جعلت القطعان تنفق والزراعة تبور. أما في المدن، فإن المواطنين يعيشون، في غالبيتهم، في ظروف يطبعها الفقر المدقع، حيث يواجهون ارتفاع الأسعار وبطالة الشباب وانعدام الأمن. فيما توجد خدمات الصحة والتعليم في وضع من الخراب التام. هناك إصلاحات مستعجلة لم تعد تتحمل التأجيل. ستتوجب أيضا مراجعة النظام الانتخابي برمته مع لائحة انتخابية مستحدثة وإدارة حيادية ولجنة وطنية للانتخابات مستقلة بالفعل وقادرة على لعب دور الحَكم المنوط بها والذي يعد سببا لوجودها. وفي مجال حقوق الانسان والحريات، فإن انتهاكات خطيرة ما تزال تشوّه صورة بلادنا. وإن مواطنين موريتانيين مضطهدين لأسباب سياسية، ما يزالون مجبرين على العيش في المنفى. فرجل الأعمال محمد ولد بوعماتو ما يزال محل متابعات ظالمة في الخارج. إنها نفس الحالة التي يعيشها المصطفى الإمام الشافعي، أحمد بابه ولد اعزيزي، محمد ولد الدباغ والشيخة السابقة فرفوره بنت محمد الأمين. كذلك فإن صحفيين من أمثال حنفي ولد الدهاه وسيدي عالي ولد بلعمش، وفنانين مثل أولاد لبلاد، وغيرهم، ما يزالون يدفعون ثمن حرية التعبير.
بعد لقائي برئيس الجمهورية، خرجت بانطباع بأنه يعي حجم المهمة الملقاة على عاتقه. وأعتقد أن تقييمه يظل مرتبطا بقدرته على رفع التحديات والقطيعة مع أساليب الماضي.
ولا شك أن الوقت ما يزال مبكرا للحديث عن النتائج. كما تعلمون فأنا وزير أول سابق وأعرف ماذا يمثل تحدي الحكامة من حيث الحجم والمدة.
بيد أن الوضع الراهن منذر بالخطر لدرجة أنه يتعين القيام بأعمال مستعجلة على جميع الأصعدة لمواجهة تدهور الاقتصاد الذي يحس المواطنون بعواقبه على نحو قاس يوما بعد يوم خاصة في المناطق الريفية وعلى مشارف التجمعات الحضرية.
 
القلم: هل يمكنكم أن تفسروا للموريتانيين، الذين اعتبروكم المتحدي الحقيقي لولد الغزواني، وأنكم أنتم من تستطيعون إرغامه على دور ثان، لماذا حللتم في المرتبة الثالثة خلال اقتراع 22 يونيو؟ هل بالغَ الناس في تصور مدى قوتكم؟.. وبعد شهرين من هذه الاستحقاقات، هل انتهى بكم الأمر إلى فهم أسباب هذا القصور في الأداء؟.. هل أضر بكم قليلا كونكم عملتم وزيرا أول لولد الطايع واعلي ولد محمد فال؟
 
السيد سيدي محمد ولد بوبكر: لقد جذبت مهرجاناتنا حشودا هائلة. كل الموريتانيين الطامحين إلى التغيير المدني، سواء من معسكر الأغلبية أو من معسكر المعارضة، التحقوا بنا بكل حرية، ودون أي إكراه. لقد كانوا موريتانيين من جميع الانتماءات، من كل الأعراق، ومن كل الأصول الاجتماعية.
لا أعتقد أنني قصرت، لكن السؤال الذي يطرحه الكثيرون هو ما إذا كانت النتائج تعكس بصدق إرادة وخيار الناخبين.
بالنسبة لإشارتكم إلى انعكاس محتمل لخدمتي مع الرئيس معاوية ولد سيدي أحمد الطائع والمرحوم اعلي ولد محمد فال، يمكن القول انه ضمن من يمارسون السياسة اليوم قليلون هم من لم يخدموا، بصفة أو بأخرى، تحت إمرة واحد من هذين الرئيسين. إنهما رئيسان خدما بلادهما بطريقتهما الخاصة بحيث نجحا على بعض الأصعدة وفشلا على بعضها. ويعود إلى الموريتانيين الحق في الحكم على أدائهما في المحصلة النهائية.
أما بالنسبة لي، فكلما تشرفت بخدمة بلدي، أعتقد أنني قمت بذلك بإخلاص وتفان.
 
القلم: يتساءل الموريتانيون عما إذا كنتم تتوجهون، أم لا، إلى إنشاء حزب سياسي لإنجاح مشروعكم المتعلق بموريتانيا. كيف تردون عليهم في الوقت الحالي؟
 
السيد سيدي محمد ولد بوبكر: يوجد حاليا في البلاد تيار كبير من الرأي العام يساند البرنامج الانتخابي الذي تقدمت به للموريتانيين ومشروع المجتمع الذي ينبني عليه. هذا الحراك الواسع، الذي يستمد قوته من كل مكونات بلادنا، خاصة الشباب الموريتاني، متعلق بتعزيز قيم ومبادئ الوحدة الوطنية والعدالة الاجتماعية والحكامة الرشيدة واستقلال واستقرار البلد. وقد تم فتح مشاورات واسعة داخل هذا الحراك بغية تحديد شكل وطرق التنظيم والعمل الأنسب. وإن إنشاء تشكيلة سياسية ليس مستبعدا. فخلال المؤتمر الصحفي الأخير الذي عقدته يوم الخميس 03 سبتمبر، أوضحت أنني سأواصل كفاحي السياسي مع كل الموريتانيين والموريتانيات الذين يؤمنون بي ويؤمنون بالمشروع الذي تقدمت به خلال الانتخابات الرئاسية. إننا قيد التفكير والنظر بعمق في الشكل الذي سيأخذه هذا الكفاح السياسي. وإذا كان إنشاء حزب سياسي هو الإطار الأمثل، فلِمَ لا؟.
 
القلم: رئاسيات يونيو المنصرم أظهرت شرخا بين المكونات الوطنية. ففي يوم 23 يونيو استُهدف مناضلو ومناصرو مرشح "تحالف العيش المشترك"، كنْ حامدُ بابا، والمرشح بيرام الداه اعبيد بقمع موجه ضدهم بالأساس حسب ما يزعمون. لقد شجبوا إرادة النظام في "تحويل خلاف انتخابي إلى نزاع عرقي سياسي". هل كان لديكم نفس الشعور؟.. ولو أنكم انتخبتم، أي حل ستقدمون لتسوية هذه القضية المرتبطة بالوحدة الوطنية؟ وهل ناقشتم هذا الموضوع مع الرئيس غزواني؟ إذا كان الجواب نعم، كيف يدرك حجم القضية؟
 
السيد سيدي محمد ولد بوبكر: بعيد انتخابات 22 يونيو، أثر التزوير، الذي طبع الاقتراع، على الرأي العام وخلق توترا قويا في البلاد. أعتقد أن النظام أراد أن يعطي للأزمة الانتخابية بُعدا مغايرا لبعدها. لم تكن ردة فعله غير مناسبة فحسب، بل إنها اتسمت كذلك باستخدام مفرط للقوة.
كما تعلمون، فإن الوحدة الوطنية واحدة من اهتماماتي الرئيسية. إنها مدار مستقبلنا وهي تشكل أساس عيشنا معًا. لو أنني انتخبتُ لجعلت منها أولوية. إن طموحي يكمن في العمل من أجل موريتانيا يشعر فيها كل مواطن عربي أو بولاري أو سونينكي أو ولفي بأنه يعيش بخير في وطنه، ويتمتع بنفس الحقوق والواجبات، دون أي تمييز، مع الاعتراف بخصوصيات الكل، ومع المساواة في الفرص للجميع. موريتانيا يجد فيها كل أبنائها ما يدعوهم لتقاسم نفس الحب لبلادهم في جو من العدالة والإنصاف والحرية.