الجمعة
2024/04/19
آخر تحديث
الجمعة 19 أبريل 2024

موريتانيا دولة غازية كبيرة لكن ما هي الفائدة إذن؟

18 يناير 2019 الساعة 10 و29 دقيقة
موريتانيا دولة غازية كبيرة لكن ما هي الفائدة إذن؟
طباعة

العراق ثاني أغنى دولة نفطية في العالم ،وليبيا دولة نفطية كبيرة ونيجريا دولة نفطية.
النفط والغاز وكل الثروات في العالم لا تساوي شربة ماء من دون الاستقرار والأمن .
موريتانيا في واقع الأمر ليست بحاجة لمزيد من الثروات الطبيعية إذا عرفت طريقها القويم إلى دولة المؤسسات والمساواة . نحن شعب قليل من حيث تعداد السكان وهذا معوق بالنسبة لشروط إقتصاد كبير في عالم اليوم على مستوى حجم الاستهلاك ويالنسبة لليد العاملة ، لكنه يخلق فرصة في الجهة الأخرى لتقوية خدمات الدولة وتوزيع ثروتها والتحكم بمزيد من الثقة والتوازن في توجيه الموارد خاصة بالنسبة لبناء الفرد ولتطوير جهاز الدولة خدماتها الاجتماعية والأمنية والصحية . نحن إلى يومنا هذا ليست لدينا مسكلة موارد ، الكل يعرف أن لدينا مساحة زراعية لم تستخدم للربع ، كانت بعض الدول الشقيقة في الخليج تريد مساحات قليلة منها للزراعة لتحقق من خلالها إكتفاءها الذاتي في بعض المواد والزيوت واللحوم ،الكل يعرف أن عندنا أحد أهم وأغنى الشواطىء في العالم وعلى ذلك توسع إقتصاد دول أجنبية ونحن لا نستهلك نصف حصتنا من السمك المهاجر وحده ،الكل يعرف أن عندنا الذهب وقد قفزت أسهم شريكات عالمية بسبب الاكتشافات في أرضنا ، ولديناالنحاس والفوسفات بكميات كبيرة ولدينا وثروة حيوانية تصل ٢٤ مليون رأس الكل يعرف أن لدينا مخزون ضائع من المياه الجوفية والبحيرات إذن ماهي مشكلتنا أولا ، وقبل الغاز، وقبل النفط ؟مشكلتنا هي أننا لم نؤسس للإنسان ، ولم نؤسس للمؤسسات ولم نؤسس للدولة! لكننا أسسنا للخلاف والغبن ،بدأنا إخوة في المدارس على نفس المقاعد في نفس الشوارع، البيت بجنب البيت ، والقرية بجنب القرية على نفس الموائد نجلس لايعرف بعضنا قبيلة البعض كلنا يبحث عن التقرب من الآخر يحاول محو الفوارق .
بدأنا حياتنا بالحب في القلب والتفاهم وإنتهينا بمدارس مختلفة وبإحياء مختلفة وببث الكراهية كل بحيه ومنطقته وقريته طورنا لغة التباعد والتمايز والفوارق رسخنا الطبقية والجهوية والعنصرية جلبنا إلى ثقافتنا ثقافات أخرى تأخذ أمثلتها من العنف ومن التمييز ومن الخصوصية أصبح القلب لا يتسع لرحمة بعضنا والدين لايؤثر في اختلافنا والتاريخ لايجمعنا لقد أصبحنا نعيش محنة واحدة كوننا على نفس الأرض ونحن ليست لنا إلا هذه الارض فما هو الحل إذن ؟ الحل ليس في الغاز ولا في النفط ولا في كل ثروات العالم الحل في العودة لنقطة البداية إنطلاقا من الآن . تطهير القلوب والاستعداد للجلوس على نفس طاولة التفكير لكي مختار طريقنا وأمامنا مناسبة مهمة لنختبر قدرتنا على التفاهم حول أهداف المرحلة وتأتي الخطوة الأولى في إختيار من يؤمن بهذه الرهانات من يملك القدرة للتعاطي معها كهدف وكخيار، من يريد أن يؤسس لوطن .لابد من وضع أسس ومعايير ووضع قواعد وشروط لإختيار هذا الشخص هيا بِنَا لنحرر أنفسنا من ماتم فرضها علينا من تمايز وتقسيمات ونفرض رأينا وشروطنا . لابد ان تجد النخبة الوطنية المستقلة والناضجة ذاتها في دولة الغد لكي تتمكن من ترتيب أوراق البلد وتمنح لنفسها فرصة للمشاركة في إعادة التأسيس لابد من التخلص من منْ كان السبب في وضعنا هذا ،لابد من قطيعة مع لجيش في السلطة والسياسة ، لابد من قطيعة مع الجهة والقبيلة في الانتخابات لابد من تجريم الخطابات التي تمزق الوحدة والتآخي وتسعى لزرع البغض والتباعد . وحين نكسب هذا الرهان سيكون الغاز ضيفا مهما وكل الموارد من أجل بناء وطن لا لتسمين فيئات أو مجموعات أو أشخاص .