الأربعاء
2024/04/24
آخر تحديث
الأربعاء 24 أبريل 2024

السيادة الوطنية في أربع نقاط: الإحتياطي من العملة الصعبة(الحلقة الثالثة)

10 نوفمبر 2019 الساعة 12 و40 دقيقة
السيادة الوطنية في أربع نقاط: الإحتياطي من العملة (…)
Hacen Abbe
طباعة

3/ الإحتياطي من العملة الصعبة.
قبل شهرين تقريبا وفي ردة فعل على حديث البعض عن وجود أزمة مالية في البلد على خلفية عرض حكومي ببيع سندات مالية قصيرة الأجل بغية الحصول على سيولة ، أكد وزير المالية ومحافظ البنك المركزي أن " احتياطات موريتانيا من العملة الصعبة يوم 26 أغشت 2019، بلغت مليارا و48 مليونا، و258 دولار أمريكي وهو ما يكفي لتغطية ستة أشهر من الواردات "
ومرد سرعة ردة فعل المسؤولان عن الوضع النقدي الوطني هو أن كل ما يتعلق بمعلومات متعلقة بالممارسات المالية أو جودة أداء الإقتصاد أو الوضع المالي للبلاد ، قد يتسبب انتشار معطيات مغلوطة عنه في أزمة مالية أو إقتصادية إن تم أخذ تلك المعطيات على محمل الجد من المؤسسات المالية الدولية والمستثمرين وحتى من طرف المواطن العادي .
ويعتبر حجم الإحتياطي من العملة الصعبة لدى البنك المركزي لدولة ما ، مؤشرا على استقرارها المالي والاقتصادي والأهم على سيادتها ، وضامن لقيمة عملتها واستيراد كل حاجياتها من مصادر الطاقة والمعدات وتسهيل إجراءات وخدمات للمواطنين الذين لهم سبب وجيه في انفاق مبالغ من العملة الصعبة في الخارج ( رجال أعمال ، تجار موردين ، مرضى ، طلبة .. ) ، ويقاس بالأشهر قدرة الدول على تغطية وارداتها ، وهو مؤشر آخر لاستقرار بلد ، فكلما نقص عدد الأشهر عن ستة أشهر كلما صار ذلك أمرا مقلقا ..
قبل أربع سنوات قدمت السعودية للبنك المركزي الموريتاني وديعة تبلغ نصف مليار دولار تسدد على خمس سنوات من أجل مساعدته على تنشيط معاملاته بعد ركود أصابه بفعل عمليات فساد طالت طريقة ضخ العملة الصعبة في سوق الصرف المحلي ، وهنا مربط الفرس في نقطة السيادة هذه ، فهناك دراسات كثيرة تحذر من مخاطر على سيادة الدول من ودائع العملة الأجنبية لما لها من تأثيرات سلبية على القرارات السيادية خاصة عندما تكون الدولة " المودعة " طرفا في تجاذبات جيوسياسية أو جيواقتصادية كما هو الحال بالنسبة للسعودية ، وهو ما يجعل موريتانيا مفعولا به ومجرورا في كل صراع سياسي دبلوماسي أو اقتصادي السعودية طرفا فيه ( إيران، اليمن ، قطر ، ... ) وهو ما يشكل نقصانا لسيادتها .
#الحل يكمن في تفادي اللجوء لهكذا ودائع وترشيد الإنفاق في العملة الصعبية التي تعاني أكثر ما تعاني من استنزاف غير نزيه وليس بالقانوني ولا بالوطني ، بل يمكن إدراج بعضه ضمن " خيانة للوطن " وأورد هنا بعض الأمثلة على هذا الاستنزاف الممنهج والذي جعل البنك المركزي بحاجة لودائع تهدد سيادة البلد :
 تهريب العملة الصعبة وإيداعها في حسابات شخصية بدول أجنبية ، أو المتاجرة بها خارج الحدود .
 إخراج كميات معتبرة من العملة الصعبة لأغراض غير ضرورية كللعب الغمار في كازينوهات دكار ، الدار البيضاء ، اسبانيا ...
 استيراد ما يمكن الاستغناء عنه أو صناعته محليا ، والأدهى استيراد أدوية مزورة ومواد غذائية منتهية الصلاحية سيتم حرقها لاحقا من طرف السلطات .
 الأخطر ومربط الفرس في استنزاف العملة الصعبة والذي أعتبره خيانة للوطن وأطالب السلطات المعنية فتح تحقيق فيه على وجه السرعة وإنزال أشد العقوبات وأقصاها على كل من ثبت تورطه في هذا الأمر :
قبل فترة أخبرني أحدهم على هذا الفضاء بأن تاجرا " متوسطا " يستورد لتجار ماليين بضاعتهم بالعملة الصعبة " الموريتانية " بدل أن يخرج التجار الماليين عملة صعبة من بلدهم ، فمثلا يقوم التاجر الموريتاني بشراء عتاد ومستلزمات طبية على أنها موجهة لعيادة خاصة موريتانية ، ولكن بعد وصولها لميناء انواكشوط سيتم شحنها لباماكو !!! وهكذا صار الإحتياطي من العملة الصعبة بموريتانيا يتم شراء أغراض دولة أخرى به وتحافظ الأخيرة على احتياطها ، ويعلق صديقي بالقول : هذا ما يقوم به تاجر صغير أو متوسط فما بالك بما يقوم به رجال الأعمال وحتى المؤسسات ؟ لك أن تتصور كم من مئات ملايين الدولار تستنزف احتياطنا من العملة الصعبة سنويا ؟
لم أستطع الحصول على أرقام دقيقة بهذا الخصوص أو أمثلة بأسماء مرتكبي هذه الجريمة ، وأطلق هنا نداء مساعدة لكل من لديه معلومات حول هذا الأمر أن يرسلها لي على الخاص ، أو يبعثها للسيد Talla Rim الذي عبر عن رغبته الشديدة في معرفة تفاصيل عن هذا الأمر حينما ذكرته في مداخلة على بث مباشر للرفيق كعباش حول القضايا الوطنية .

ختاما أعيد القول بأنه مع استنزاف غير قانوني لإحتياط البلد من العملة الصعبة سيدفعه ذلك لمد اليد لودائع دول تجب محاباتها لاحقا في مواقفها السباسية كثمن لودائعها ناهيك عن الفوائد على تلك الودائع ، وما يتسبب ذلك من تأثير سلبي على القرارات السيادية للبلد وبالتالي على سيادته بشكل عام .