لا يمكن للحق أن يكون مطلبا شكليا

سياسة تضييق الخناق كانت من اختراع أقارب ولد الطائع . و الفرق بين النهب في زمن الفاسد المفسد ولد الطائع و النهب في زمن المجرم ولد عبد العزيز يختلف باختلاف حقيقة كل منهما:
ـ استخدم ولد الطائع الفساد للاحتفاظ بالحكم ، فكان على اقاربه المقربين أن يضعوا اليد على كل شيء في البلد ، لكن عليهم أن يوظفوا جزء من هذه الأموال في صنع تبعية مستفيدة، من السذج و المتمصلحين، تكون حماية للنظام و أبواقا لدعايته. بينما كان ولد عبد العزيز يريد المال فقط و يريده لنفسه فقط و كل من استخدم من أقاربه للاستحواذ على ثروة البلد خلال عشر سنين ماضية و أكثر منها قادمة (الديون) ، كانوا مجرد أسماء مأجورة يعملون بمقابل في جمع منهوباته المتلفتة من كل الاتجاهات.
و حين سقط الاثنان فهم كل منهما أن "تجاره" كانوا أذكى منه بكثير و أن حلفاءه من بيجل إلى ولد الطيب ، لم و لن يكونوا غير أرامل غجريات بلا عدة..
لا يمكن في زمن ولد الطائع أن تأتي بفكرة تجارية ذكية أو تفتح محلا ناجحا أو تصنع سمعة بالتميز في أي مجال تجاري ، إلا وجاءك غبي متخلف المنطق يعرض عليك بالصريح و بتبجح مقزز ، أن تشركه في نشاطك (أي أن يحميك مقابل شراكته) و إذا لم ترضخ ، إما أن يسكر نشاطك و إما أن يحيط محلك بعدة محلات مشابهة سواء كان باتيسيريا أو سوبر ماركت أو عيادة أو محطة بنزين أو صيدلية ...
انظروا الصيدليات أمام المستشفى الوظني .. انظروا محطات الوقود على الجانب الأيمن من طريق كارفور ـ توجونوين .. انظروا المخابز في لكصر و اسألوا عن كم من مصنع ناجح تم إغلاقه في زمن ولد الطائع بسبب رفض صاحبه مثل هذه الشراكات الاستفزازية المهينة..
لماذا يكون على التاجر أن يدفع الضرائب؟
لماذا يكون على التاجر أن يحصل على ترخيص؟
لماذا يكون على التاجر أن يلتزم بكل شروط ممارسة نشاطه بلا رحمة؟
و لماذا يكون على التاجر أن يخضع لترسانة ثقيلة مثل هذه من الشروط المجحفة أحيانا، في حين يحرم من قانون المسافة الذي تنص عليه القوانين بكل وضوح و تُعنَى عدة جهات بتطبيقه : البلدية و وزارة الداخلية و القضاء و القطاع التابع له.؟
ماذا تفعل حين تشتري قطعة أرضية بنصف رأس مالك و تعدها بنصفه في منطقة تحتاج صيدلية أو عيادة أو مخبز أو محطة وقود و بعد شهر تحيط بك ـ على بعد مترين أحيانا ـ مثيلاتها من كل الجهات؟
إذا لم تعطوا الصيدلية حق المسافة ، ليس من حقكم أن تطلبوا منها أي حق.
و عليكم قبل هذا و ذاك أن تفهموا أن قانون المسافة ليس منة من وزير الصحة على الصيدليات المستفيدة منه بل هو حقها الكامل الذي يكون وزير الصحة مضحكا و مستهترا حين يطلب منها الالتزام بأي قانون أو نظام و هو عاجز عن حمايتها ..
ثم لماذا يكون على المواطن في الرياض أن يأخذ سيارة أجرة بعد منتصف الليل إلى المستشفى الوطني ليشتري علبة دواء من بعد 15 كم في حين تزدحم عشرات الصيدليات في مساحة 100م عند بوابة المستشفى الوطني ؟
لماذا لا يتم تنظيم هذه الصيدليات حسب كثافة المناطق و تباعدها و إخضاعها للمناوبة لتكون في متناول الجميع ، كما هو متبع في كل أنحاء العالم؟
إذا كان هناك من انتقاد وارد في هذا الشأن فهو بكل تأكيد أن "مسافة 200م على الأقل" ليست كافية في مناطق تعتمد البنيان الأفقي ، بخلاف العالم الذي يعتمد البنيان العمودي الذي تعثرنا أكثر من مرة بسرقة قوانينه.