السبت
2024/04/20
آخر تحديث
السبت 20 أبريل 2024

ألا سحقا لسياسة البطون

20 نوفمبر 2019 الساعة 22 و30 دقيقة
ألا سحقا لسياسة البطون
سيدي علي بلعمش
طباعة

حتى الثمانينات ـ و لم تكن هناك هواتف و لا مواقع و لا صحف ورقية و لا جامعات و لا معاهد عالية ـ كان حين يطرد تلميذ في الإعدادية أو الثانوية، في مدينة العيون ، ينزل كل الطلاب إلى الشارع و بعد ساعات فقط ، ينزل طلاب الإعداديات و الثانويات في روصو و أطار و نواكشوط و ازويرات و نواذيبو إلى الشارع و لا يستقر حال في هذه المدن حتى تلبية مطالبهم حتى لو كانت تعجيزية . حينها كان التعذيب رهيبا : خلع الأظافر ، إطفاء السجائر في المناطق الحساسة ، الضرب المبرح ، التعليق، التجويع و كل أنواع التنكيل ، في غياب كامل لمنظمات حقوق الإنسان و الصحافة و حق الضحية ـ و لو بعد حين ـ في "محامي الدفاع" ..
قبل أسابيع كنا نعيش لحظات خالدة من مقاومة مجموعة (25 سنة) : تظاهروا بشجاعة و قاوموا و رابطوا بإصرار و تجلد منقطع النظير ، حتى تحققت مطالبهم. و كان من المؤسف و المخجل و المخزي، أن طلاب جامعة نواكشوط ظلوا يتابعون دروسهم من دون أي حراك تضامنا مع زملائهم و إخوانهم في محنتهم المريرة..
حينها ذكَّرتُ طلاب الجامعة أن دورهم آت حتما (تماما كما يحدث لهم اليوم ) و أن عليهم أن لا ينسوا ذلك الموقف المخجل ، المشين ..
لقد أفسدت "السياسة" كل شيء في بلدنا :
ـ بعض الطلاب تابع للحركة الإسلامية و لا يتحركون إلا بأمر من قادتها..
ـ بعض الطلاب تابع لحزب التكتل و لا يتحرك إلا بأمر منه ..
ـ بعض الطلاب تابع لحزب قوى التقدم و منه وحده تصدر لهم الأوامر..
و هذا هو نفس الوضع على مستوى نقابات العمال و في نقابات اسنيم و بقية شركات المعادن على وجه الخصوص : كيف تحدث ثورة في بلد قليل العدد و نقابات العمال و الطلاب فيه رهينة أوامر جبناء ، لن تصدر مهما حصل!؟
الأمن يعرف بدقة انتماء كل طالب و يعرف بدقة أكثر، كيف تصدر إليه الأوامر بعدم التظاهر من قبل قيادته السياسية الخائفة من الملاحقة "القانونية" ..
هذه الأحزاب "السياسية" هي فيروس الهتك بمناعة مجتمعنا الذي حول شعبنا إلى مجتمع معوق لا يملك القدرة على مواجهة نملة جريحة ليتحكم فيه كل من هب و دب.
من يرى ركض آلاف الشباب أمام كتيبة من الشرطة يفهم بسهولة أنهم جيل ممسوخ من أبناء بيبروهات .. يدرك بسهولة أن طلائع مجتمعنا تحولت بقوة قادر إلى ديوثين لا يغارون على شرفهم و لا يخجلون من الطعن في رجولتهم..
لكن وحده من يمتحن معلوماتهم .. وحده من يتابع اهتماماتهم .. وحده من يستمع إلى أحاديثهم .. وحده من يتسلل إلى أحلامهم ، سيفهم حتما أن المشكلة أكثر تعقيدا و أبعد جذورا من انطباعات المشاهد المنبهر..
ألا لعنة الله على سياسة البطون و بطون السياسة.