الجمعة
2024/03/29
آخر تحديث
الخميس 28 مارس 2024

العبودية في موريتانيا.. مأساة لم تنتهِ

2 دجمبر 2019 الساعة 08 و00 دقيقة
العبودية في موريتانيا.. مأساة لم تنتهِ
طباعة

انتظرت مبروكة محمد أربع سنوات، لكي يحكم القضاء في مدينة النعمة أقصى شرق موريتانيا لصالحها، فالشابة البالغة من العمر 29 سنة قدمت شكوى ضد العائلة التي كانت تستعبدها عام 2015، ومنذ ذلك الوقت وهي تنتظر حتى آخر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

حكم على الرجل الذي كان يمارس العبودية عليها غيابيا بالسجن لمدة 15 سنة نافذة، وغرامة خمسة ملايين أوقية، وإرجاعها إلى ذويها.

مبروكة سعيدة الآن بهذا الحكم، وقالت للجزيرة نت في تصريح عبر الهاتف إنها تتمنى أن تطبق العدالة على من مارس عليها جريمة العبودية.

وتضيف "كنت مع هذه العائلة منذ الصغر، لم أتعرف على والدتي التي علمت لاحقا بأن أحد أفراد العائلة سافر بها إلى مكان لا أعلمه، عشت معهم تحت وطأة العبودية، يضربونني، وأعمل كل الأعمال المنزلية دون راحة ودون راتب، علموا أبناءهم ولم يعلموني".

حرية ناقصة
بعد سنوات من المعاناة قررت مبروكة عام 2015 الهروب، وأطلقت ساقيها للريح متوجهة نحو المجهول، بحثها عن الحرية قادها إلى ممثل لمنظمة نجدة العبيد في مدينة النعمة، وهناك أخذت حياتها طريقا مختلفا.

أخذ ممثل المنظمة في المدينة قضيتها، وأبلغ بها وكيل الجمهورية ثم المحكمة المختصة بقضايا الاسترقاق، وتابعت المنظمة الملف عن طريق محامين مختصين في الدفاع عن العبيد.

كانت مبروكة من بين المحظوظين الذين تم الحكم لصالحهم وإن تأخر ذلك سنوات، كما حكم على أحد ممارسي العبودية بالسجن عشر سنوات وغرامة ملايين من الأوقية.

لكن مبروكة محمد لا تزال تعيش في حياة أقرب إلى العبودية بالشرق الموريتاني دون أبسط مقومات الحياة، ودون أن ترى والدتها التي لم ترها منذ أن كانت صبية.

تقول للجزيرة متحسرة "أنا لا أعرف إخوتي، ولا أعرف أين هم، كل ما أعرفه أن الرجل الذي هربت من عند عائلته ذكر لي أن والدتي حية وفي منطقة لا أعرفها".

قوانين معطلة
الناشط الحقوقي علي البكاي في منظمة نجدة العبيد -وهي إحدى أعرق منظمات الدفاع عن العبيد في موريتانيا- لم يخفِ امتعاضه من تعامل الدولة مع قضايا الاسترقاق، متهما إياها بأنها لا تظهر الجدية في التعامل مع ممارسي العبودية.

وأضاف البكاي في تصريح للجزيرة نت "نحن لدينا ما يناهز 20 ملفا لقضايا عبودية في مدينة النعمة وحدها، تخص أكثر من 60 شخصا، بعضهم لا يزال مع أسياده، ولم يحكم فيها القضاء حتى الآن".

ورغم أن هناك عددا من الملفات أمام القضاء فإن المنظمات الحقوقية تحجم عن إعطاء إحصاءات لعدد العبيد في موريتانيا، وذلك في حين لا تعترف الدولة بوجودها كممارسة في البلد.

ويعتبر المحامي أبو بكر أحمدو الشيخ -الذي كان بين لفيف من المحامين للدفاع عن مبروكة محمد في محكمة النعمة- أن موريتانيا رغم تصديقها على قانون ضد العبودية واعتبارها جريمة ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم فإنها كانت تتعامل مع قضايا العبودية بتوجس وتتهم الناشطين الحقوقيين في المجال بالمتاجرة بالقضية، ولا تعترف إلا بما تسميها مخلفات العبودية.

ويضيف المحامي في تصريح للجزيرة نت أن السلطة التنفيذية تظل المسؤولة الأولى عن البطء وعدم الجدية وعدم التعاطي مع ملفات الاسترقاق، وذلك من خلال سلطتها على النيابة العامة التي هي من تحرك الدعوة العمومية من خلال البحث الابتدائي وتقدم المتهمين بعد ذلك للتحقيق والمحاكمة.

آمال معلقة
يأمل ضحايا العبودية في موريتانيا أن تظهر الدولة الموريتانية اهتمامها بهم من خلال العمل على تغيير واقعهم ودمجهم في المجتمع وإعطائهم حقوقهم في الأوراق المدنية والتعليق والصحة وغيرها.

تقول مبروكة محمود "نتمنى أن يكون هناك من يهتم بنا ويساعدنا على العيش، أما ما عشناه سابقا من معاناة فلا يمكن أن ننساه مدى الحياة".

وقد استحدثت حكومة الرئيس الجديد محمد ولد الشيخ الغزواني هيئة جديدة تسمى هيئة التضامن الوطني ومكافحة الإقصاء (تآزر) لتحل محل هيئة سابقة هي التضامن التي أنشئت لمكافحة الفقر ومخلفات الاسترقاق.

ويطمح الناشطون الحقوقيون إلى أن تعمل هذه الهيئة الجديدة على أن تساعد العائلات من الأسر المهمشة وممن عانوا العبودية ومخلفاتها والذين يعيشون في ظروف صعبة.
الجزيرة نت