الخميس
2024/04/25
آخر تحديث
الخميس 25 أبريل 2024

ولد بكار لصحيفة القلم: المواطن لم يلاحظ أي تغيير.. وعلى الرئيس غزواني أن يعلن عن حقيقة حالة البلد الاقتصادية التي تركه عزيز عليها(نص المقابلة)

22 يناير 2020 الساعة 18 و00 دقيقة
ولد بكار لصحيفة القلم: المواطن لم يلاحظ أي تغيير.. وعلى (…)
طباعة

أجرت جريدة القلم الفرنسية مقابلة صحفية مع الكاتب الصحفي والمحلل السياسي محمد محمود ولد بكار تناولت الحديث عن الوضع العام في البلد ،والرهانات السياسية للرئيس غزواني وهذا نص المقابلة:

القلم :تمر الآن خمسة أشهر على انتخاب الرئيس غزواني على رأس الدولة.. هل لاحظتم أم رأيتهم تغييرا في حكامة البلاد وفي الحياة اليومية للموريتانيين؟

محمد محمود ولدبكار : لم يلاحظ المواطن أي شيء يرمي للتغيير مع تعطشه الشديد له، ومع ذلك تبقى خمسة أشهر فترة قصيرة على الإنجازات، لكنها كثيرة بالنسبة لإعلان النوايا وإظهار الإرادة أو لإتخاذ قرارات حاسمة، أو ظهور بوادر لمرحلة جديدة، فقد كان من الضروري كشف الوضع الحقيقي لولد عبد العزيز بالنسبة للفساد، وإعلان حقيقية حالة البلد الاقتصادية، كما كان من الضروري أيضا، بعد نشر تقرير محكمة الحسابات، أن تتشكل صورة جديدة للحكامة، تمشيا مع السير القانوني للأمور، من جهة ثانية يتطلع الشعب لإجراءات سريعة مثل التصدي للجفاف بسبب قلة الأمطار وانتشار الحرائق التي لم يتم التصدي لها خلال الخريف الماضي، كما يلاحظ نقص في الجدية في مواجهة شبح الإرتفاع الكبير لأسعار المواد الاستهلاكية بسبب الزيادة المُحتملة في أسعار المحروقات، وزيادة التعرفة الجمركية، ومشاكل الزراعة والصيد. كان بإمكاننا، في الجانب الآخر مثلا، أن نشاهد طبقة سياسية تتفاعل مع نفسها من أجل انتاج قيادة وهيئات للحزب دون أن تتأثر سمعة الرئاسة من خلال تسييرها المباشر لهذه العملية التي تم فيها خلط أوراق عديدة من عدم احترام قوانين وقواعد العملية والدور الهامشي للمؤتمرين. وبصفة إجمالية، كان يجب أن نلاحظ أن هناك جهودا لوضع الدولة على الطريق الصحيح. نحن أمام دولة غير وظيفية، وآلية ثقيلة وغير واضحة لإتخاذ القرارات، وحكومة غير فعالة. لهذا الحد لا يمكن أن نطمع بالتغيير نحو الأحسن، ذلك ضرب من الخيال، لكن يمكننا تخيل الفشل بأسرع من المتوقع إذا استمرت حالة الخمول هذه.

القلم :لا شك أنكم تابعتم باهتمام المشاحنات بين الرئيس السابق والرئيس الجديد حول السيطرة على الاتحاد من أجل الجمهورية.. ما هو انطباعكم بهذا الخصوص؟ وهل كنتم تتوقعون هذه القطيعة بين الصديقين؟
محمد محمود ولد بكار : لايوجد من كان يتوقعها بهذه السرعة. صحيح أن ولد عبد العزيز كان يطرح فرضية الصراع في مقدمة خططه حيث رتب تشكيلة الحرس الرئاسي والبنية غير الشرعية لقيادة الحزب على تلك الفرضية، لكي تمكنه بالسرعة اللازمة من الهيمنة السياسية على ولد الغزواني، أو سلبه السلطة عند الحاجة. وقد كان واثقا من مخططه. صحيح أنه لم يأخذ العبرة من فشل خطته في المأمورية الثالثة، وانحدار مؤشر سعد طالعه حيث لم تعد هناك أيّ قوة تتبنى نظامه. وهذا هو سبب كون مبادرة المأمورية الثالثة تم التخطيط لها في جو من الكتمان من داخل البيت أو وسط الأسرة، وتم إفشالها من طرف النظام نفسه الذي ظل يتبنى قيادة عزيز. لم يفهم ولد عبدالعزيز ذلك التبدل في موقف النظام منه ،فهما صحيحا، ومن أنه أصبح خارج دعم "المجموعة" التي وفرت له الوصول الى كل تلك النجاحات أو -على الأصح- الطيش. وهكذا كان فشله في استعادة الحزب ومن ثم السلطة حتمي، لكن عزيز منزعج من وضعه الجديد ويرفض القبول به تحت اَي ظرف، رغم ذلك يتجنب غزواني إيذائه وفاءً لصداقة يفرض الحفاظ عليها درجة كبيرة من الاذلال غير معقولة، وتتعارض مع دور وصفة الرئيس، ومع ذلك قبل غزواني الوقوع تحت تأثير تلك الصداقة، ونفذ الكثير من الاملاءا،ت لكن ذلك لا يكفي في قانون عزيز: "الكل أو لا شيء". لقد تمادى عزيز في التصرف خارج وضعه الجديد وحاول ان يفرض قانونه على النظام والنتيجة معروفة، فهو اليوم يقع تحت رحمة غزواني الذي سيسير الأمور بالطريقة التي تجعله يعود بها أدراجه الى وضعه الطبيعي: "شخص معزول لا يزوره زائر ولا يذكره ذاكر"، لكن ببطء شديد، إلا أن ذلك يسبب -مع حركات عزيز الاستفزازية- إرباكا للمشهد، لكن صفحة عزيز في السلطة والسياسية قد طويت، غير أنها، من ناحية الفساد، جرح كبير وغائر في جسم الدولة والمجتمع لابد من محاسبته عليه.
 
 القلم : عند وصوله إلى السلطة، التزم رئيس الجمهورية بتهدئة العلاقات بين النظام والمعارضة التي أصبحت، منذ ذلك الوقت، لا حسيس لها؟.. هل تعتقدون اليوم، مثل الكثيرين، أن المعارض الوحيد لغزواني هو ولد عبد العزيز؟
محمد محمود ولد بكار :المعارضة ميته لعدة أسباب. وفِي الوقت الحالي بسبب الإنهاك وتعايشها مع الحرمان والتهميش خاصة في فترة عزيز "الذهبية في السوء". واليوم تبحث عن فرصة مع غزواني لتغيير وضعها، مقابل الموت التكتيكي هذا، أي الصمت عن غزواني، لكنها غير منسجمة ولا منسقة في ذلك، بل منقسمة الى مجموعتين: بين من يبحث عن مصلحة ذاتية ومن يبحث عن مصلحة وطنية. وفِي جميع الحالات كان بإمكانها أن تشارك بتقديم رؤية حول الوضع عكسا لوضعيتها السلبية. أما ولد عبد العزيز فيجب التحقيق في الفضائح التي تثار حول تسييره الكارثي للبلد واعترافاته بثروته الهائلة التي لا يوجد لها مصدر من نشاط طبيعي وشريف. بعدها يمكن تحديد مكانه بموضوعية.

القلم: خلال الرئاسيات الأخيرة ساندتم المرشح ولد بوبكر الذي حل في المرتبة الثالثة من بين المرشحين.. شأنه شأن باقي مكونات المعارضة بقي، بدوره، لا حسيس له.. هل تعتقدون أن له مكانه في المعارضة؟ إذا كان الجواب نعم، فأي مكان تُرى؟ :
محمد محمود ولد بكار :مساندتي للسيد سيدي محمد ولد بوبكر جاءت ضمن تصور استراتجي لكسب رهان التناوب، وقد ذكرت ذلك في مقابلة مع جريدتكم سنة 2017 أن سيدي محمد مرشح مثالي لإنتخابات 2019 وكررت نفس التصور بتوضيح أكبر في مقابلة مع قناة " الوطنية" أواخر نفس السنة، رغم أنه لم يبد حينها تحمسا ولا نفورا من الفكرة بسبب قوة الإلتباس في المشهد حينها، ووعدني بمتابعة الوضع باهتمام بالغ، كان عليّ بالمقابل أن أخلق حراكا يشجعه على ذلك، وهكذا قمت بمشاورات واسعة داخل الطيف السياسي في الداخل والخارج من أجل بلورة رؤية تبعث على موقف وطني من الاستحقاقات القادمة، يقوم على توحيد جهود المعارضة بالنسبة لمجابهة النظام من اجل خلق ظروف وشروط مقبولة للإنتخابات بصفة عامة، والتنسيق في الإنتخابات المحلية، وخلق ميثاق شرف حول دعم مرشح وحيد للإنتخابات الرئاسية. وقد أثمرت تلك المشاورات عن ميلاد كتلة الميثاق عبر التنسيق والتخطيط الذي بدأته 2018 من لاس بالماس مع المناضل الكبير السيد دفالي ولد الشين. وخلال 3 أشهر تم الإعلان عن كتلة الميثاق التي ضمت مجموعة من الوزراء السابقين ومنتخبين ومحامين ودارسين وإعلاميين، وتمت مهاجمتها مباشرة من طرف النظام من خلال وزير خارجيته حينها بسبب وزنها ومن أجل عزلها. كنّا نسعى لبلورة رؤية ووضع مخطط أو آلية لتوحيد المعارضة من خلال فتح النقاش مع كل أطراف المعارضة وحصر النقاش في نقاط محددة، والتنسيق للمشاركة في الإنتخابات التشريعية، وتسويق فكرة المرشح الموحد للرئاسيات أولا، ومن ثم الدخول في التفاصيل: توقيع ميثاق الشرف والتوقيع على معايير محددة للمرشح. وكانت المعايير تدعم الترشح من خارج المعارضة الذي يخدم عدة أهداف منها محاولة شق صفوف النظام الذي يملك الأغلبية، وهو تكتيك أدى إلى نجاح تجربة التناوب في إفريقيا المجاورة، ومنها أن لا يكون النجاح بقوة المعارضة وحدها، وما يفهم من ذلك من فكرة الصراع والمجابهة، بل يكون بواسطة الأغلبية والمعارضة وما يعطي ذلك من ضمانات بعدم تصفية الحسابات مع النظام الذي كان موجودا.. في الأخير وفِي جو شديد التعقيد تم دخول سيدي السيد محمد لساحة النزال السياسي. وكانت الأهداف المعلنة دعم حظوظ توحد المعارضة حول شخصية وطنية من خارجها وتعزيز فرص التناوب وخلق مناخ التغيير والإصلاح، وبهذا تم خلق مرشح جدي ومنافس قوي يحمل حلما وطنيا، ويمكن ان يقلب القاعدة. وحصل مرشحنا على المرتبة الثالثة بسبب ما نعتبره تزويرا، ومع ذلك كان يجب أن يتم استثمار تلك النتيجة من أجل الحصول على تنازلات وطنية، على سبيل المثال: الإعتراف بشرعية غزواني مقابل إصلاحات سياسية، والحفاظ على خط المعارضة المصممة على الإصلاح وفق ما تمخض عن نقاشنا. وتم توقيع بيان مشترك مع المترشحين الثلاثة تضمّن هذا الموقف. وبعد لقائهم بالرئيس غزواني تخلت المجموعة، بمن فيهم سيدي محمد، عن تلك المقاربة رغم رفض غزواني بتاتا للحوار، مقابل تعزيز فرص الاستقرار وتقوية مركز غزواني ضد عزيز ، والتمسك بخط المعارضة. إذن يوجد سيدي محمد ضمن التوجه العام للمعارضة اليوم وكواحد منها، لكنه فوت على نفسه فرصة زعامة خط المعارضة. وذلك هو سبب اختلافي معه، حيث اعتقدُ ان النسبة التي تحصلنا عليها، بسبب قوة ووضوح الموقف والأمل في التغيير، يجب الحفاظ عليها واستثمارها في نفس هدف التناوب وفرض شروط التغيير...

القلم : الموريتانيون ينتظرون أفعالا ملموسة من ولد غزواني، خاصة في مجال محاربة الفساد، ونهب الاقتصاد الذي يُتهم به عزيز والمقربون منه.. ألا تعتقدون أن تأخر الحكومة الحالية عن مساءلة المفسدين الذين اشتبه فيهم تقرير محكمة الحسابات، وكون غزواني يعمل على إعادة تدوير أشخاص مهمين في نظام سلفه، قد يلوث صورته لدى الرأي العام؟

محمد محمود ولد بكار : منذ اليوم الاول لترشح ولد الغزواني كان الشعب ينتظر منه تغييرا ملموسا في اوضاعهم وفِي معاملة الدولة لهم ،ولحد الآن تغير شيء واحد إيجابي ،هو ابعاد ولد عبد العزيز عن المشاركة في اتخاذ القرار ، لكن الإطار العام للفساد وأدواته لاتزال حاضرة بقوة في تحريك دفة القرار : مستشارين للرئيس ووزراء في البلاط وفِي الحكومة ومديرين وقادة سياسيين في الحزب . فهذه الكتلة المتماسكة ستمنع اَي جهود للإصلاح بل إنهم سيسطرون على غزواني الاعزل، الذي لم يتسلح بالأطر الاكفاء ولا بالخبرات من خارج النظام . ولا يملك لحد الان نية للتخلص منهم ،بل إن التعيينات لاتزال تظهر تكالبهم عليه ، إذن لايمكن توقع إصلاحات كبيرة تغير من وضع المواطنين مادامت الإرادة السياسية للبلد تتعايش مع هذا المناخ ، وهذا مايؤخر التحقيقات في الفساد . نحن اليوم بحاجة لرئيس يستفيد من خبرة أبناء البلد ومستعد للاصلاح كجزء من قناعة راسخة للبناء ،لاتحتكره جماعة الأهل والأقارب ولاجماعة المهنة، ولا يكون ضحية لآرائها وتقاريرها،. أن يكون المعنى الحقيقي للعهد وقيمته في وفائه باليمين الدستورية ، والموثق الذي أخذه على نفسه "تعهدات "أمام ربه وأمام الشعب .كماينقصنافي الطرف الآخر طرف المعارضة،زعيم وطني يحمل الهم العام ،فعلا لدينا زعماء طائفيين وهؤلاء عندما يكونون ملتزمين بقضاياهم الخاصة أوكلما ابتعدوا عن المتاجرة السياسية سيكونون مهنيين أكثر ،ومن خلال إطلاعهم على المشاكل العميقة لطوائفهم يمكن أن يقدموا نظرة أشمل وحلولا أوسع ،يمكن تبنى عليها سياسية أعمق للحكومة ولبرنامجها ، لكن البلد بحاجة لشخصية وطنية تقود العمل الوطني في الطرف الثاني في اللعبة .فالرئيس وحده لايمكن أن يقوم بكل شيء لكن يخلق الإرادة لكي يشارك الجميع في بناء الوطن ،وهذا هو معنى الزعيم الوطني .وهكذا أعتقد أن صورة غزواني يمكن بنفس القدر وبنفس السرعة صقلها أوتلويثها وذلك بارادته وحسب رغبته ،فعليه الاختيار ،وعلى كل حال ليس لديه الكثير من الوقت قبل تحديد ملامح صورته التي يريد أن تراه الناس عليها .

القلم :هل أتنم من بين من يطالبون اليوم بالتحقيق في عشر سنوات من حكم عزيز؟ وماذا تعني بالنسبة لكم خرجته الإعلامية التي تحدى من خلالها أي أحد أن يقدم دليلا على ثرائه بصفة غير شرعية؟
محمد محمود ولد بكار :قبل نشر تقارير محكمة الحسابات، كانت المعلومات عن الفساد غير رسمية، أما بعد نشرها من طرف محكمة الحسابات فقد أصبحت رسمية وثابتة مع أنها وثّقت لحالة فساد شائعة وخلال عقد كامل من الزمن. وهكذا أصبح إلزاميا على غزواني، من الناحية القانونية والأخلاقية، ان يفتح تحقيقا عاما، كما أن نتيجة التقارير المحاسبية تُظهر أن البلد في وضع اقتصادي فالس وأن جميع شركات الدولة باستثناء صونادير فالسة أو في وضع غير قانوني، وحصيلة هذا التحقيق المحايد الذي قام به الدكتور محمد ولد محمد الحسن أن ديون شركات الدولة وصلت 1000 مليار أوقية، ينضاف إلى كل ذلك الزيادة الهائلة في مداخيل الدولة خلال 2009_2014 بسبب صعود أسعار المعادن حيث حصلت الدولة على مداخيل اجمالية خلال تلك الفترة تقدر ب 17 مليار دولار، بينما وصلت الديون ل5 مليار دولار مع أوضاع اقتصادية واجتماعية مزرية، إذن هذا وضع غير طبيعي ولا يمكن السكوت عليه بحال من الأحوال. كما يعيش ولد عبد العزيز في حالة من الثراء الفاحش الذي لا يبرره راتبه، وقد اعترف هو نفسه بها. ينضاف الى ذلك حجم الثراء الفاحش في محيطه العائلي الذي لا يمارس مهنا معروفة يمكنها ان تدر هذا الحجم الكبير من المال في هذه المدة القليلة من الزمن لأحد بدأ من الصفر. هذه الوضعية تفرض تحقيقا عاما خارجا عن مطالبة الناس. أما كون التحقيق صار مطلبا شعبيا عاما فإن من مصلحة ولد الغزواني التجاوب معه، أما في ما يتعلق بخرجات عزيز الإعلامية فهي خرجات استباقية، لتطهير نفسه أمام الرأي العام، لكي يكسب بعض التعاطف، ويحرك مشاعر القبيلة، لا غير .

القلم :الرئيس غزواني يسيطر حاليا على الاتحاد من أجل الجمهورية.. ماذا، حقيقة، يمكن أن يفيده هذا الحزب؟ وماذا يمكن أن يفعل الرئيس للمغاضبين عقب مؤتمر 30-29 دجمبر المنصرم؟
محمد محمود ولد بكار : الحزب الحاكم ظل مصمَما على حزب الشعب، يخدم سلطان الفرد، وبالتالي مجرد آلية انتخابية ودعائية كثيرة الضجيج، لا يدير صراع الأفكار ولا يدعم الحفاظ على برنامج والتزامات الرئيس، لكنه دعامة مفتوحة أو توقيع على بياض أفسد الأنظمة العسكرية، وأفسد الديمقراطية في البلد، ولا اعتقد انه غير شيئا، بل نلاحظ أن غزواني يحشد له الدعم وسط داعميه الجدد حتى من منافسيه في الانتخابات الماضية، في حين لا توجد مبررات موضوعية لمشروع التغوّل هذا، بل هو أمر مخيف، خاصة أنه لا يواجه أي قوة سياسية، فقد ضربت المعارضة التقليدية حلم التناوب لمصلحته، وهي اليوم في وضع مشتت، ومع ذلك تتفق على منحه منطقة رمادية حتى تتضح فيها توجهاته النهائية إزاء الاصلاح وإزاء إرث ولد عبد العزيز، لكن تلك العطية التي حددها البعض بسنة كحد أقصى بدأت تنفذ بسرعة، ولَم يتغير اَي شيء، بل ان الوضع في طريقه للانحدار. وهكذا يكون لا الحزب ولا الاغلبية شكلا إضافة إيجابية لغزواني، فلم ينتجا اَي خطاب ولا اَي تصور، وليس بإمكانهما تحريك الوضع عن حالة الاحباط التي يمر به الكل. وبهذا يكون لا أهمية للحزب خارج مهمته التقليدية المتمثلة في أن يبقى وسيلة في يد الرئيس يفرض بها حصوله الدائم على الأغلبية، أما بالنسبة للمغاضبين فيمكن إرضاؤهم بمجرد اللقاء بالرئيس. الوضع برمته سيّء .

القلم :منذ أيام نشاهد نقاشا ساخنا حول توزيع الدعم السنوي الذي تقدمه الحكومة للصحافة.. كيف ترون المشهد؟ هل بالنسبة لكم يجب إصلاح معاييرالاستفادةمن ذلك الدعم ،أم يجب تنظيم الصحافةلا؟

محمد محمود ولد بكار : أعرف على وجه الدقة أولويات هذا البرنامج، فهل يدعم الوجود: أي وجود المؤسسات الصحفية؟ أم هل هو من أجل ترقية الأداء الصحفي؟ وعلى كال الحال المبلغ صغير والقطاع ليس مضبوطا، وفكرة الدعم نفسها غير واضحة، بالتالي يجب التفكير في وضع محددات جديدة لهذا الدعم، ولابد هنا من التفكير في الضوابط المهنية والاخلاقية ودعم الإرادة ، وهذا عمل معقد لابد له من إرادة أصحاب القطاع أنفسهم، وأن يأخذوا مبادرة القيام بمشاورات واسعة حول الموضوع، ومن ثم الخروج بعريضة عامة تقدم للهابا.