الجمعة
2024/05/17
آخر تحديث
الجمعة 17 مايو 2024

هل التحقيق في الفساد يستهدف التحقيق مع عزيز؟ أم التحقيق مع النظام؟ وهل عدم القدرة على الفصل بينهما هو ما يعيق التحقيق؟

27 يناير 2020 الساعة 18 و30 دقيقة
هل التحقيق في الفساد يستهدف التحقيق مع عزيز؟ أم التحقيق (…)
طباعة

أخذ التفاؤل يدب في النفوس إثر الحديث عن عرض نقاش لجنة التحقيق البرلمانية على مكتب الرؤساء في الجمعية الوطنية اليوم التي وضعت في الثلاجة لبعض الوقت لأسباب غير مفهومة! وكانت اللجنة التي تم اقتراحها من طرف بعض نالواب في البرلمان الموريتاني تدخل على خط الحراك الوطني في موجته العارمة المطالبة بالتحقيق في فساد العشرية،
منذ أن تم تنصيب محمد ولد الشيخ الغزواني رئيسا للبلاد، في إشارة واضحة لاتهام محمد ولد عبد العزيز بالفساد استنادا لقيادته الفردية لتلك الحقبة بقوة وصلابة، الأمر الذي جعل كل ما تمخضت عنه العشرية يُعد من فِعله صالحا كان أو فاسدا، خاصة أنه هو من يفتح الرشاد (نظام الصرف المالي للدولة)، وهو من يعطي الأوامر بغلقه، وهو من يحدد ميزانية الاستثمار وميزانية التسيير في خطوطها العريضة وأرقامها الإجمالية، وهو من يصادق على الصفقات ويأمر بإلغائها، وهو المستفيد الأول من ثروة البلد، والمعفى الأول من ضرائبه، وبموجب ذلك هو أكبر وأغنى رجل أعمال خلال فترة قياسية عرفها تاريخ البلد، وهو صاحب أغنى أسرة (أطفال وزوجة وأصهار وأقارب)، وهكذا.. تجعله هذه الوضعية هو المسؤول الأول عن فساد هذه الفترة فهل هو وحده من قام بذلك؟ أم أن هناك معاونين ومخططين؟ وهل لهم مسؤولية قانونية وأخلاقية اتجاه خيانة الأمانة وقبول تنفيذ أوامر الفساد أو التخطيط له والمشاركة فيه؟
صحيح أن عزيز كان قويا وصاحب أكبر نفوذ على جميع أصعدة المرحلة، لكنه كان مستندا على لائحة كبيرة من المسؤولين والمعاونين والشركاء المقربين انطلاقا من وظائفهم سواء في المؤسسة العسكرية أو في الحكومة أو في وظائف أخرى، فهل هذه اللائحة الكبيرة التي تضم سخصيات وازنة وفي مراكز قوة ومواقع حساسة سيطالها التحقيق في الفساد مهما كانت درجة ضعفه أو توجيهه؟ أم أنها ستنجو منه لأنها في إطار ممارستها لمهامها تحصل على تعليمات وأوامر تشكل لها الحماية من قانون المتابعة؟ وهل يمكن السكوت على ثرواتها الطائلة التي لا توفرها الوظيفة ولا مزاياها القانونية؟ وهل بهذا يكون الفساد فساد نظام وليس فساد عزيز وحده أم العكس؟ وهل عدم تحديد هذه الاشكالية هو السبب في تعطيل الحركية نحو التحقيق في الفساد؟
هذا بالإصافة إلى أن عزيز يملك معلومات وملفات عن الكثيرين حسب ما لوَح به مرات، كما يبدو أنه خطط لكل الأعمال التي كان يقوم بها من فساد لدرجة أن لا حضور واقعيا قانونيا ملموسا له في هذا الفساد؟ وبذلك سيتعين على التحقيق أن يستهدفه بشكل لا غبار عليه ويبدأ التحقيق معه شخصيا وفي مصدر ثروته، وهو ما يتجنبه غزواني؟ أم أن الأمر سيقود لتحقيق عميق، أي داخل النظام والتعليمات والأوامر والصفقات والعمولات (حاملها، والوسيط فيها، وجهة الدفع) وغيرها من التحقيقات التي ستطال الكثيرين من أصحاب المراكز الحاليين؟
هذا بالإضافة إلى أن تقرير محكمة الحسابات تحدث عن العديد من الشخصيات والمؤسسات، وبهذا يكون التحقيق في فساد النظام وليس فساد عزيز هو التحقيق الموضوعي والشفاف الذي يجب أن تقوم به الدولة ومؤسساتها، فهل هذا ما يعيقه؟