الجمعة
2024/05/17
آخر تحديث
الجمعة 17 مايو 2024

نقاش حول التحقيق في الفساد.. تجب محاكمة ولد عبد العزيز و لكن ليس لوحده

5 فبراير 2020 الساعة 11 و44 دقيقة
نقاش حول التحقيق في الفساد.. تجب محاكمة ولد عبد العزيز و (…)
طباعة

في خضم تشكيل اللجنة البرلمانية للتحقيق في تسيير عشرية الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، وجهت صحيفة تقدمي في ركنها “سؤال جوال” للصحفي الموريتاني محمد محمود ولد بكار (المدير الناشر لصحيفة العلم) السؤال التالي:

هل تعتقدون أنه يجب تقديم الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز للمساءلة القانونية؟ و لماذا?"”.
فكان رده كالتالي:

"يجب تقديم الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز للمساءلة و المحاكمة، لأنه أشرف على تسيير فترة من الفساد لها تأثير بالغ على مستقبل البلاد، و لم يتوقف ضررها على فترة حكمه.. و يتعلق هذا التأثير بالاستغلال السيء للموارد و بالديون الضخمة التي تركها عبئاً على كاهل الشعب الموريتاني، و التي تساوي 100,4% من الدخل القومي الخام.. هذا الفساد الذي يتمثل أيضا في بعض الصفقات و الاتفاقيات المجحفة بالبلاد.. و هو فساد في الحقيقة تم انتهاجه في صيغة ظاهرها الإصلاح و محاربة الفساد، ليتم حرمان الكثير من المواطنين و إقصائهم تحت هذا الشعار.. لهذا فإن هذه المشاريع و هذه شبكة الطرق التي نشاهدها رأيَ العين إنما تخفي وراءها فساداً كبيرا، فمثلا نرى طريقاً من 10 كيلومترات تكلفتها 140 مليار أوقية، و الواقع أن هذا المبلغ يكفي لإنجاز طريق طولها 140 كيلومتراً.. هذا الفساد واضح جداً في صفقات التراضي و في ميزانيات الاستثمار التي كانت تذهب لمؤسسة واحدة، واضح في جميع مؤسسات الدولة التي وصلت ديونها مجتمعة لـ 1000 مليار أوقية، واضح في فساد صفقات الكهرباء التي تمثل 40٪؜ من الدين الوطني، في الوقت الذي يرتفع فيه سعر الكهرباء كما لايتوفر منه ما يكفي المواطنين.. هذا الفساد الذي ينجلي أيضا في خلق طبقة جديدة من رجال الأعمال و من أصحاب البنوك بمجرد منحهم بعض الامتيازات، من خلال "ورقة" يحصل بها على أموال طائلة. بهذا تم إفساد مناخ الإعمال و إفساد شركات الدولة التي توفر خدمات للمواطنين و يعمل فيها موظفون يعيلون أسراً.. هذا الفساد يتجلى أيضا في أن الدولة ظلت تسيّر من خلال فرد واحد يوزع مواردها في شكل رشاوى على أشخاص و أحزاب سياسية و أسر، و كل ذلك من أجل خدمة هدف شخصي.

لكن هذا الفساد الذي كان ينتهجه محمد ولد عبد العزيز، حتى و إن كان هو رأسه و من يصدر الأوامر و التعليمات فيه، فإنه لم يكن وحده فيه، و إنما كان معه آخرون، و لهذا لا تنبغي محاكمته لوحده.. هناك مجموعة كبيرة من الموظفين و المسؤولين عن تسيير قطاعات بعينها، مسؤولون قانونيا أيضا، فهم من وقعوا الكثير من هذه الاتقاقيات، مما يجب أن يعرّضهم أيضا للمساءلة..

إذا كانت هنالك مساءلة حول فساد العشرية المنصرمة فيجب أن تشمل جميع من شاركوا في الفساد الواضح في تقارير محكمة الحسابات و في السحوبات من الخزينة العامة. بهذا نضمن عدم تكرار هذه الممارسات في المستقبل، كما يخولنا أيضا استرجاع ما تم نهبه من أموال الشعب، الذي يحمل على عاتقه دينا بـ 5 مليارات في حين وصلت مداخيله لـ 17 مليار خلال فترة ولد عبد العزيز بسبب ارتفاع أسعار الحديد من 28 دولارا لـ 182 دولارا و ارتفاع سعر الذهب من 470 دولارا إلى 1800 دولار، و النحاس الذي ارتفع سعر الطن منه من 3400 إلى 5400. هذا الارتفاع الهائل في أسعار المعادن كان السبب في النمو الذي تم الحديث عنه و ليس عمل الحكومة، غير أن هذه الزيادة الكبيرة لم تنعكس على أوضاع المواطنين، بل أن أموالهم العمومية ذهبت أدراج الرياح بسبب هذا الفساد الذي نتحدث عنه.. و في الوقت نفسه تحملت الدولة ديوناً غير عادية، و حصلت على أموال كثيرة من الهبات و المساعدات..

أين كل هذا؟.. هذا هو السؤال الذي ينبغي طرحه، فعلى الدولة أن تسترجع إموال الشعب و أن توضح له أين ذهبت، و تحاسب المسؤولين عن الفساد، و تتم إقالتهم من مناصبهم، و عدم السماح لهم بتسيير موارد الدولة، و البقاء في وظائف يمكنهم من خلالها اتخاذ قرارات مثل القرارات التي سبق لهم أن اتخذوها في حق الدولة، بأوامر عليا.

كل من يمكنه أن يمتثل أوامر عليا بالفساد فلا يجب توظيفه و لا منحه مسؤولية جديدة، حتى لا يكرّر نفس الخطأ"