الخميس
2024/04/25
آخر تحديث
الخميس 25 أبريل 2024

هل يريد بيرام أن يدخل السجلات الغربية أو قلوب الموريتانيين؟

20 فبراير 2020 الساعة 11 و46 دقيقة
هل يريد بيرام أن يدخل السجلات الغربية أو قلوب الموريتانيين؟
محمد محمود ولد بكار
طباعة

لا تعطي المنظمات الحقوقية الغربية أوسمتها للشجعان الذين يكافحون الظلم بصدور عارية في مواجهة رصاص المحتل الغاشم، ولا لرموز النضال الذين يحملون خطابا مؤصلا للمشاكل الإجتماعية، ويبحثون بجدية عن الحل ،ولاللزعماء الوطنين الأقحاح المتوازنين الذين يملكون مقاربة وطنية تقوم على التشخيص والتقييم وبناء الحل ،لكنها تدعم من يجمع كل أوساخ اللغة وخطابات العنف والكراهية وتقسيم المجتمع والتطرف ويضعها في سلة واحدة ويصدح بها دون حياء .
هذه منظمات غربية من الناحية الإيديولوجية ،يسيطر عليها الفكر المسيحي العدائي الذي يحمل على عاتقه التفوق الإيديولوجي الغربي: بمعنى جملة الأفكار والتصورات التي تجعل الغرب هو المسيطر والبقية تعاني من انقسامات ومشاكل داخلية،فالغرب هو من يدعم ويلتزم بحماية إسرائيل وهي تقترف أبشع أنواع الجرائم ضد الإنسانية ،الغرب هو الذي دمر دولنا بإسم الشرعية الدولية ،ومن أجل بناء الديمقراطية فيها، وخلف دمار الحرب نجد العقود والصفقات والفساد المتعفن ،والسيطرة على الأقتصاد والموارد ،وهكذا يسعى دائما لأن يكون وضعنا قابل للإنشطار ،ويضع لذلك بؤرة إنفجار في كل دولة ، تتيح له التدخل وقت مايريد . لقد وزع مستعمراته السابقة (دول العالم الثالث )في بوتقة صراعات لا تنتهي لنفس الغرض ، وطوّقها بحزام ناري ، حزام الطوائف والأقليات الذي يأخذ واحداً من أربعة أشكال :إما أقلية إنفصالية أو أقلية قومية أو أقلية توحيدية أو أقلية دينية،وصار ينفخ فيه كل وقت ، ولأجل الإبقاء على تلك الوضعية الصائرة إلى التأجيج يبحث دائما وباستمرار عن تطوير التوتر، وزيادة نسبة الديناميت الملفوف بخطاب الحقد والكراهية في الخطاب الشرائحي الكاذب ، والخطاب التقسيمي ، المُجرّم والمنبوذ ،والمصنف، بالجهل والعنصرية لديه ،المدعوم بالأوسمة والإمتيازات ، من طرفه عندنا .فهل حقا يعي بيرام خطورة ما يريدون منه ، ويدري عمق وخطورة تصريحه ومدلول نظام الفصل العنصري : إنه هو الوضع الذي يتم فيه حرمان الفرد من كل حقوقه على أساس اللون ،وتحدد له منطقة حقيرة في المعاملات ،وفي الأشغال وفي النقل وفي الأماكن العمومية ،ولا يحق له الترشح ولادخول مرافق ولامدارس معينة ،هل يوجد هذا في موريتانيا ،هل يجب تذكير بيرام بأن المدارس العمومية التي تصرف عليها الدولة أعلب تلامذتها من المجموعة التي يقول أنها صحية الميز العنصري ، هل يجب تذكيره أنه أثناء حكم سيدي ولد الشيخ عبد الله أنها كانت ثلاث هيئات دستورية الأهم في البلد من أصل خمسة يترأسها أشخاص من نفس المجموعة التي يمارس عليها الفصل العنصري حسب بيرام! هل يجب تذكير بيرام بأن حملاته الإنتخابية كلها تم تمويلها من طرف المجموعة التي يدعي أنها تمارس الفصل العنصري ويخدمه الكثيرين منهم بلاعوض ، هل يجب تذكيره بان التزكيات التي حصل عليها للحصول على فرصة الترشح للرئاسيات أغلبها من المجموعة التي يقول أنها تمارس الفصل العنصري ،لكن الحقيقة أن الإتجار شيء والصدق شيء آخر .
في موريتانيا ليس بيرام وحده هو من يدافع عن مشكل الإسترقاق ومشكل الوحدة الوطنية ،وليسو لحراطين وحدهم هم من يتبنى قضية العبودية، بل هي مشكلةوطن لسبب وجيه ، لأن مستقبلنا مرتبط بها، ومستقبل أجيالنا، ولأنها مسألة حق وعدالة ومساواة ،لكن لا يمكن حلها بواسطة الأرض المحروقة، أو كل شيء أو لا شيء ،ولا بالتأجيج وتشويه الوضع ،وعلى بيرام أن يعرف أنه لايمكن الحصول على البضاعة وثمنها في نفس الوقت ، وبالتالي عليه أن يحدد جمهوره الحقيقي ومن يريد أن يبيع له مآسي لحراطين، للأجانب، أو للناخب الموريتاني ، للمثقف ، للمناضلين الذين حملوه على ظهورهم لكي يكون قائدا وطنيا ،من أجل العدالة والمساواة ؟
إن هذه المنظمات الحقوقية مثل الصراصير لاتوجد إلا في المكان الذي يعج بالأوساخ ،وفضلات التفكير ولا تلتقي مع ، ولا تقدم أوسمتها إلا لمن يسبح في تلك المجاري ، ومستعد للإستحمام بتلك المياه ،ونحن في الحقيقة لانرضى لبيرام أن يمشي في تلك الميادين ،لأنه على الأقل سيحرمه من الكثير من الألق والتعاطف الذي يدخله في قلوب الموريتانيين.
محمد محمود ولد بكار