الخميس
2024/04/18
آخر تحديث
الخميس 18 أبريل 2024

حتى يكون تدخل الدولة عميقا..!(ح 2)/ محمد محمود ولد بكار

26 مارس 2020 الساعة 09 و10 دقيقة
حتى يكون تدخل الدولة عميقا..!(ح 2)/ محمد محمود ولد بكار
طباعة

العالم اليوم متوتر وأكثر من ذلك مقطوع الرأس ، لا توجد قوة تقوده ، وقد أخذت الثقة بالقوة والتقدم اللذين كانا من حظ بعض الدول من دون ريب ، تضع نفسها محل الشك ،وصار الموقف الدولي المشهور هو أن تغلق كل دولة الباب على نفسها،وكأننا في يوم يحيل إلي يوم القيامة ، حيث تواجه كل دولة مأزقها الفردي لوحدها. ،لا يوجد من هو مستعد لأن يتزعم العالم في الحرب على عدو يلعنه كل أهل الأرض ،آمريكا صرفت 2ترليون دولار للأخذ بخاطر شعبها العصي بسبب الحرية المفرطة لكي يجلس في بيوته .
لقد رسم هذا الفيروس الذي لا يراه أحد حدود القوة والتقدم لكل دولة ،هكذا أضحى مجال التفوق الأمريكي هو جلب الدمار والنهب وبالتالي لن تكون تجربتها مهمة حاليا بكل تأكيد ،أما أوروبا المسكينة فهي مذعورة هذه الأيام وصارت مثل التاجر المفلس الذي يبحث في دفاتره القديمة، عن أي مدين، فقد عادت إلى المخازن تتفقد عدد أجهزة التنفس وعدد غرف الحجز . أين هي مظاهر القوة الكبيرة التي لايقف أمامها أي شيء .

الصين وحدها لم تملك الدواء ولم تفكر في امتلاكه لكي تقضي على الداء ، لكنها واجهته بقوة الدولة وكلمتها المسموعة، وقدمت بذلك درسا مهما للعالم أجمع :قويّه وضعيفه "فلم تنهي وقتها في الحرب مع المرض لكنها قامت بعزله" من خلال الصرامة وفرض إجراءات الحجر من اليوم الأول كمن يخاف قارعة تسقط عليه من السماء وامتثل كل الشعب لتلك القرارات وبكل سرور ،وهكذا تم التخلص من الوباء في غضون أربعة أسابيع .

وهناك تفصيل مهم في الحدث كدنا ننساه لو لا الإيمان الطارئ للوزير الأول الإيطالي الذي قال إنه يترك الأمر للسماءبعد خروج الوباء عن السيطرة ،ألا ( وهو توجه الرئيس الصيني للمساجد من أجل الدعاء)،ورفع الأذان وسط لندن من خلال مكبرات الصوت ،كم هي جيدة موجة تذكر الخالق سبحانه هذه الأيام من طرف غير المسلمين، رغم ضجر الكثير من أبنائنا من الدعاء وترتيل القرءان هذه الأيام في الواجهات الإعلامية لأجل رفع هذا الوباء ،لا أعني بالتأكيد طريقة رفع أصوات الأبواق إلى أن تتمزق حناجرها في هجيع الليل كما يحدث في مساجدنا هذه الأيام ،فكل شيء يجب أن يكون بالنظام وبالقواعد الشرعية نفسها "لاضرر ولاضرار".

نحن في موريتانيا لا يلائمنا سوى الحل الصيني ،لكن ليس معناه تبني الجانب القسري وحده من الحل وحمل الناس علئ امتثال الحجر الصحي كأهم مظهر لقوة الدولة وانتصارها على الفيروس ،وعلى شعبها المطحون ،وتركه بين يدي العوز ، بل لابد من أن تظهر قوة دولتنا في الطرف الآخر من الأزمة ، قوية باذلة ومنظمة ،في برنامج تحركها ، يخلط بين الإمكانيات المادية والتخطيط لتدخل باقي القوى الوطنية وتنظيم الفرص الموجودة داخل البلد ، بما يمكن من توفير احتياجات الناس ،إن لم تكن وضعها عند باب كل بيت ،فلتكن قريبة منه ، والأهم من ذلك هو أن تكون في متناول القوة الشرائية ،علينا أن لانننسى أن مظالم الرئيس السابق تمثلت في سياسية إرهاق المواطن بالضرائب وترك الحبل على الغارب للأسعار حتى حصدت فئات كبيرة جعلتها تحت أقدام الفقر ،كما تم اختزال الدولة في شخص أو أشخاص وتصويب كل الصفقات والآستثمارات نحوها ،مما انعكس على العمالة وعلى مستوى الفقر ، إن أي خطة ناجعة ستجعل الدولة تتحمل معاش أغلب الشعب ،وقبل ذلك توفيرالغذاء في السوق . العالم كله يمد نظره إلى عدة أشهر قادمة كحد أدنى للتخلص من ازدياد هذا الوباء،وعندما يشتد الضيق فلن تكون التجارة ولا الصناعة هي المهمة ستكون مهمة الدول هو الحفاظ على أرواح شعوبها ، وهكذا يكون الكثير من المصانع فد توقف وتكون الموانئ قد قلصت من أوقات عملها ، على الدولة أن تستورد من اليوم حاجياتها ل8 أشهر كأقل تقدير ، وبما أن قدرة التجار على توفير ذلك وتسديد كل التكاليف المتعلقة به سيكون صعبا فعلى الدولة مساعدتهم بثلاث قرارات :

⁃ تنظيمها الموردين في كتل ،كل كتلة تهتم بتوفير مادة من المواد الستة الضرورية،القمح ،الأرز ،السكر،الحليب ،الزيت ،والعلف .

⁃ رفع الرسوم الجمركية عن هذه المواد ،وهو ما فعله الرئيس مشكورا
⁃ تكوين لجنة مع التجار لتحديد سعر موحد لهذه المواد في السوق الوطني

⁃ طلب البنوك والمؤسسات صرف راتب الشهر القادم للموظفين على أن يسددوه قسطين في الأشهر القادمة .

⁃ أما الشق الثاني من العملية فهو المتعلق بإيواء الطبقات الرثة سواء تلك التي لادخل لها أصلا أو تلك التي تملك دخلا من جهد مضني لا يوفر إلا القوت اليومي بالكاد .هذه الفئات يجب أن تتولاها الدولة من خلال صرف كتيبات للمؤونة الشهرية ، وذلك من خلال وضع صندوق وطني من ثلاث مصادر :الأموال المخصصة لتآزر هذه السنة ،واموال الزكاة بالجبر والتبرعات .وتبقى المهمة الكبرى للدولة اليوم هي التخطيط والتنظيم .لابد أن تكون هذه الجهود بأدوات جديدة وبطواقم جديدة ،أي ليست بأدوات الهياكل والحزب الجمهوري وحزب الإتحاد ورموز نظام عزيز الذين يدافعون عنه كمصلح و في نهاية المطاف إذا به يتحايل على كهرباء الاستعمال المنزلي.الدولة ليست بحاجة لموظفين مثل خدم البيوت ،لكنها بحاجة لرجال يمتلكون قناعات وقلوبا ،وهكذا يتعين على ولد الغزواني لكي يرى أي نجاح لأي من خططه أن يختار وفق الكفاءة الممزوجة بالمصداقية الشخصية عن طريق النظر في ماضي الأشخاص وملفاتهم وخبرتهم وتجربتهم ،ويستعين بأبناء البلد ، فلم يضع الوقت بعدُ على ذلك .أن تعمل متأخرا وأنت متاكد من نتائج إيجابية ،أحسن من أن تعمل مبكرا دون أن تكون واثقا من حصيلة مجهودك .، لابد من اختيار فريق مستقيم وخطة واضحة المعالم وتصور لأبعد من ثلاثة أشهر،وحضور ذاتي لولد الغزواني شخصيا حتى يمكنه التقويم والتصحيح والتغيير مبكرا