الخميس
2024/03/28
آخر تحديث
الخميس 28 مارس 2024

حتى يكون تدخل الدولة عميقا،غزواني يضع قدراته على المحك /محمد محمود ولد بكار الحلقة الأخيرة

27 مارس 2020 الساعة 19 و18 دقيقة
حتى يكون تدخل الدولة عميقا،غزواني يضع قدراته على المحك (...)
طباعة

الع الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني الشعب الموريتاني الليلة البارحة وهو يلقي خطابا يعرض فيه حزمة من الإجراءات الرحيمة والحازمة لمواجهة كورونا، التي لامناص لأي نظام وطني من أن يتبناها في ظرف كهذا، وإن كان الفارق في ظروف البلد الاقتصادية ،وتؤسس لثقة المواطن في دولة درجت على التربح عليه في وضعيات كالحة، وإن كانت أقل حدة ، لكنها سيئة مثل الجفاف الماحق خلال العشرية الماضية . كما تضمن خطاب ولد الغزواني إبراز القيم المشتركة لهذا الشعب محاولا جمع الناس حول هذه القيم ومن أجل هدف مشترك ونبيل. وقد كان وهو يلقي الخطاب صارما كمن ينتابه خوف المرء على شيء لايملك غيره ، وهي مرحلة من الشعور القوي لا تتوفر سوى في الحالات غير الاعتيادية ،وعندما تتوفر لدى القائد يكون اندفاعه وتحمله للمسؤولية وهو يؤدي مهامه أكبر بكثير من الحالات الاعتيادية ، وهو ما جعل الشعب يمرح لهذا الخطاب وينتظر من ولد الغزواني النجاح الذي يعني تحقيق ما طرح على نفسه تحقيقه من هذا الخطاب . لايخفى على غزواني -حتى وإن كان مستفيدا من مبدأ موضع الثقة الذي تمنحه له الغالبية - مثل كل أهل البلد ، أن الخطابات والشعارات الزاخرة بالإنجازات والوعود هي التي جعلت الشعب يفيض بالملل من رؤسائنا ومن نخبتنا التي تتغنى دائما بتلك الوعود وتدافع عنها ، مع أننا اليوم لسنا في حالة سياسية ولانملك أي وقت ، لأن عدونا أسرع وأقوى منا ولايفرق بيننا .
وهكذا فإن المشكلة الأساسية التي ستواجه ولد الغزواني هي غياب البنية لهذا العمل ،فكل التجارب السابقة تتم بواسطة عجين من شيوخ القبائل والوسطاء السياسيين والموظفين المنتفعين وتكون عاقبتها غبن وصخب وسرقات لا نهاية لها ، وهكذا يكون التحدي اليوم هو ابتكار آلية للوصول إلى المستهدفين ، وكيف سيتمكن من أن يقنع الشعب بأن يخبئ مرضه المزمن "خاصية الغبن والجشع" حتى نتجاوز هذه الغمة ، وكيف سيوَفق في الحصول على أطر تقاسمه نفس الوجع والألم والخوف لكي تجتهد في توصيل هذه المساعدات لأصحابها الحقيقيين ، وليس فريق ولد عبد العزيز الذي لايفرق بين ما هو شخصي وما هو وطني .ولا السلطات المحلية أو الآليات الأخرى خاصة السلطات المحلية التي يعرف الكل كيف كانت تتعامل مع الصدقات المذلة لشعبنا، وهو الغني بموارده ، التي تأتي عقب كل موسم حج من أضحية من الشقيقة السعودية ،ومع ذلك لايحصل الفقراء إلا على القليل منها ،وكذلك بالنسبة للمساعدات ولأي معونات أو مواد مخفضة . والأخطر من ذلك أنه لايمكن العثور على أرشيف أو خطة لهذه العمليات التي تكاد تكون سنوية ، لكي يتم الاستئناس بها في وضع خطة أو لمصلحة اختزال الوقت في جوانب من العمل .
الرهان أصعب من المتصور .
على غزواني أن يعتبر أن هذا الأمر امتحان له شخصيا ، لوطنيته وكفاءته ، وأن يعمل فيه بنفسه ،وأن يضع بعض القواعد والشروط لمن سيشاركه في خوض غمار هذا العمل من موظفين وعمال ، ويجب أن يحيطه بالأهمية القصوى ويبحث له عن نخبة النخبة في البلد ، فإذا لم يتم الوصول إلى الناس في بيوتها أو لم تصلها هذه المعونات فلن تتمكن الدولة من السيطرة عليها ولافرض أية إجراءات وقائية عليها ، وسيتحول الأمر إلى حالة أمنية تقام بالقوة وليس بالهدوء وهذا ليس هو الإجراء الصحيح .
أقترح على الرئيس أن يطرح جائزة كبيرة للأطر الأكفاء الذين سيقومون بمهامهم لأن يكونوا من طاقمه طيلة مأموريته ، ومن المقربين منه ، وأن يعلن عقابا ينهي المستقبل الوظيفي لمن أراد التلاعب أو التهاون أو التقصير في هذا البرنامج ، ويحرمه إلى نهاية حياته من أي وظيفة في الدولة . لابد من استنهاض الهمم ونشر الروح الوطنية لبلوغ الهدف المنشود الذي دعا له في خطابه الليلة البارحة .!