الخميس
2024/03/28
آخر تحديث
الخميس 28 مارس 2024

إذا ظل الرئيس في المقاعد الخلفية فستفشل الاستراتيجية الوطنية لمكافحة فيروس كورونا/محمد محمود ولد بكار

4 أبريل 2020 الساعة 08 و00 دقيقة
إذا ظل الرئيس في المقاعد الخلفية فستفشل الاستراتيجية (...)
محمد محمود ولد بكار
طباعة

ما تزال موريتانيا تقف بفضل الله وحده في الخانة الأولى لانتشار فيروس كورونا حسب تصنيف منظمة الصحة العالمية ، رغم أن الكثير من الإجراءات الحاسمة تم اتخاذها متأخرا بعض الشيء مما تسبب في الحالات المعلن عنها،ورغم ذلك فقد تداركت الدولة الموقف باتخاذ حزمة من الإجراءات ضمن استراتيجية تصاعدية ضد الفيروس ذات أربع محاور :المحور السياسي ،و المحور الأمني ،والمحور الصحي ،والمحور الاجتماعي ،ورغم أن الخطوات الأمنية والسياسية مهمة بالنسبة للبداية، فإن الإجراءات الصحية والاجتماعية وهي جوهر العملية الاحترازية ما تزال تشهد تعثرات كبيرة ،رغم حالة الاستنفار الكبرى وحجم الدعاية المرفق ،كما أن المحور الأمني أصبح يواجه تحدي التسلل.
المعلومات المتوفرة عن دورة حياة الفيروس ،وعن متى يمكن الحصول على دواء شاف له إلى حد الآن ليست دقيقة ،وهكذا يكون من الواقعي تبني خطة طويلة الأمد ،الأمر الذي يشعرنا في موريتانيا بحالة من عدم اليقين اتجاه الآلية التي تتبع الدولة حاليا بالنسبة لمساعدة الأهالي في البقاء في منازلهم مع انعدام أي مرجعيات سابقة ناجحة في توصيل المعونات إلى الذين يجب أن يستفيدوا منها في المقام الأول ،بل الموجود هو تسجيل حالات فشل ذريع على مدى تاريخ البلد في هذه الناحية من تدخل الدولة ،كما يلعب الإعلام عندنا دورا كبيرا في حجب الرؤية عن قصور الجانب الصحي من الاستراتيجية الذي تخللته أخطاء فادحة وبعيدة عن اليقظة والجاهزية .كما أن غياب الرئيس طويلا عن الواجهة جعل المعلومات غير كاملة عن الوضع حيث لايوجد من يمتلك معلومات متكاملة عن الوضع سوى الرئيس الذي تتجمع عنده كل المعطيات ،في حين أننا نعيش على صرير النقود بسخاء داخل صناديق التبرعات ولا نرى أي جدوائية لذلك .
إلى حد الآن لم يستفد المواطن أي شيء من الحزمة التي أعلن عنها الرئيس وتنازلت بسببها الدولة عن جزء كبير من دخلها الضريبي والأموال الكثيرة التي رصدت للخطة )25 مليار أوقية قديمة )، فالأسعار تراوح مكانه والبضاعة ما تزال في مواقعها بعيدة عن متناول الناس ،فلم يتم تقريب أي شيء من المواطن،والبنزين الذي هو رأس خيط سلسلة الأسعار يمد رأسه إلى السماء في موريتانيا ويهوي إلى الأرض خارجها.
فأين يقوم الخلل إذن؟
في الحقيقة لايمكن نكران تأخر الدولة كثيرا عن التزاماتها ، بالنسبة لتاريخ إعلان الإجراءات والجاهزية التي شكلت خرجة موفقة للرئيس ، الأمر الذي وضع استراتيجية الدولة أمام ثلاثة أخطار أساسية : الخطر الأول أن الشعب أكثر تعبئة حول هذا الفيروس من الحكومة بواسطة متابعته للإعلام الخارجي الذي يقدر الخطر حق قدره في حين أن الحكومة تتحدث عن السيطرة على المرض والحديث المطمئن عن احتمال فتح المدارس وفتح المطارات وهو حديث لا تسمعه إلا في موريتانيا وحدها ،بينما يظل رؤساء العالم يتحدثون عن الإجراءات لمدة أطول ويتقدمون كل يوم بإجراءات ،وكأن الحكومة تفت في عضد صبر المواطن وتحمسه لمواجه الفيروس .
ثانيا أن الوقت يمر على المعونات الاجتماعية وتكاد المؤن القليلة في البيوت أن تنفذ بالنسبة لأصحاب الدخل أما بالنسبة للعاطلين أو الذين يعملون من أجل الحصول على قوتهم اليومي فقد صاروا في أوضاع مزرية منذ بعض الوقت، وما تزال الدولة تنتظر مشوارا طويلا يبدأ بالإحصاء دون أن تقدر حدود صبر المواطن على الجوع ، بحيث يتحول حظر التجول إلى حرب على المواطن .
الخطر الثالث هو الفساد الذي بدأت بعض المعلومات ترشحُ عنه في مطابخ الصفقات ،خاصة أن جميع الصفقات ستكون بالتراضي نتيجة للحالة الاستثنائية ، في حين نلاحظ أن الرئيس وإرادة الإصلاح تجلس في المقاعد الخلفية ،وهو ما يعني أننا نواجه تبديد الكثير من الجهود ومن الفاعلية ومن الحوافز ومن الوقت في وضعية يعد ذلك فيها جريمة كبرى .
فالكل اليوم في موريتانيا يعرف أننا نعمل بأدوات النظام السابق والذي قبله والذي قبله ،أي أننا لا يمكننا أن نشاهد قدرا كبيرا من الأطر النظيفة الذي بإمكانه أن يخلق إرادة بالإصلاح ،وهكذا فإنه من الضروري أن يظل الرئيس في المعمعة يغوص في أعماق كل صفقة وكل حركة مع فتح الباب على مصراعيه لمشاركة الكل . ولشد الانتباه قليلا نذّكر الرئيس ببعض الصفقات التي ألغيت بأمر منه ،بعد ما حصل على بعض التفاصيل مؤخرا عنها ومن خارج المسؤولين عن تلك الصفقات ،ولِيَقِسْ على ذلك ،ثم ليعيد النظر في تقرير الخارجية الفرنسية الذي ذهب إلى النتيجة المخيفة حيث يقول : "وحتى الآن، فإن إفريقيا لم تتأثر كثيرا بالفيروس، مع 200 حالة وفاة و5778 إصابة، لكن الإعصار يقترب.."
هنا أكرر للسيد الرئيس لديكم القليل من الوقت في صالحكم ،لكن القليل فقط .