الثلاثاء
2024/04/16
آخر تحديث
الثلاثاء 16 أبريل 2024

في مغبة أزمة كورنا اصدار تقارير استفزازية من آمريكا وفرنسا اتجاه الصين وأفريقيا

6 أبريل 2020 الساعة 14 و30 دقيقة
في مغبة أزمة كورنا اصدار تقارير استفزازية من آمريكا (…)
طباعة

سربت الإدارة الإمريكية تقريرا لاستخباراتها (CIA) بعثت به لمكتب الرئيس ترامب يتهم الصين بالتستر على معلومات كورونا ويحملها مسؤولية تفشي الوباء في العالم على نحو يستوجب العقاب ،في نفس الوقت سربت الحكومة الفرنسية تقريرا عن وزارة الخارجية يتحدث عن تغيير استراتيجيتها في التعامل مع القارة الإفريقية وتجاوز الحكومات بسبب الفساد الذي سيكشف عنه تعاملها مع فيروس كورونا ،إلى النخب التي حددها التقرير .
التقريران حملا رأيا ضعيفا للغاية ولاتُرى منه أي صورة واضحة للمستقبل ويحمل توجها نحو الجهة وفي الوقت الخطأ، في تعبير ضعيف عن مستوى تزعم المبادرة والمسؤولية الدولية اتجاه سلامة البشرية ومستقبل التعاطي مع شبح الأوبئة في إطار الحديث المستمر عن الحرب البيولوجية .
ولاعن وضع البلدين المزري الذي لايسمح لهما بالنظر من الأعلى إلى العالم واعطاء دروس عن القوة هذه الأيام.
ترامب يحاول إغراق العالم في مؤتمراته الصحفية ليحوّل الأنظار عن موجة الذعر التي تجتاح الولايات المتحدة ودرجة الضعف غير المتوقعة التي أخذتها من موقع العز والريادة إلى الاستيلاء على شحنات من الكمامات ومعدات التطهير بطرق ملتوية كانت متوجهة من الصين إلى ألمانيا وفرنسا ، ودون أن يحدد لشعبه كيف ومتى سيتغلب على هذا الوباء حتى دون أن يسيطر على ضجره من قناة السي أن أن التي فيما يبدو أنها تلعب دورها كاملا في إظهار ضعف إدارة مقاومة ترامب للوباء .
والرئيس الفرنسي الذي يسعى من جهته لإعطاء صورة جيدة عن فرنسا القوية بعدما رأى السقوط المريع لدولته وتقدمها الصحي ، من أعين الجميع ،وصار يتحسر على شحنة من مطَهر الأيدي والكمامات اعترصتها آمريكا بتقديم السعر ثلاثة أضعاف للبائع ، دون أن يعدَ هو الآخر مواطنيه بأي شيء عن رفع الحظر الذي تحول إلى كابوس مرعب من الجلوس في البيوت أدى إلى جو من السأم والإكتاب ونوبات نفسية لدي المواطن الفرنسي من شدة صرامته وطول مدته ،ولايرى في الواقع صورة المستقبل الفرنسي بوضوح .
في حين تعيش الصين حياتها الطبيعية دون أي تحجير على مواطنيها ولا على تقدمها ، وتحجز لنفسها المقعد الأول في مساعدة البلدان الغربية المنكوبة بعد فشل مبدأ التضامن لدي الاتحاد الأوروبي .
لقد أظهرت الدراسات منذ بعض الوقت أن العالم بحاجة لتغيير نظامه المختل على أسس جديدة ستخلق بالضرورة قطبية غير محببة عند زعامة النظام العالمي الحالي ،الأسباب الوجيهة أن الأدوات والآليات التي كانت تسيّر النظام العالمي السابق انتهت دورتها ،أي أن الدورة الزمنية لخطة مارشال قد انتهت وسقطت ، وصار من الضروري بناء نظام عالمي جديد يعيد تقويم الاختلالات التي على أسسها سيطر الدولار وحصلت بواسطتها خمس دول ( أربعة منها غريبة ،بمنطق الجغرافيا )على السيطرة سياسيا واستراتيجيا على العالم من خلال الأمم المتحدة بينما لاتحصل قارات ودول على مقعد للمشاركة في تسير دفة القانون الدولي .
حصلت تغيرات كبيرة في العالم مع بداية القرن العشرين لها علاقة بفهم ذلك ومحاولة التصدي له مبكرا من طرف الغرب ، بصعود قوى صامتة جديدة ليست لها أي خلفية غربية بل عدوة في الأعماق للتوجه الغربي .
المحاولات الكثيرة لفرض نظام دولي استثنائي من أجل اتخاذ تدابير تشل تقدم هذه الدول التي في مقدمتها الصين ،لم تنجح : بداية بأحداث 11سبتمبر التي رمت كل التنظير للحرية وللإنسانية في حاوية القمامة ،من ليس "معنا فهو ضدنا" (شعار بوش الذي قتل مليون عراقي ) ، استخدام الاحتباس الحراري ، ومنظمة التجارة الدولية ،الفوضى الخلاقة ،"الإسلام عدو الحضارة الغربية أي عدو التقدم والرقي والحرية "،لكن ذلك ،ورغم القرارات الأحادية على هامشه من أجل توجيه التوجهات الكبرى في السياسات الدولية ونظام التجارة وحركة رؤوس الأموال لم يكبح تقدم الصين ولا نجاح نماذج كبيرة غير غربية في العالم مما جعل الغرب ليس الوحيد هو من تشاهد الناس تقدمه .
إن تداعيات هذا الوضع جعلت الولايات المتحدة مجددا تتجه اليوم إلى نفخ الروح في سيطرتها على العالم وبايّ ثمن ؟
رغم ما يعترض ذلك .
الصين تملك أكثر من 2,5 ترليون دولار من اذونات الخزينة الإمريكية من الدولار ،وتستخدم 25% من الإنترنت مقابل 10% يستخدمها الأمريكيون ،بل لديها نظام قادر على تزويد العالم بنظام إنترنت بديل ، وتقوم ببيع ونشر نصف مليون اختراع سنويا ،وظلت على نحو ثابت تسجل نسبة نمو تصل إلى 6% قبل الفيروس ،مقابل 2% للولايات المتحدة و1,6 لفرنسا ؟. وهذا واحد من العراقيل الذي تجب إزاحته ،وذلك في العادة لايمكن أن يكون بالطرق العادية فلابد من أحداث تكون فوق العادة تقتل مثل ماقتلت الحرب العالمية الثانية من البشر لكي يكون الهدف الأكبر عند العالم هو وقف المأساة ولايهم طبيعة النظام الذي ستخلفه .
الحسابات الموضوعية هو أن تكون الآثار السلبية الكبرى من هذه الجائحة من نصيب القوى الصاعدة لكي يتسنى عزلها بعيدا، وردها إلى الوراء ويتم ترميم النظام العالمي من دونها على قواعده الثلاث : عنصر المؤامرة .عنصر الشرعية .وعنصر المنافسة أو التجارة .

⁃ تغيير الأدوات

لم تعد الأحداث التي تتعلق بنزع الروح من البورصة (سوق الأسهم العقارات ،و سعر الدولار وأسعار النفط والضرائب على المنتوجات الصينية ، وشعارات الألفية : والمناخ ،والشفافية الدولية ،وقانون الإرهاب والفوضى الخلاقة والسلاح النووي وغيرها التي تُتخذ من جهة واحدة قادرة على نفخ تلك الروح بديناميكيتها الاقتصادية وشرعيتها الفكرية والثقافية في نفس النظام العالمي ،ليس لأنه لم يعد مقبولا بتناقضاته مثلا( ما يقع من دعم الإسرائيليين ووقف القرارات الشرعية الدولية لصالح الفلسطينيين ، بل لأنها لم تكبح من صعود قوى جديدة مناهضة للغرب نحو القمة ،الصين في الوضع الحالي تملك ثلث التصنيع في العالم وأكبر مصدر للسلع على الكرة الأرضية، روسيا اكتمل بناء جناحيها العسكري والسياسي أي باءت كل طرق عزلها في منطقتها من جهة ووضعها في جرة آمريكا من جهة ثانية ، كوريا الجنوبية وماليزيا والأرجنتين والهند وجنوب إفريقيا،و(تركيا فاقدة البوصلة) ، تتطور على قواعد أخرى ،كما أن فيروس كورونا منحها قوة أكبر بسبب عدم توقف وتيرة العمل في أغلب هذه البلدان .
⁃ النجاح الباهر الذي حققته الصين ويدعم تقدمها أشواطاً كبيرة للأمام ويهوي بالغرب أشواطاً للوراء .
- الكارثة الإنسانية من حجم الموت والأمراض النفسية والدمار الاقتصادي التي خلفها كورونا هي عنوان النظام العالمي الجديد أو مارشال2020 .
منذ 2011 إلى الآن سمحت موت أقل من 5000 أمريكي باتخاذ قرارات مريعة بالغة التراجع عن المبادئ الأساسية وأبجديات حقوق الإنسان ، وغارقة في العنف والجهل والقسوة وعدم الإنسانية ،وتدمير خريطة بكاملها ووضع اليد على نصف مخزون العالم من الطاقة النفطية لكن ذلك لم يعط نفس الجرعة المطلوبة لتحيين النظام العالمي ،لكن الولايات المتحدة اليوم بسبب هذا الحجم من الموتى تحاول أن تحمّل الصين جريرته من أجل إعادة ترميم النظام العالمي ،وشريكها في ذلك فرنسا الجديدة التي حلت محل إنجلترا الثمانينيات والتسعينيات في تبعيتها للولايات المتحدة، وحيث سمحت لها أمريكا بمشاركة فعالة في الفوضى الخلاقة خاصة اتجاه ليبيا وتونس وسوريا ،فرنسا التي تمنع تطور القارة الإفريقية بواسطة العملة الإفريقية وشروط تقاسم الإنتاج المجحفة والسيطرة على الموارد بأقل تكلفة (اليورانيوم ،الكاكاو ،النفط...) وتغرس الاستعمار والتبعية وتقتلع دولا من جذور الأمن والاستقرار بسبب عدم حصولها على صفقات مثل ما فعلت في ليبيا (تراجع القذافي عن صفقة الطيران المدني بقيمة 4,5مليار يورو ) تقدم رؤيتها اليوم حول مستقبل إفريقيا الذي ستشارك في صناعته ،الرسالة متناغمة مع الرسالة الآمريكية للصين وموجهة لإفريقيا في شقيها ،قوة الساحل التي ترفض تحمل كلفة قتال المتطرفين عن فرنسا والعروش الإفريقية القديمة التي حان وقت تبديلها ،فرنسا تفتح ذراعيها للأجيال التي ستقود ذلك التغيير لكي يحسب لها الإشراف على ذلك ولتظل مصالحها وسيطرتها في مكانها في معي هذه التحولات الجديدة .
المفاجئة الكبيرة للدولتين أن سلاح الديمقراطية والشفافية فشل في محاربة كورونا ،السلاح الوحيد الذي أثبت نجاحه هو الدولة ذات القدرة على أفضل رعاية اجتماعية أوسع وأكبر وقدرة على مد يد العون الآخرين دون أي شروط ،وأن التقدم الغربي كان سلبيا في هذا الاتجاه بالنسبة لشعوبه وللعالم ،وهكذا لم يعد هناك أي شيء في العالم يبتسم لتلك التجربة بعدما ظهر زيفها وضعفها بالنسبة لإنقاذ العالم ،بل أن كل قوتها وانتشارها كانت في خدمة الدمار العالمي ،وهكذا وعلى كل حال يتوجب على الدولتين البحث عن حلول لمعضلات وضعهم وتحقيق النجاح ،وتقديم البرهان على ذلك ،ومن ثم التفكير في الآخرين على أي طريقة شاؤوا .