الجمعة
2024/04/19
آخر تحديث
الجمعة 19 أبريل 2024

العلم ترصد ردود الفعل على قانون النوع الجديد !!

13 مايو 2020 الساعة 17 و24 دقيقة
العلم ترصد ردود الفعل على قانون النوع الجديد !!
طباعة

صادقت الحكومة قبل أيام قانون النوع سيئ الصيت، الذى سبق وأن رفضه البرلمان مرتين خلال عشرية عزيز، وينتظر أن تتم إحالته إلى البرلمان قريبا،
وقد أثار هذا القانون ضجة وانقساما وتوترا داخل المجتمع كما هي عادته فى كل مرة.
إثارة الحكومة لهذا الملف فى هذا الظرف تطرح أكثر من علامة استفهام، خصوصا إذا أخذنا فى الحسبان أن هذا القانون يمس ثوابت المجتمع ويطرح ترسانة من المواد القانونية فى حال المصادقة عليه – لا قدر الله – كفيلة بإحداث تغيير جذري فى نظم وعادات وسلوكيات المجتمع، بإمكانها أن تضع استقرار البلد وطمأنينته على كف عفريت، سيما وأن هذا القانون يعطى اليد الطولى لمنظمات المجتمع المدني وهيئات حقوق الإنسان فى تحريك الدعاوى، وتبنى الضحايا الوهميين.
الوضعية التى صودق فيها على القانون

القانون صودق عليه فى فترة يعيش فيها البلد، كغيره من البلدان، محنة وباء كوفيد 19 كورونا، وما ينجر عنها من تداعيات اقتصادية واجتماعية وسياسية مدمرة، وما قرار تعليق صلاة الجمعة والتراويح، وما انجر عنه من تداعيات، منا ببعيد.
فبالنسبة للجانب الاقتصادي، فقد تأجلت أهم المشاريع، التى كنا نعول عليها فى حلحلة أزمتنا الاقتصادية، ألا وهو مشروع الغاز، كما توقف العديد من االمشاريع الأخرى، ينضاف إلى ذلك توقف الدعم الخارجي، وانحسار الاستثمارات الأجنبية، وتدنى أسعار الحديد فى الأسواق العالمية، والعجز المسجل فى الميزانية، وتراجع النمو الاقتصادي
أما على الصعيد الاجتماعي فكل المعطيات شاهدة على عمق الأزمة، فالبلد يعيش على القطاع غير المصنف والذى تضرر أيما تضرر من الإجراءات الاحترازية الناجمة عن مكافحة انتشار كورونا، فتعمقت البطالة وازدادت حدة الفقر داخل الأوساط الهشة. كما تضاعفت أزمة العطش داخل البلاد، وانعدام الخدمات الكهربائية، واستفحلت أزمة الجفاف. وتقطعت أوصال البلد بسبب إغلاق الطرق بين الولايات. كما أن سريان مفعول حظر التجوال داخل المدن له هو الآخر تأثيراته السلبية على مختلف مناحى الحياة.
وإذا نظرنا إلى الجهود التى بذلتها الدولة فى تخفيف مضاعفات الأزمة نجد أنها كانت دون التوقعات، ودون المستوى، واتسمت بالضعف وعدم الشفافية فى التوزيع، وفى وضع التصورات والاستراتيجيات، رغم ضخامة المبالغ التى حصلت عليها الدولة لنفس الغرض من الداخل والخارج.
فما تزال أزمة العالقين وصمة عار فى جبين الدولة، كما لا تزال الوثائق، التى يتم تسريبها من حين لآخر من هذه الوزارة وتلك، مصدر إزعاج كبير بالنسبة للذين يتوقون إلى القطيعة مع الماضى، وإلى تسيير شفاف يتم فيه احترام المال العام، وتوجه فيه المبالغ المرصودة إلى مستحقيها لا إلى طاقم الوزير والمدير والإشراف.
أما على الصعيد السياسي فإن الأوضاع الإقليمية غير مريحة وخاصة على الجانب الشرقي حيث ازدادت حدة الصراع، وضعفت الدولة المركزية واستأسدت الجماعات المسلحة وقوى الإرهاب العابر للحدود.

وبناء على ما تقدم يكون إقدام الدولة على تقديم قانون، لا يوجد من يتبناه أو يرحب به سوى مجموعة تعد على أصابع اليد، إضافة إلى دعاة الشرائحية والفتن والإلحاد، أمر فى غاية الغرابة، خصوصا وأن نظام الرئيس غزواني لم يقدم بعد للشعب سوى لغة المهادنة والوعود. فما الذى دعاه لخرق هذه الهدنة التى مُنحت له من طرف شعب تطحنه زوابع الجوع والعطش والهلع من كورونا!!..
ردود الفعل على القانون:

الزوبعة التى أثارها القانون حتى الآن تعطى الانطباع الكافى عن ملامح ما ستكون عليه آثاره المدمرة فى الساحة الوطنية بعد المصادقة عليه، حيث بادرت عدة جهات دينية وسياسية إلى شجبه وطالبت الحكومة بسحبه، من أبرزها حزب تواصل ذى الخلفية الإسلامية الذى أصدر بيانا حذر فيه الحكومة "من مغبة تقديم أي قانون يخالف الشريعة الإسلامية ويمس مشاعر الأمة"
كما أصدرت عدة شخصيات دينية، من بينها أئمة وخطباء ودعاة، بيانات وتصريحات شجبت فيها القانون وحذرت من خطورته على وحدة وانسجام البلد من بينهم من القيادي السلفي محفوظ ولد والد التى كتب تدوينة أكد فيها أنه اطلع على القانون الجديد وأنه ما زال يحتوى مواد مصادمة للوحي وللشريعة الإسلامية، وأن واجب الدولة هو سحب القانون لأنه مخالف للشريعة..
وأضاف "إن تبنى هذا القانون وما على شاكلته من قوانين وضعية مصادمة للشريعة الإسلامية مرفوضة من الدول الغربية والمنظمات العالمية ليس ليس تبديلا للأحكام الشرعية ولا استفزازا للمجتمع المسلم فحسب بل يعتبر من أهم أسباب الاضطرابات الأمنية، وإثارة الفتن الداخلية فى المجتمعات الإسلامية، وخروج الجماعات المسلحة وما ينجر عن ذلك من تداعيات خطيرة عصفت بدول ومجتمعات وما هي منا ببعيد."
النائب عن حزب تواصل الدكتور الصوفى ولد الشيبانى استغرب فى تدوينة نشرها على صفحته على الفيس بوك "مصادقة الحكومة على هذا القانون فى هذه الظرفية التى تعيش فيها البلاد أوضاعا اقتصادية واجتماعية جد قاسية فى ظل جائحة كورونا وتداعياتها".
وأضاف "أن من أكبر الأخطاء التى قد ترتكبها الحكومة الحالية الإصرار على تقديم القانون المتداول قبل تنقيحه وحذف كل ما يخالف الشريعة الإسلامية منه."
المحامى محمد المامى ولد ملاي اعل هو الآخر كتب تدوينة تحت عنوان: "احنش منت اصطيلي"، شرح فيها مخاطر القانون الجديد. هذا نصها:
"إذا ما تم اعتماد مشروع القانون الجديد، فإن أي زواج بقاصر سيترتب عليه حبس الولي طبقا للمادة 17 من القانون رقم 024/2018 المتضمن لمدونة حماية الطفل وسيحبس الزوج طبقا للمادة 36 من مشروع القانون الجديد، ويحبس الشهود باعتبارهم مشاركين طبقا للمواد 53 و 54 من القانون الجنائي، ويحبس الحاضرون للوليمة بسبب عدم الابلاغ طبقا للمادة 30 من مشروع القانون الجديد"..
من جهته أصدر القيادي السلفي مفتى القاعدة السابق محفوظ ولد والد بيانا حذر فيه هو الآخر من خطورة القانون....

أما قضية الدفاع عن القانون المثير فقد تولى حمل رايتها كل من النائب عن حزب تواصل سعدانى بنت خيطور والأستاذ سيدى محمد ولد محم وولد امخيطير (الأب)
بالنسبة للنائب سعداني بنت خيطور فقد كتبت تدوينة قسمت فيها المناهضين للقانون إلى ثلاث فئات:
1- حراس الوهم والسبب هو حرصهم على استمرار إخضاع المرأة وتبعيتها
2- الظلاميون من الإسلاميين والسبب هو فهمهم السطحي للإسلام

3 - النساء اللواتي تربينَ في حضن من سبق ذكرهم والسبب هو التنشئة الاجتماعية

هذه الجماعات لن تقبل باي قوانين تحمي المرأة حتى ولو كانت خالية تماما من اي أمور خلافية لأن المرأة الحرة المستقلة المنتجة صاحبة الرؤية والرسالة الهادفة في الحياة لاتنسجم مع النظام السائد عندهم
ولانهم لايمتلكون الشجاعة الكافية للتعبير عن حقيقتهم يبقى الشرع هو المشجب الذي يعلقون عليه فشلهم والشرع العادل برآء من ممارساتهم الظالمة وفهمهم القشوري وتربيتهم العرجاء".

ولد امخيطير الأب كتب هو الآخر تدوينة أكد فيها "أنه يشد على يدي النائب سعدانى" ويقف إلى جانبها فى الصراع الذى أثارته تدوبينتها داخل حزبها.
من جهته كتب الأستاذ: سيدى محمد ولد محم تدوينة قال فيها "إن على الذين يعارضون مشروع قانون الوقاية من العنف ضد النساء والفتيات والهادف إلى وضع الإجراءات القانونية الكفيلة بحماية الضحايا وتعويضهن عن الضرر ومعاقبة الجناة، عليهم أن يكونوا أكثر دقة وتحديدا في مآخذهم على هذا المشروع، بغض النظر عن موضوعية تلك المآخذ أو صدقيتها، لأن ذلك يعتبر المنهج الافضل لمناقشة مقتضيات محددة معيبة من المشروع".
واختتم تدوينه بــ" فى اجتهادي أن المشروع قد حقق إحدى أفضل المقاربات التي تفرضها هذه الملاءمة.
لذلك فعلى مُشرعِينا مُراعاة ذلك، وأن لا يضعوا أنفسهم في مواجهة مع تعاليم الدين أولا، وهي التي تقدم أسمى تكريم للمرأة وتوصي بها أزليا، وأن لا يضعوا أنفسهم في مواجهة مع تشريعات دولية صدقها البرلمان الموريتاني أو منح الحكومات المتعاقبة التفويض اللازم لتصديقها."
النائب بيرام ولد الداه رئيس حركة إيرا دافع هو الآخر عن زميلته سعداني، وعن مساندتها للقانون، متهما بعض زملائها فى حزب تواصل بالتشدد والتكفير.
أما بقية المساندين فتنحصر أساسا فى مجموعة من دعاة الشرائحية والتطرف والإلحاد.. لا يتسع المقام لذكر أسمائها ولا لتتبع مسيرتها.

طرف ثالث حاول أن يمسك العصى من النصف من بين كتابه القيادي الإسلامي محمد جميل ولد منصور، والدكتورة الشاعرة باته بنت البراء

جميل نشر مقالا انتقد فيه أغلب مواد القانون حيث كتب: "كان مثيرا ربط الفتيات بالنساء في مختلف مستويات مشروع القانون خصوصا ما تعلق بحقوق مفتوحة لا ضابط لها ولا محدد لمستواها مما يوجد أجواء التمرد داخل البيت وتجاه سلطة الأبوين الضابطة للأخلاق والسكينة والالتزام.
4 - في المادة 32 جاء " كل من يجبر زوجته على القيام بسلوك جنسي غير أخلاقي ومخالف للطبيعة ...... " والأولى القول " كل من يجبر زوجته على القيام بسلوك جنسي مخالف للشريعة والطبيعة مخل بالأخلاق ....."
5 - جاءت عقوبة الاغتصاب دون المأمول وكما أشار أكثر من واحد ينبغي الوصول بها إلى أقصى تشديد ممكن لعل ذلك يكون رادعا لهذه الوحوش التي تعبث بأعراض وعفة وصحة بناتنا ونسائنا.
6 - كانت المادة الأحوج إلى الضبط والتقييد بأحكام الشرع ومصلحة الأسرة هي المادة 35 المتعلقة بالحرمان من ممارسة الحقوق ولعل بعض المدونين أحسن بإعطاء أمثلة مما عاشه في بلدان أخرى من خطر تقنين تمرد الأبناء والبنات على المنظومة الأخلاقية والأسرية.
7 - أعطت المادة 54 سلطة زائدة لمؤسسات ورابطات حقوق الإنسان التي يمكن لبعضها أن لا يكون مأمونا على قيم المجتمع، من هنا
واختتم الأستاذ جميل مقاله بالفقرة التالية: "إن إجازة مشروع القانون هذا كما هو يتضمن خطرا على قيم الدين والمجتمع كما يشكل إسقاطه بالكلية خطرا على حقوق النساء وحمايتهن من العنف والاعتداء ففي اتجاه التعديل والتصحيح سيروا يرحمكم الله وتلك هي مشاركتي في هذا المسار".
نفس النهج سارت عليه الدكتورة والشاعرة باته بنت البراء فى تدوينة تعرضت فيها لغموض لغة القانون وميوعتها كما هو الحال بالنسبة للمادة 14 التى وصفتها بعدم الوضوح قائلة: "كان ينبغي أن تكون الصياغة أكثر وضوحا وتحديدا بالنسبة "للممارسات الضارة بصحة المرأة و البنت" فمفهوم الضرر جد واسع، ونفس الشيء ينطبق على عبارة "أو مخالفة للشرع" التي هي باب يمكن أن يشمل كل أنواع ودرجات الجرائم صغيرة أو كبيرة"

ورأت الدكتورة باته أنه "كان يجب توضيح مفهوم الضرر المترتب عن "الخفاض" لسهولة إثبات لحاق الضرر عند إطلاق المعنى دون تحديد المفهوم، وهذا يتنافى مع رأي المالكية الذين يرون الخفاض مستحبا قال في (منح الجليل شرح مختصر خليل): "الراجح أن ختن الذكر، سنة وخفض الأنثى مستحب" وبدل ذلك فإن المشرع جعله بهذه الصياغة مدخلا لتطبيق للعقوبة"
وخلصت بنت البراء فى نهاية كتابتها إلى القول: "وبشكل عام فإن مشروع القانون في مجمله، عدى علامات الاستفهام المتعلقة بالمادة 20 والتي يتعين على ذوي الاختصاص رفع اللبس بشأنها، وباستثناء الملاحظات البسيطة التي أشرت إليها في مواد بعينها، فإن المشرع كان موفقا إلى حد بعيد في تحقيق تطلعات الأنثى بالغة أو قاصرة عموما، والزوجة بشكل أخص"

تلكم هي حصيلة التفاعلات التى نجم عنها حتى الآن ظهور "قانون النوع" الجديد، لكن دعونا نتسائل ما هي الفوائد والنتائج التى تتوخاها الحكومة من وراء طرح هذا القانون فى وقت تسير فيه الدولة بقانون الطوارئ الصحية؟؟ ..
وما هو السر وراء هذا الإصرار المستميت على تمرير وفرض هذا القانو، الذى سبق وأن رفضه البرلمان مرتين؟؟؟
وهل تحتاج المرأة الموريتانية إلى قانون يحميها ويدافع عنها وهي المدللة المتحمكمة فى مفاصل كل ما يجرى ؟؟؟

وكالة العلم - قسم التحقيقات