الجمعة
2024/04/19
آخر تحديث
الجمعة 19 أبريل 2024

"عسكرة كورونا" وتسييس المآسي

17 مايو 2020 الساعة 23 و09 دقيقة
محمد عبد الله لحبيب
طباعة

بعض الأصدقاء المحترمين في هذا الفضاء شن حملة على ما أسماه عسكرة ملف كورونا، وبعضهم شن حملة على تسليم "اموال كورونا" للجيش، وبعضهم بدأ الحديث عن عسكرة الإدارة، وعند تصفح المواقع الألكترونية الوطنية لم أجد أثرا لهذا الخبر "عسكرة كورونا"!!

إذا كان المعني هو إسناد الإشراف على ثلاثة من مراكز الفحص إلى القوات المسلحة ضمن عملية إسناد تقوم بها الجيوش في كل الدول للحكومات التي تواجه كوارث، فإن في الأمر كثيرا من المبالغة والتجني، وإذا كان يتعلق بخبر لم يعلن لحد الساعة فإن الحمد لله.

اتخذت اللجنة الوزارية المكلفة بجهود التصدي لجائحة كورونا في اجتماعها اليوم مجموعة من القرارات وأعلنها وزير النقل، هي:

1. إنشاء ثلاثة مراكز جديدة للفحص، أسندت مهمة الإشراف عليها إلى الجيش الوطني. هدف هذه المراكز هو تخفيف الضغط على المراكز الصحية والمستشفيات.
2. تعزيز إجراءات عزل نواكشوط.
3. إلزامية ارتداء الكمامات في الأماكن العامة.
4. إنشاء مرصد علمي لتعميق التشاور حول الوباء.

من بين القرارات الأربعة يشارك الجيش في تطبيق واحد، ويتولى تطبيق واحد، على سبيل الدعم والمساندة.

 من حيث المبدأ لا مشكلة في أن يسند أي ملف إلى أي جهة ترى السلطات المعنية به أنها الأقدر على تحقيق الأهداف منه، وليس في الأمر غضاضة أن تستعين الدولة بالجيش أو تسنمد إليه أي مهمة، ففي كل بلدان الدنيا تتدخل الجيوش أثناء الأزمات، والكوارث الطبيعية، وتسند العمل الحكومي، وتنهض ببعض الأعباء.

 للجيش الوطني إدارة صحة من أفضل ما لدى الدولة، وفيه زمرة من خيرة الأطباء الذين بالمناسبة يلتحقون بالجيش بمسابقات خاصة بالأطباء، وبعضهم يلتحق بعد التخرج.

 لا شك أن القدرة الاستيعابية للمنظومة الصحية الوطنية لا يمكن أن تصمد في ظل تزايد الجائحة، التي هزت أنظمة صحية قوية حول العالم، وبالمناسبة أسندت إلى الجيوش مهام كثيرة تتعلق بالإسناد، وضبط النظام.

 اشتكى كثير من المعلقين خلال الأيام الماضية من ضعف أداء اللجان المعنية بمتابعة الوباء، وشوهد القصور الكبير في عملها، بكثرة النداءات التي صدرت من مرضى، ومشتبه في إصابتهم بالداء، وهو تقصير يجب أن تتم المحاسبة عليه بعد انقشاع الغمة، ولكن علاج الأزمة القائمة يتطلب حلولا قبل أن يتفاقم الأمر.

 لم يتخذ أي قرار فيما أعلن اليوم بشأن إدارة الصندوق ولا الإشراف عليه، ولا أي تغيير في هياكل اللجان المشرفة على العمل.

 من الطبيعي أن ترتفع حدة النقد لأداء السلطات وكشف عوار تقصيرها، وليس ذلك تخوينا لأحد، ولا نيلا من الأطباء ولا طواقم الصحة، وإنما هو نقد وتقييم حتى ولو كان قاسيا فإن المصاب يبرر رفع الصوت والإدانة، وأحيانا الاتهام الصريح بتضييع الأمانة، وهي كل ضمن دائرة التعبير الحر والنقد البناء.

 أما تسييس الوباء ومحاولة التربح به في بورصة تسجيل النقاط فهو نوع من الضعف في إقامة الحجة على المقصرين بكشف أوجه تقصيرهم، ولا أراه مغنيا شيئا عن مريض، ولا معينا وطنا، ولكن أسوأ نتائجه أنه لا يرجع بربح أصوات؛ فالمتاجرون بالأزمات سواء؛ من تربح بها مالا بصفقات فاسدة، أو حاول بها ربح أصوات مصابين أو مداعبة عواطف خائفين، كلاهما يأخذ ما ليس له، ومن غش الناس فأخذ أموالهم أخف جرما ممن غشهم فأخذ عقولهم، أو زيف وعيهم، وكلاهما إلى خيبة مضمونة.