الجمعة
2024/04/26
آخر تحديث
الجمعة 26 أبريل 2024

معضلتان تواجهان لجنة التحقيق البرلمانية

13 يونيو 2020 الساعة 17 و15 دقيقة
معضلتان تواجهان لجنة التحقيق البرلمانية
طباعة

استهلت لجنة التحقيق البرلمانية أعمالها صباح يوم الأحد الثاني فبراير 2020 بكلمة مقتضبة للرئيس حبيب ولد أجاه، ذكر فيها الأعضاء بالمسؤولية التاريخية التي أناط بهم الشعب، ثم بدأت الأعمال. تقرر تكوين مجموعة واتساب على أن يتم استعمالها فقط للضرورة القصوى. برنامج الغد يصل الأعضاء مساء كل يوم. العمل يبدأ صباحا وينتهي مع صلاة المغرب، ليتفرق الأعضاء مثنى أو ثلاث أو رباع في منازل الأعضاء كبار السن. ليستمر العمل، كل فرقة صغيرة تعمل على ملف، حتى الواحدة ليلا.

بعد أشهر من هذا البرنامج تقرر أن يأخذ الأعضاء يوما واحدا في الاسبوع للاستراحة وهو يوم الاحد. فأخذوه مرة واحدة ليتقرر في الاسبوع الموالي توسعة مجال التحقيق مع عدم تمديد المدة. فقررو بالإجماع إلغاء استراحة الأحد. وهكذا لم يذق أعضاء اللجنة طعم الراحة إلا يوما واحدا منذ بدأ أعمال اللجنة حتى اليوم، وعليه فمن شبه المؤكد أن التقرير سيكون جاهزا صباح الأربعاء الخامس عشر يوليو، أي اسبوعين قبل الاجل القانوني، وذلك لإعطاء الفرصة للنواب لمناقشته قبل نهاية الدورة البرلمانية المقرر إغلاقها يوم الجمعة 31 يوليو ان شاء الله.

في ما يتعلق بالتحقيق، استمعت اللجنة إلى ما يزيد على 70 مسؤولا منهم نحو 20 تم استدعاؤهم مرتين و أقل من العشرة تم استدعاؤهم ثلاث مرات، وهو مؤشر قوي على توجيه أصابع الاتهام لهم بشكل مباشر، تمهيدا لإحالة ملفاتهم إما إلى قاضي التحقيق (بالنسبة إلى المسؤولين الكبار) وإما إلى محكمة العدل السامية (بالنسبة للوزراء في الحكومة الحالية).

تأكد حتى الآن بما لا يدع مجالا للشك أن خمس ملفات على الأقل ستأخذ طريقها إلى العدالة، ليبدأ مسار القاضي والشرطة وربما الحبس على ذمة التحقيق، ويتعلق الأمر بثلاثة أعضاء في الحكومة الحالية ووزير أول سابق ومدير شركة.

تبقى معضلتان تواجهان اللجنة :

 المعضلة الأولى تتعلق بمحكمة العدل السامية. فالأصل القانوني أن تكون موجودة، مثلها مثل أي مؤسسة دستورية كمجلس الفتوى والمظالم والمجلس الدستوري...

المشكل المطروح هو كالتالي : عندما تقوم لجنة التحقيق بنشر أسماء المتهمين، وبعضهم مازال يتقلد مناصب سامية، فإن ذلك سيؤثر لا محالة على اختيار تشكلة محكمة العدل السامية. وعليه فمن الأفضل إعلان التشكلة قبل نشر لائحة المتهمين، سدا للذريعة و درءًا للشبهات.

 المعضلة الثانية تتعلق بالتقرير. هل سيتم نشره كتقرير محكمة الحسابات ؟ أم ستقوم لجنة التحقيق بإحالة قرار النشر للجمعية الوطنية للبت فيه عن طريق التصويت، على أن يتم الايعاز لنواب الأغلبية بالتصويت ضد النشر ؟

في كلتا الحالتين سيكون هناك ثمن سياسي وإعلامي باهظ. فإذا نشر التقرير فإن الرأي العام لن يقبل بالتراجع مرة ثانية عن محاسبة المسؤولين كما وقع مع تقرير محكمة الحسابات. وعليه فسيكون أمام النظام خيار واحد وهو تقديم أكباش فداء وسجن وربما مصادرة أملاك المسؤولين المدانين.

أما في حالة عدم نشر التقرير فهناك لا محالة عدة أعضاء في اللجنة سوف لن يقبلو بالقرار، ما سينسف حالة الوحدة والتآزر التي يجمع المراقبون أنها تطبع عمل اللجنة. وهو كذلك ما من شأنه أن يعطي انطباعا أنه ثمة أياد خفية تريد أن يفلت المسؤولون من العقاب.

هل تسمعون طبول الحرب ؟ لقد أزفت ساعة الحسم.. وإن غدا لناظره لقريب..
الحسن لبات