الأربعاء
2024/04/24
آخر تحديث
الأربعاء 24 أبريل 2024

كينروس: عقد من التحايل على نصيب الشعب الموريتاني ومن محاباة الدولة

15 يونيو 2020 الساعة 21 و03 دقيقة
كينروس: عقد من التحايل على نصيب الشعب الموريتاني ومن (…)
طباعة

تم اليوم التوقيع على عقد جديد بين الحكومة الموريتانية وشركة كينروس تحصل بموجبه الحكومة الموريتانية على زيادة في ريعها مقارنة بالمستوى الحالي وهو 3% ليصبح 6% في سياق سعر الذهب في الوقت الراهن. ويمكن أن تصل الإتاوات إلى حد أقصى قدره 6.5% عندما تصل أسعار الذهب إلى مستوى 1800 دولار أمريكي/للأونصة أو أكثر، وهي كما يظهر الحفل مزايا جديدة،ولكي لا يبقى أي شك في أن الإتفاق ثورة بالنسبة لاسترداد حقوق البلد، قام الوزير -الذي استدعيّ عدة مرات أمام لجنة التحقيق البرلمانية في عدة ملفات- بالترويج له على صفحته قبل توقيعه بيوم على أنه إتفاق مهم. ورغم ذلك، فإن الإتفاق ليس سوى محاولة لتصحيح الإختلالات في نصيب الدولة الموريتانية من استغلال هذا المعدن الثمين الذي عرفت أسعاره ازدهارا غير مسبوق خلال السنوات الماضية لم تنعكس على نصيب الدولة الموريتانية بشكل يناسب ذلك الإزدهار، وإن كان يظهر من هذا الإتفاق أنه تنازل طوعي من الشركة عن بعض النسب والمزايا للبلد حيث وصف بيان الشركة بأنه تحديث هيكل الإتاوات بشكل "طوعي"، وأنه "نهج عادل ومتوازن يسمح لموريتانيا بالحصول على نصيبها العادل من الفوائد الاقتصادية لمنجم تازيازت وخاصة في بيئة مواتية لأسعار الذهب".

لا يتعلق الأمر -حسب المدير- بنصيب إضافي أو فوق العادة لموريتانيا عقب سنوات من الغبن، بل فقط سيمكنها من الحصول على "نصيبها العادل" في اعتراف ضمني أنها لم تكن تحصل على نصيبها.

قال المدير التنفيذي للشركة، بول رولينسون، ان "هذا الاتفاق الجديد، الموقع اليوم الاثنين 15 يونيو 2020 بين الشركة والحكومة الموريتانية، يضع تازيازت على طريق النجاح على المدى الطويل"، لأنها ستحصل على 30 سنة من استغلال المنجم مقابل صدقة يتم تحسينها كل وقت دون أن يكون للدولة أي يد في التسيير والقدرة على الحصول على نصيبها الشفاف حسب الربح والتكلفة من هذا المورد السخي. والحقيقة أن موريتانيا لم تكن تحصل على نصيبها في ظل تحايل الشركة على المحاسبة ومضاعفة تكاليف الإنتاج والمشتريات التي يتم رفع سقفها، وبسبب بُعدها من التسيير وكذلك إعلان معلومات مغلوطة عن حجم الإستثمارات الموجهة للبورصة العالمية. وقد تم تغريم الشركة من طرف شرطة معادن نيويورك، وبهذا تكون الدولة الموريتانية فقدت نسبة عالية من الدخل المستحق المترتبة على زيادة أسعار الذهب خاصة خلال فترة الصعود المذهل لأسعاره. وكانت الشركة قد تقدمت في دراستها الجدوائية بأن تكلفة إنتاج أوقية الذهب لا تتجاوز 275 دولار حينما كان سعر الذهب لا يزيد عن 470 دولار، ومع زيادة سعر الذهب قفزت الشركة بتكلفة الإنتاج إلى ما يزيد على 1200 دولار وهو ما يعد تحايلا واضحا. وقد حاولت الدولة التثبت من ذلك من خلال إجراء تحقيق دولي مستقل حيث تم الإعلان عن مناقصته بشكل مطعون في شفافيته، وتم فوز مكتب من الجارة مالي. وعلى الرغم من كل تلك الظروف التي اكتنفت تلك الخبرة، فقد كانت النتيجة أن تكلفة الإستخراج قد تصل 1100 دولار بفارق يزيد على 100 دولارا، كما كانت الشركة تسيّر من لاس بالماس في عملية هدر كبير لمواردها،كما كانت مخازنها متخمة بالمواد غير المستخدمة وباهظة الثمن، كما أعلنت أنها ستستثمر 10 مليار دولار لإنشاء أكبر مصنع للذهب في القارة وتقدمت بطلب الحصول على رخصتين للإستغلال ظلت تعلن عنهما دون أن تستغلهما، في نفس الوقت ظل العمال الموريتانيون يعانون من عقود مجحفة مقارنة بعقود الأجانب، بل ظلت الشركة تستخدم أجانب في وظائف جعلها القانون من نصيب المواطنين فقط.

الشركة التي تعلن تارة تراجع الأرباح وتارة زيادة الإستثمارات، ظلت مسرحا لنشاط احتاج الكثير من العمال الذين ظلوا في وضعية غير سعيدة طبعت العلاقة بينهم مع الشركة، كما كانت في الأوقات التي تبرر فيها ضرورة نقص بعض عمالها، تطلب من البقية مضاعفة ساعات العمل إلى 12ساعة خلال 24 ساعة. وقد زادت الشكوك حول غبن كينروس للدولة الموريتانية عندما ظهر التنقيب السطحي بواسطة الأدوات التقليدية والمجهود الشخصي حيث ظل انتاجه يعد بعشرات الكيلوغرامات يوميا. وكانت منطقة تفرغ زينه التابعة لرخصة كينروس والتي يحرسها الدرك، من أغزر المناطق بالمنتوج الذي يسعى المنقبون للوصول إليها ، الأمر الذي يجعل معلومات موريتانيا تقدم للدولة بأنها تحصل على 2،5 غرام من الذهب فقط لكل طن من المعدن، ليست أكثر من أضحوكة وغش للشعب الموريتاني ولا يمكن بأي حال أن يعكس الصحة الحقيقة البلد.

وهكذا يتوجب على الحكومة استرجاع مال الشعب المنهوب بواسطة مسلسل المعلومات المغلوطة والتحايل. فإذا كانت الدولة تحقق في صرف عدة ملايين من الأوقية حفاظا على أموال الشعب، فالأولى التحقيق في مليارات الدولارات والفرص الضائعة من استغلال هذا المورد الكبير. إن المسؤولية والشفافية ومسلسل التحقيقات التي بدأتها الدولة يجب أن يدمج فيها ملف كينروس لأنه أكبر الملفات غموضا. وهكذا يتوجب على البرلمان فتح تحقيق جديد ومستقل في ملف المعادن

رأي العلم