الجمعة
2024/03/29
آخر تحديث
الخميس 28 مارس 2024

عزيز يحاول أن يحوّل نفسه من متهم بخيانة الأمانة إلى ضحية سياسية؟!

14 أغشت 2020 الساعة 10 و54 دقيقة
عزيز يحاول أن  يحوّل نفسه  من متهم بخيانة الأمانة إلى (...)
طباعة

(تحليل خاص بالعلم) تعج مواقع التواصل الإجتماعي بصور لولد عبد العزيز أمام مقر حزب قيل إنه حصل عليه بعقد شراء، نفاه مسؤول الحزب نفيا قاطعا، متوعدا كل من كتب عن بيعه للحزب بمقاضاته، ومركزا على الجوانب الأخلاقية والسياسية في العملية وعدم تقيد الإعلام الموجه -على حد تعبيره- بها، في تسجيل مصور له تم بثه عبر الواتساب.
والملفت حقا في هذه القضية أن يمتلك رجل (تلاحقه تهم فساد متواترة وممنوع من السفر على خلفية تسييره للبلد على مدى 11 سنة كانت نتيجتها المباشرة متابعة بالنهب) حزبا سياسيا يفترض أن يكون له برنامج سياسي ويمتلك صاحبه سمات أخلاقية والتزام بالقوانين يؤهله لقيادة البلد أو المشاركة في قراره الوطني أو المساهمة في تحسين ظروف وأوضاع المواطنين أو تقاسم الهموم مع الشعب ورفع شعارات الدفاع عنه، لا أن يكون صاحب تجربة عكس وضد كل تلك الأهداف والدوافع، مثل حالة ولد عبد العزيز الذي يُجهل تماما هدفه من امتلاك حزب سياسي!. وهنا يتساءل الرأي العام عن الجديد في جعبة ولد عبد العزيز، وما هي المقدرات التي امتلكها بعد سنة فقط من خروجه من حكم حوّل خلاله البلد إلى جهنم وحوّل ثروته إلى ممتلكات فردية له ولأفراد أسرته، وكان مستعدا للتنازل عن جزء من حوزته الترابية لشخص من غير أهل البلد. وهكذا يظل طرح التساؤل عن برنامجه الجديد أكثر إلحاحا ويظل مركزيا في محاولة تفسير هذه الأحداث الأخيرة وطموحه للعودة للواجهة في عملية بحث جنونية عن فرص ضائعة. خاصة أن ولد عبد العزيز صاحب أكبر حصيلة فشل رغم ديناميكيته وقدرته على الحشد حول برامجه وشعاراته البراقة التي خدع بها الشعب وسرقت لب المواطنين على مدى عهدتين والمتمثلة في محاربة الفساد وتحديد أهداف التعليم والزراعة والصيد والطرق ومحاربة الجفاف والعطش وغيرها. وعند جردة الحساب تبين أنها كانت أهدافا تحمل وراءها الاستحواذ على كل مقدرات البلد وتحويلها إلى مقتنيات واستخدام الأهل والأقارب وبعض ضعفاء الموظفين الذين خضعوا للأوامر والتعليمات وصاروا ضحايا لعمليات نهب لم يسجل التاريخ مثيلا لها. وبكل هذه الحصيلة الهائلة يحاول مجددا العودة للواجهة، وهو فعلا ما يجعل السؤال دائما معلقا حول نوايا ولد عبد العزيز الجديدة. إننا في موريتانيا نتساءل عن ما يربط ولد عبد العزيز، حقا لا مجازا، بهذه الأرض التي جاءها بعد أن شب عن الطوق في السينغال، وكل ما يحمل من تفكير ومشاعر ونوازع بين جوانحه ليس سوى الهدم والبيع! فماذا يريد عزيز من هذا البلد وأهله إذن؟.
لقد حصل عزيز على فرص ذهبية لحكم البلد وقيادته نحو التطور، لكنه حوّل هذه الفرصة إلى نار وحوّل الحكم إلى جهاز تنصت وشخص واحد يراقب ذلك الجهاز، لا نظام، لا نخبة، لا شركاء، فقط بنوازع الشر والجشع لجمع المال وضع البلد تحت رحمته، وكان يسيّر جميع المداخيل والمصاريف والموارد حسب رغباته وطموح ذلك ويوجهه للوجهة التي يريد، ويوزع السخط والشتائم على معاونيه وأصدقائه. وقد حاول الحفاظ على هذه الوضعية إلى ما شاء الله عن طريق فكرة المأمورية الثالثة، وعندما فشل في محاولة البقاء في السلطة، بسبب رفض الشعب لها، وتيقنه من أنه سيواجه نفس لطمة الشيوخ مجددا في البرلمان، بل أكدت له مصادره أن الحصيلة الموثوقة لا تتجاوز 44 نائبا وأنه فشل في المحاولة التي كان يسيرها مع أهل بيته والمقربين الإجتماعين منه في البرلمان، رتب أمور الحزب والجيش والبرلمان على عودته السريعة للحكم بعد وقت قصير خارج السلطة بحيث يظل يسيطر على خلفه ولا يترك له أي مجال في تسيير البلد. وعند فشله مرة أخرى حاول الإطاحة به أو تصفيته كما أفادت أوساط عديدة لها علاقة بالتسريبات الأمنية. واليوم -وهو في موج متلاطم من الفضائح- يسعى لامتلاك حزب سياسي، فما معنى ذلك؟ لا يوجد أي تفسير آخر لذلك أكثر من كونها موجة اضطرابات نفسية وشخصية ناتجة عن وضع إعلامي وسياسي مُزْرٍ بعد سنوات من السلطة المطلقة ومن الحسابات الخاطئة والإستثمار السيء في العلاقات الشخصية التي أنتجت هذه العزلة وهذا السخط العارم من أقرب المقربين ،وبالمقابل هذا التخبط الذي لا مبرر له في المنطق ولا في العقل. إنها ثمرة 11 سنة من الفردانية والنهب وسوء الحكامة، انتهت إلى تهم بفساد فاضح شمل معه جميع أفراد أسرته ومحيطه الإجتماعي المقرب، وهي في الحقيقة لم تتناول عشر الصفقات وكل ملفات الفساد، بل ليست أكثر من غيض من فيض. وهكذا يحاول ولد عبد العزيز تكوين حزب سياسي من أجل أن يحوّل نفسه إلى ضحية سياسية وإلى صاحب رأي ليكسب تعاطفا جماهيريا وضغطا على المحققين والقضاء،وعلى الإرادة السياسية للبلد بوصفه معارض للنظام وزعيم سياسي عكسا الحقيقية والواقع . ذلك هو برنامجه السياسي الجديد. لكن الحقيقة أنه حتى ولو ملك كل أحزاب الدنيا فلن يغير من وضعيته الحقيقية كرئيس سابق خان أمانته وثقة شعبه بهدر فرص النمو من ارتفاع أسعار المعادن وزيادة مداخيل الدولة وسياسية النهب الممنهج وتصفية الحسابات وإفساد مناخ الأعمال وقتل المبادرات وتشريد الخصوم وغيرها من أسباب المتابعة القضائية المشروعة والتي هو اليوم هدفها الواقعي، ولن يرضخ الشعب لوسائل الإلهاء الأخرى والخداع مهما كانت.. إن عليه، بشجاعة الرجال، أن يواجه مصيره الذي خلقه لنفسه بيديه عن سابق إصرار وعن وعي.