الأربعاء
2024/05/15
آخر تحديث
الأربعاء 15 مايو 2024

محمد محمود ولد بكار لأسبوعية القلم الفرنسية: المرحلة التي يمر بها البلد تتطلب إصلاحات جوهرية تتواءم مع تطلعات المعارضة(نص المقابلة)

8 مارس 2019 الساعة 12 و52 دقيقة
محمد محمود ولد بكار لأسبوعية القلم الفرنسية: المرحلة (…)
طباعة

أجرت أسبوعية القلم الفرنسية ذائعةً الصيت مقابلة مع السياسي والإعلامي محمد محمود ولد بكار تطرقت للوضع السياسي وبصفة عامة وإشكالية المرشح التوافقي للمعارضة وغيرها من المواضيع، وهذا نص المقابلة:
القلم: تعدّ أحدَ المدافعين الأكثر حماسا واندفاعا في مساندة ترشح الوزير الأول السابق سيدي محمد ولد بوبكر للرئاسيات المقبلة. هل تعتقد أن لديه حظوظا في أن تختاره المعارضة للدفاع عن مشروعها؟
 محمد محمود ولد بكار : فعلا أنا مندفع في ترشيح سيدي محمد ولد بوبكر كما ذكرتم ، ليس فحسب لقناعتي بأنه يصلح لهذه المهمة، بل لتعلقي أيضا بمزايا المرشح الموحد من خارج المعارضة الذي يملك مواصفات مثالية بالنسبة لنقل السلطة إلى المدنيين ومعالجة نفايات هذه المرحلة. لقد أصبحت المعارضة أكثر واقعية من أن تستمر في النضال خلف الأهداف المتحجرة أو التشبث بواقع العزلة السياسية، وعلى ذلك الأساس تم طرح مقاربة الشراكة ضمن خياراتها. لا يعني ذلك الكفر بالماضي بقدر ما هو تعلق بالمشاركة في صناعة المستقبل. المرحلة التي يمر بها البلد تتطلب إصلاحات جوهرية تتواءم مع تطلعات المعارضة، لكن قوة الخطاب الذي اشتهرت به المعارضة واختطفه وفاز بفضله ولد عبد العزيز سنة 2009 لم تعد يكفي لكي تخلق الأمل على نفس الطريقة، ومع ذلك ستكون إزدواجية الأمل والمعاناة هي المجيش الأساسي لعواطف الناخبين سلبا وإيجابا. لا المعارضة ولا النظام يملكان تصورات مقنعة في الموضوع، فالنظام أهلك تلك الشعارات وأفرشها بالمعاناة، والمعارضة ظلت تروج لخطاب المعاناة دون الأمل، وهكذا لابد أن يوجد مرشح يتمتع باستقلالية عن كلا الطرفين وينفخ الروح مجددا في ذلك الخطاب على نحو يخلق برنامجا يأخذ من المعاناة ليعطي الأمل. القاعدة العريضة لهذا البرنامج أو الخطاب هي من الناخبين الذين فقدوا الثقة في المعارضة، ومن ضحايا هذا النظام بالأساس، ومن المتطلعين للتغيير، ومن الغيورين على الوطن، ومن مجموعات أخرى قاسمها المشترك الأساسي أنها لا تمثل شعبية للمعارضة ولا تريد ذلك ولم تعد تمثل شعبية للنظام، لكنها تمثل شعبية للتغيير وللتخلص من عدو أو منافس، دون أن يكون ذلك بشكل متطرف أو صدامي. وهذا يتطلب شخصا من مواصفات غير موجودة في المعارضة بالأساس من حيث قوة الاستقطاب داخل الطرف الآخر. ومن هنا انطلقت محددات الإستراتيجية والرأي الناضج داخل المعارضة للبحث عن هذا الشخص، لكن المشكلة أن المعارضة ليست سيان في الإخلاص للأهداف الوطنية، فهناك من تعوَّد على أن يقيس المواقف على مصلحته قبل النظر في الأبعاد الوطنية، ومن المؤسف أن يكون مؤثرا. وخلاصة القول أن سيدي محمد ولد بوبكر يمثل حلا لعدة معضلات تواجه المعارضة. إنه فرصة لكسب أهداف المرحلة من خلال اغتنام فرصة التغيير بوجود شخص يمكن العبور عليه نحو خريطة الأصوات في الطرف الآخر. هناك أيضا فرصة خلق البديل عن خلاف المعارضة و محافظتها على وحدتها وتخليصها من كابوس التشرذم أمام هذا الاستحقاق التاريخي، كما يحقق لها بعض المكاسب مثل تحرير بعض الآراء والطاقات من قيود السلبية لكونها لا تريد الدخول في واحد من الفسطاطين، وهو ما يضيف لها شعبية جديدة جاهزة وخطابا إصلاحيا مقنعا مع تأمين الإمكانيات المادية. إنه يضيف لها قوة الحشد وقابلية للتسويق وتعهدات واعدة بالقدرة على الإصلاح من خلال تجربته الكبيرة. إنه يأتيها بأيد مملوءة بالأوراق الجيدة القابلة للاستخدام والتي تساعدها في أن تصبح مقبولة وتصبح شريكا رئيسيا في عملية إنقاذ تاريخية للوطن تنسجم مع أحلام المعارضة التي ظلت تجري وراءها طيلة الـ 27 سنة الماضية.
 
القلم: إذا صدقنا بعض الأخبار الواردة، فإن حزبيْن، على الأقل، من المعارضة لا يريدان الاستماع إلى أي حديث عن إمكانية اختيار ولد بوبكر.. هل ما يزال ينوي خوض معركة الانتخابات في حالة أن المعارضة لم تـُجمع على اختياره؟
محمد محمود ولد بكار : لا أشاطركم الرأي أنه يوجد من لا يريد سماع اسمه خاصة عندما أصبح اسمه هو الوحيد على لائحة المعارضة، وعلى نحو مؤكد أيضا عندما قررت المعارضة أن ترشح من خارجها. وفي ما يخص استمراره في الترشح إذا لم تدعمه المعارضة فلا أعتقد أن الجواب المهم مرتبط بلا أو بنعم بقدر ما هو مرتبط بحجم الأوراق التي يملكها سيدي محمد في الداخل وفي الخارج والتي تمثل المعارضة واحدة منها، دون أن ننكر أهميتها الكبيرة كواحدة منها. سيدي محمد معروف بالتوازن ويدرك تماما حجم اللعبة وتفصله مسافة كبيرة عن الانتهازية وعن التهور، وعلى هذا النحو يجب أن نقيم ترشحه أو على الأقل أن نحاول أن تفهم أن ترشح شخصية بهذه المواصفات ليس فقط عملا فرديا، والشيء الملفت أن جميع أوراق سيدي محمد لاتزال طي الكتمان. وهذا يعطي الثقة بالقدرة على مقارعة هذا النظام. إن قدرته على تنظيم أوراقه حتى الآن وعلى هذا النحو من الحكمة يجعلنا نعترف له بالقوة أو على الأقل لا يمكننا أبدا أن نرميه بالضعف، وهذا هو أهم سلاح في مواجهة هذه الانتخابات.
السؤال رقم 3: بما أن ولد بوبكر شغل مناصب سامية في ظل ولد الطايع، وأن البعض يربطه عضويا بنظامه، ألا يمكن لذلك أن يعيقه ويشكل بعبعا يخيف مناضلي المعارضة لن يمنع شعبية المعارضة من التصويت لسيدي محمد أنه شغل وظائف لخدمة وطنه في أنظمة أخرى، فالمعارضة حاليا مزيج من فلذات أكباد تلك الأنظمة ومعارضتها وخدامها، كما أن هذه ليست المرة الأولى التي تستقبل فيها المعارضة أحد أفراد الأنظمة التي قمعتها، ففي سنة 1992 تم استقبال أحمد ولد داداه وهو أخ الرئيس المختار، من طرف الكادحين الذين كانوا (أو كان جزء منهم، حتى سنة 1974) ضحية قمع ذلك النظام، وفرضوه على المعارضة لنفس المسوغات المتمثلة في انعدام الإمكانيات وتعدد الحساسيات والطموح داخل المعارضة، وكانت النتيجة الكبيرة التي تم التفريط فيها فيما بعد هي 32% رغم آلية التزوير . لماذا لم تعقه إثارة موضوع انتمائه لنظام أخيه أمام الترشح رغم أنه جاء وحيدا ومن دون أموال، وكانت الحسنة الوحيدة في وفاضه أنه نزيه فقط لأن الوضع يتطلب تضحية بالطموحات والمصالح والأنانيات في سبيل تخليص البلد من نظام أنهكه، فلماذا نثير الموضوع اليوم كإشكالية في وجه ولد بو بكر إذا لم نكن نسعى لخدمة النظام خاصة أننا اليوم أمام نفس السيناريو، وليس من المنطقي إذا تكررت نفس الحالة أن لا نواجهها بنفس الأسلوب خاصة إذا كان قد أثبت نجاعته .إذن لا أجد في الواقع السياسي أي مبرر يمنع المعارضة من دعم سيدي محمد خاصة إذا كان سيحقق لها منافسة حقيقية للنظام.

القلم: إذا لم تتوصل المعارضة إلى التفاهم حول مرشح موحد، هل سيكون ذلك في صالح مرشح النظام؟
محمد محمود: طبعا نعم وألف نعم. إن أقصى مساعدة يطمح لها النظام من المعارضة، وهو يواجه تناقضاته الداخلية، هي أن تدفع للانتخابات بمرشح يملك مصداقية ولا ينافس، أو أن يحصل على تواطئ من بعض أفرادها على نحو إضعاف المعارضة أو تحييد بعض أطرافها من اللعبة أو إخماد جذوة الحماس بالنسبة لأهمية المنافسة لها. فماذا يعني أن تفوت المعارضة فرصة على الوطن وعلى نفسها بأن تنتزع التناوب؟ ما معنى أن ترشح وهي متفقة على أنه من أجل الترشيح فقط؟ المشكلة أن القلب النابض للمعارضة ليس هو صاحب قرار المعارضة، وهكذا فإن جزءا كبيرا من القرار يفتش عنه عند النظام وفي المزاد. لكن التاريخ بالمرصاد لمن يخون الأهداف الوطنية للمعارضة التي تتمثل في خلق التناوب، وأي قرار خاطئ سيلصق بأصحابه وصمة خيانة الديمقراطية .
 
القلم: قدم محمد ولد الغزواني الدعوات، باسمه الشخصي، لحضور مراسيم ترشيحه.. ألا يعد ذلك تنصلا من حزب "الاتحاد من أجل الجمهورية" الذي كان رئيسه قد ذكره باعتباره مرشحا للنظام؟
محمد محمود: الحزب الحاكم في هذا النوع من الديمقراطيات: "تعددية الحزب الواحد" التي نعيشها منذ 1992 مهم من حيث الشكل فقط. صحيح أنه مخزون النظام عادة لأنه مرتبط بالكرسي ويصاب بالتخمة مع كل رئيس ويموت مع انتقال الحكم، وبالتالي هو من ضمن أشياء الحاكم، وهكذا فالدعوة باسمه أو بغيره ليست مهمة. الذي يهم هو كيف يقبل ولد الغزواني أن يكون استمرارا لشرعية قائمة على الإكراه والابتزاز وتواجه عشرات ملفات الفساد التي ستغرق أي رئيس مع واستمرار الطموح في السيطرة على مناخ وأفق الأعمال؟ إذن كيف ستكون وضعية غزواني الحقيقية داخل هذا الركام الذي لا توجد به أي معالم للتخطيط أو التفكير على طول تلك الحقبة، ولا يوجد أي شيء واضح، وجميع الأمور ستنتهي عند تتبعها بأوامر من "فوق "، في حين أنه على الأرض تحديات والتزامات أمنية وديون خارجية ب5 مليار دولار وبطالة وفقر وشركات أُفلِست: سونمكس، أنير، النفاذ الشامل... وأخرى في الطريق إلى الإفلاس: إسنيم، الخطوط الجوية ،ومشاريع وهمية ، ينضاف إلى كل هذا أن عزيز لن يمنح صاحبه -إن كتب له النجاح- حريته خاصة عندما تقتضي تنظيم الدولة. إن السؤال الملح والذي يجب أن يبحث عنه الكل هو: ما هو حجم الثمن في المستقبل الذي أخذ به غزواني الرئاسة؟ وما هي طبيعة الإلتزام للشركاء الخارجيين خاصة بالنسبة للمقاربة الأمنية التي ظلت ثمن التغاضي عن كثير من الأشياء حدثت وتحدث في البلد؟ الحقيقة الصادمة أن كلا من غزواني والشركاء سيجدون أنفسهم في ورطة. إن غزواني، كما كان الأمر بالنسبة لسيدي ولد الشيخ عبد الله، سيجد نفسه وهو عاجز عن الاستقلالية عن صاحبه، وأن الأمور أصعب مما تصور، وسيدفع البلد ثمن صراع خفي مرير وقوي داخل السلطة، دون أن نتمكن من تحديد سقف ولا عمر ذلك الصراع، إلا أن سيدي ولد الشيخ عبد الله، الذي يتقاسم مع غزواني نفس السمو الأخلاقي، وجد نفسه خلال سنة ونيف مضطرا للتخلص من شريكه، فكم سيتطلب ذلك بالنسبة لولد الغزواني الصديق؟؟