الخميس
2024/03/28
آخر تحديث
الخميس 28 مارس 2024

إيمانويل ماكرون: هل معركته مع الإسلام أم مع جماعات "الإسلام السياسي"؟

28 أكتوبر 2020 الساعة 21 و44 دقيقة
إيمانويل ماكرون: هل معركته مع الإسلام أم مع جماعات (...)
طباعة

ناقشت صحف ومواقع عربية ردود الفعل على التصريحات التي أدلى بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في خلال حفل تأبين المعلم صامويل باتي الذي قُطِع رأسه في أحد شوارع العاصمة باريس بسبب عرض رسوم كاريكاتورية مسيئة للنبي محمد على طلابه.
وقال ماكرون: "لن نتخلى عن الرسومات والكاريكاتيرات وإن تقهقر البعض" مما أثار موجة غضب جديدة ودعوات لمقاطعة المنتجات الفرنسية.
وأدان كتاب ما وصفوه ﺑ "إساءة ماكرون للإسلام" و"التصرف بصبيانية" فيما تفهم آخرون التحديات التي تواجه فرنسا والمتمثلة في أهداف "جماعات الإسلام السياسي".
"ثقافة الكراهية"
تصدرت ردود الفعل المستمرة على تصريحات ماكرون عناوين الصحف والمواقع العربية.
تقول "الدستور" الأردنية: "مجلس التعاون الخليجي: إساءة ماكرون للإسلام ’تزيد ثقافة الكراهية‛".
وتقول "صدى البلد" المصرية: "بسبب إساءة ماكرون للإسلام.. احتجاجات أمام منزل السفير الفرنسي لدى إسرائيل".
ويرى عبد الله المجالي في "السبيل" الأردنية أنه "عندما يتزعم رئيس الدولة الفرنسية حملة إعادة الرسوم المسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وهو يعلم أن للرسول مكانة دينية خاصة عند أكثر من مليار ونصف مليار مسلم على وجه الكرة الأرضية، فهو فعلًا رئيس بحاجة إلى اختبار للتأكد من صحة قواه العقلية كما قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان".
ويضيف الكاتب: "قد تكون تلك الرسوم المسيئة السبب في مقتل المدرس الفرنسي، لكن تلك الجريمة لا يمكن أن تغطي على جريمة الرسوم المسيئة فتجعلها سياسة دولة، لينبري رئيسها لتدشين حملة لنشرها واستفزاز المسلمين في كل العالم. على الدول التي تدعي التحضر ورؤسائها أن لا يتصرفوا بنزق وبحقد وبردود فعل صبيانية".
"تطرف القيادة السياسية الفرنسية"
وتحت عنوان "ليبرالية فرنسا التي ننشدها"، تقول "القبس" الكويتية في افتتاحيتها: "قد يكون السلوك مبرراً عندما يغضب المجتمع الفرنسي أمام هول هذه الجريمة النكراء، كما غضب المجتمع المدني العالمي بأسره، لكن الخطر الذي يجب أن نتوقف عنده أن ينتقل هذا التطرّف العصبي إلى القيادة السياسية الفرنسية، التي كان شعار دولتها الوطني ’حرية.. مساواة.. إخاء‛، حتى وصل هذا التطرّف إلى رأس الدولة الفرنسية، رئيسها إيمانويل ماكرون بنفسه؛ ليعالج تطرّف حفنة، تدّعي أنها تمثّل الإسلام بتطرّف أكبر، تقوده دولة عظمى، ضد الشعوب الإسلامية برمتها".
وتضيف الجريدة: "إن معالجة ’التطرّف الإسلامي‛ بـ’تطرف اليمين الأوروبي‛ لن ينجم عنها إلا مزيد من العنف، وستكرّس الكراهية وستنمّي العدوانية، لذا نتمنى ألا تلجأ دولة عظمى مثل فرنسا إلى منهج الإقصاء الذي سيضعف من قيمها الليبرالية ومن كونها البلد الذي كان رائداً في حركة التنوير".
ويقول خالد السليمان في "عكاظ" السعودية: "رغم أنني ضد أعمال العنف التي تحصل احتجاجاً على التصرفات المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم، من واقع أن ضررها أكبر من نفعها، وتستغل دائماً لتشويه صورة المسلمين والاعتداء عليهم، بالإضافة إلى إيماني بأن مكانة الرسول عليه الصلاة والسلام أرفع وأجل وأسمى من أن يمسها بشر، ولم تضره في حياته ولن تضره في مماته، إلا أنني لا يمكن أن أتفهم تجاهل قوانين الغرب لمسببات العنف وتأجيج المشاعر وخلق العداوات والصراعات باسم حرية التعبير".
ويتابع الكاتب: "إن حرية التعبير على المستوى الأخلاقي والعقلاني في أنظمة الغرب ليست مطلقة في العديد من الحالات التي تقمع فيها الحريات نتيجة ما ينتج عنها من ضرر كدعوات العنف والتحريض على القتل وتأييد النازية والفاشية!".
ويشير عبد الباسط سيدا في "القدس العربي" اللندنية إلى أنه "من الضروري جداً أن يحسن المفكرون والقادة السياسيون التفكير، ويعتمدوا الحذر الموضوعي المطلوب في استخدام التعابير والمصطلحات، وذلك منعاً لأي إساءة إلى معتقدات الناس ومشاعرهم، ومنعاً لإثارة أي ردود فعل قوية التي غالباً ما تتحول إلى مادة جديدة في عمليات الاستغلال التي تمارسها الأنظمة الفاسدة، والحركات المتشددة. وهي العمليات التي تستفيد منها الماكينات الإعلامية، والحملات الشعاراتية الخاصة بالقوى اليمينة المتطرفة في العديد من المجتمعات الغربية، وحتى في دول أوروبا الشرقية التي تنسب التطرف الإسلاموي إلى الإسلام".
المعركة مع الإسلام السياسي
على الجانب الآخر، يتفهم الهاشمي نويرة الموقف الفرنسي، ويتساءل في "البيان" الإماراتية: "أي مستقبل للإسلام السياسي في الدول الغربية؟".
ويشير إلى أن حادث قتل المدرس الفرنسي أثار: "ردود فعل رسمية ومجتمعية عنيفة جدّاً، إذ لأول مرّة تجتمع في فرنسا كلمة الأطراف السياسية والحزبية والمنظمات الأهلية، بمختلف توجهاتها الفكرية والسياسية، على رأي وموقف واحد، وهو إدانة العملية الإرهابية من دون أي تحفظ، وكذلك الإجماع على توجيه أصابع الاتهام لجماعات الإسلام السياسي، وطالب الجميع باقتلاعها من جذورها، وذلك بمنعها هي والجمعيات الأهلية التي تمول نشاطها".
ويضيف الكاتب: "ولعلها المرة الأولى التي تفقد فيها هذه الجماعات السند السياسي التي كانت تلقاه من أطراف حزبية وسياسية، يسارية بالخصوص. وقد حمى هذا السند نشاطها على مدى السنوات الأخيرة، وثبت وجودها، ما مكنها من التموقع في عدد من الأحياء بمختلف المدن والأرياف الفرنسية، التي تشهد كثافة سكانية من المسلمين".
وتذهب سوسن الشاعر في "الشرق الأوسط" اللندنية إلى رأي مشابه، وتقول: "أثارت حادثة قطع رأس مدرس التاريخ الفرنسي معركة جديدة داخل المجتمع الفرنسي بين اليسار الداعم للجماعات الدينية واليمين المعارض، فشن الإعلام هجوماً ضد الجماعات الدينية انتهزه اليمين في معركته السياسية".
وتتابع: "الحوادث الأخيرة قد تدفع الأحزاب اليسارية لإعادة النظر في استراتيجيتها الداعمة للجماعات الدينية الإسلامية، والمعركة الأوروبية المقبلة ستكون ضد ’الجماعات‛، لا ضد الإسلام، فلننتبه نحن للفرق".