الخميس
2024/04/25
آخر تحديث
الخميس 25 أبريل 2024

ماكرون يمثل تهديدا لأمن الفرنسيين ونموذجا لعدم المسؤولية / محمد محمود ولد بكار

31 أكتوبر 2020 الساعة 14 و57 دقيقة
ماكرون يمثل تهديدا لأمن الفرنسيين ونموذجا لعدم المسؤولية (…)
طباعة

من المعروف حسب وتيرة الأحداث التصاعدية ضد الغرب أنها مرت في العالم الإسلامي والعربي منه على وجه الخصوص عبر محورين : مناهضة الإمبرالية أولا بسبب الإستعمار وثانيا عبر المحور الديني بسبب العنصرية والتمييز الديني ضد المسلمين .
وتيرة التمييز التي يغذيها اليهود الصهاينة 1 مليون في فرنسا مقابل 10مليون من المسلمين فيها، لم تقتصر على السياسية الداخلية الفرنسية التي تزداد فيها مضايقة المسلمين بداية بالمتحجبات إلى مضياقة المساجد والمصلين ومن ثم وضع تشريعات تجعل من التعرض للمقدسات الإسلامية حريةً للتعبيير بما في ذلك التطرق للرسول الكريم (قدوة ل 2 مليار مسلم على وجه الأرض، في تزايد مستمر )، في حين أن الحديث عن يهودي واحد يعتبر معادات للسامية المجرم بقوة القانون .
لا يوجد أي تفسير لذلك سوى العداء الذي مصدره الكراهية والحقد للإسلام والمسلمين الذي أخذ ينمو في فرنسا على نحو خاص مخلفا صدام عنيف مع الحركات الجهادية وتقديم الدعم لها بهذا النوع من المواقف . موجة تعصب جديدة و متطرفة لم تكن كذلك ضد فرنسا ظهرت اليوم من خلال الضغط على مشاعر المسلمين وإهانتهم باستمرار في الصحافة الفرنسية ، وفي نفس الوقت توسيع دائرة التعاطف معهم في الضفةالإسلامية الأخرى أو الوسطية التي عليها غالبية المسلمين في العالم. هذه الحركات التي تقوم بأعمال عنيفة إنما تأخذ زمام المبادرة للرد على التطرف الفرنسي اتجاه المقدسات الإسلامية وعلى نحو خاص اتجاه الرسول المكرم صلى الله عليه وسلم ،الرد العنيف والظاهرة الدموية ضد فرنسا ارتبطا بدخول الإرادة السياسية الفرنسية على خط معاداة المسلمين أولا بحماية الإستهتار بالمسلمين كحرية تعبير وثانيا تدخل الرئيس الفرنسي علنا على خط الإساءة .لن يكون هناك تعاطف مع فرنسا داخل الشعوب الإسلامية عندما تكون الدولة الفرنسية هي من يقود حملة الإساءة والتشويه ضد الرسول المعظم الذي تعرف مكانته عند المسلمين ،كما لن يكون بإمكان الرئيس الفرنسي مواجهة السخط والغضب الشعبيين من هذه الأمة، لأنه تعمد جرح مليارى شخص دون أدنى سبب ،وكم هو بحاجة لتجربة قواه العقلية بعد فعلته الشنيعة حقا كما أثار أوردغان .
لم يدخل الشاب الشيشاني الذي قتل معلمه التنظيمات الإسلامية المتطرفة ولم يتلقى أي تدريب ،لكنه تصرف بانهيار بسبب تجييش العواطف من خلال ذلك السلوك الهمجي الإحتقاري لمعلمه وهو يصف رسوله الأعظم برسوم ساخرة .
نفس الطعنة في المشاعر يقوم بها من يفترض فيه الإنسان والمسؤولية بسبب حجم المسؤوليات على عاتقه فالرئيس الفرنسي الذي ليس شخصا عاديا وكان عليه أن يكون أكثر حذرا ودبلوماسية .بدلا من أن يكون شخصا يفيض بمشاعر الحقد والكراهية .
لقد كانت فرنسا على نحو صريح دولة صديقة للعرب والمسلمين وكانت رمزا للتحضر والتنوير الذي يحترم الفكر الإنساني وحرية المعتقد وتملك بذلك جذورا ثقافية مع العالم الإسلامي والعربي لكن ماكرونه اليوم جعل من تلك الصورة وقوتها ومن ذلك الجسر الثقافي ركاما من أجل أن يصعد في الإنتخابات !فأي أنانية ونوازع تدفع بهذا الشخص لتدمير العلاقات التاريخية مع المسلمين ويفرض على الشعب الفرنسي أن يدفع ثمن طموحه الفردي . إنه يضع حصارا على الفرنسيين متزايدا في مناطق أخرى في العالم بسبب تنامي ردة فعل شباب المسلمين من موقفه وتصريحاته المهينة والحاقدة ،وقد كان مقتل المعلم الفرنسي على أحد الطلاب أكبر شاهد على ردة الفعل الفردية بسبب طحن المشاعر .كم هو سفيه هذا الرئيس الذي يؤجج نفس مشاعر الغضب في العالم ضد شعبه .
وهل سترضى النخبة والشعب الفرنسيين دفع ثمن حرب ماكرونه الإنتخابية على حساب قيم التآخي واحترام مشاعر الشعوب الأخرى؟!
إن مسار الفشل الذي يقوده ماكرونه والذي دهور الإقتصاد الفرنسي، وحول فرنسا من دولة مصدرة إلى دولة مستوردة ،وفشله في السياسة الخارجية وفي الحرب ضد الإرهاب وفي تسيير جائحة كورونا هو الذي يقوده اليوم لفشل أكبر وهو ضرب المنتجات الفرنسية في الأسواق الإسلامية والتحريض على الفرنسيين وفرض طوق أمني حولهم والرفع من ميزانية الأمن والمخابرات على حساب ميزانية البحث العلمي وتنمية الإقتصاد الفرنسي . إن ماكرونه يمثل تهديدا لأمن الفرنسيين ونموذجا لعدم المسؤولية ،وعلى الشعب الفرنسي أن لا يضع ثقته فيه لأنه سيعبث بها كما فعل في عهدته الأولى .إنه نموذج من الحواشي ومن الرؤساء الذين يخلقهم الإعلام ويأتي بهم التيه والتعلق بالأمل .
لكنها لا بد أن نسلط الضوء على الجزء الآخر من الحقيقة وهو أن ضعف المسلمين الذين يمدون الإقتصاد الفرنسي بالمعادن الثمينة (اليورانيوم والذهب والكاكاو والنفط )وضعف بنيتهم السياسية هي التي جعلت ماكرونه قادر على أن يتحداهم الكرة تلو الأخرى دون أن يرف له جفن.