الجمعة
2024/04/19
آخر تحديث
الجمعة 19 أبريل 2024

التاريخ ملك فقط للذين صنعوه فلا يحق لأي مخلوق أن يتصرف فيه وإلا فقد أحدث وتجنى ولفق / محمد محود ولد بكار

2 يناير 2019 الساعة 10 و07 دقيقة
التاريخ ملك فقط للذين صنعوه فلا يحق لأي مخلوق أن يتصرف (…)
طباعة

معركة انيملان : عودة بالأمور إلى نصابها وتصويب انسجام خاطئ.
انيملان هي أول معركة في تكانت تحصل فيها إدوعيش على المساعدة من خارجها .
مقدمة
التاريخ تراث وطني ، ملك للوطن ولعامة الناس ، ومخزون للفخر وللعزة ،وبالتالي يجب التعامل معه باحترام كبير، وحذر ، قبل التشبث بالنزاهة والموضوعية في التعاطي مع أحداثه وقراءته ، وبما أنه على هذه الدرجة من الأهمية كان على الدولة من خلال توجهاتها الثقافية والعلمية والمنهجية أن تتكفل بكتابته وتنقيته وتمحيصه ثم تنشره للجمهور: للتلاميذ والدارسين وتستغله الاستغلال الأمثل لمصلحة ومكانة الأمة، فأمة بلا تضحيات لا تاريخ لها ،وشعب بلا أبطال لا مكانة له بين الأمم. النخبة التي تسلمت مقاليد الدولة غداة الاستقلال ، كانت في الغالب في فلك الاستعمار ، فركنت التضحيات الجسام من أجل البلد في مكان سحيق ضمن المكبوتات في الثقافة والرأي ، وتم جمع بعض القشور التي لا تسمن ولا تغني عن المقاومة كمادة للتلاميذ الابتدائيين ، درس واحد من مادة التاريخ للسنة الساسة ابتدائية فقط لا غير ، وهكذا ظلت المقاومة تواجه التواطئي المخزي بين الدولة الوليدة حينها والنخب الفاقدة للموضوعية على مدي 50 عاما ، وهكذا ظلت المقاومة موضوعا ميتا تم بعثه ضمن شعارات انقلاب 2008 التي تحاول الإتيان بشيء جديد . لم تكن هناك إرادة لمعاقبة ذلك الجرم في حق التاريخ يدرأ ذلك النسيان ، ولم توجد مادة علمية ولا دور علمي منهجي لأصحاب الاختصاص بل صرنا أمام " مُشارْيَ " فوضى لا أول ولا آخر لها " مافيه إكبير ولا فيه إصليح ، من خلال عملية سطو كبيرة وإجرام في حق التاريخ من نوع آخر، ظـُلم فيها كثير من الناس قدموا ابناءهم وقبائلهم ودمائهم وسلطانهم دون أن يعبأ أحد ، ولو لم يكن الوضع كذلك لما كان لي مكان بينكم، فأنا لست مؤرخا ولا دارسا ، لكنني لا حظت منذ فترة عدم المسؤولية يضرب بأطنابه في ضوء غياب المتخصصين وعزوف المهنيين والدارسين عن اخذ زمام المبادرة وترك المجال ، الفج والخصب، كغنيمة من الأوسمة جاهزة ومشاعة للغوغاء كل يأخذ لأهله ونفسه ما يشاء ، وسوق مرابحة لمتهاوني الصحافة وأصحاب الاختصاص الكسولين ، وهكذا صار عدم التقيد بالمعايير العلمية والمنهجية في الغالب السمة البارزة في تناول هذه المادة من تاريخنا الوطني ـ لا يعني ذلك بالضرورة الموضوعية في المعالجات الأخري ـ وهكذا وجدت نفسي مجبر على الإدلاء ببعض الملاحظات الموثقة من جهة ، والموثِقة للأحداث من جهة أخرى لعلي أسهم في تصحيح بعض الأخطاء الشائعة التي توشك بسبب التكرار أن تكون مسلمات تظلم أصحاب الحق وأقول بلا مواربة ولا خجل أصحاب الحق أعني أولئك الذين قاوَموا قبل أن ينتبه أي أحد ، واستمروا في المقاومة حتي ماتوا أو قتلوا أو خسروا محظياتهم المادية من أجل هدف واحد ووحيد هو عدم القبول بالكفار في أرضهم . إنها إدوعيش إنه الأمير بكار بن إسويد أحمد بن محمد بن إمحمد شين بن بكار بن أعمر بن محمد بن خون بن بنيوك بن أوديك بن إكرن مبيك بن انمز بن عثمان بن يحي بن (بوبكر بن عمر الزعيم المرابطي اللمتوني الذي قتل في الجهاد سنة 1087 م عند مكسم بوبكر). وإبنه البكر عثمان بن بكار بن اسويد أحمد وأبناء إسويد أحمد وأبناء عمومتهم أبناء المختار ولد امحمد شين وحلفاءهم من أمراء مثل أهل سيدي إعل ولقلال وأدجيجب وغيرهم الذين صبروا وصابروا وجاهدوا عليهم رحمة الله جميعا .
توطئة
انميلان معركة مجيدة ضمن مشوار طويل لمقاومة واعية لأهدافها النبيلة ، مقاومة ادو عيش في سياق متحد له ثلاث مسارات: مسار ديني ومسار زماني ،ومسار مكاني .
المسار الديني أو الأيد يوجي بمعني الدين والثقافة والمجد التاريخاني : كان بكار يعتبر النصارى قبيلة كفر ولا يحل لهم دخول أرض المسلمين وقد عبر عن ذلك من خلال 3 مواقف. الموقف الأول حينما أعطى لزعماء المقاومة الزنجية في السنغال (المسلمة )حق اللجوء في موريتانيا ضد غزو الكفار لأرضهم ففي كتاب إمارة اترارزة تأليف بول مارتي 1919 يقول : "كان أعمر سالم أمير اترارزة على تفاهم مع السلطات الفرنسية بسان لويس ، فكرنا أن نحاول ، بمساعدته مناوشة البيظان المتحالفين مع متمردي البولار ، منحناه في عديد المرات مخصصات مالية لتحريكه ضد بكار ولد اسويد أحمد أمير إدوعيش الذي أعطى اللجوء ما بين 1889 ـ 1891 لعبدول بوبكر وألمامي ( من بوسيا ) وعالي بوري ، وبوربا ( من جولف ) الذين رحلوا إلى ضفة البيظان وعارضوا الغزو الفرنسي لمنطقة فوتا بكل ما أوتوا من قوة . إلا أن أعمر سالم لم يقدم لنا كبير شيء" انتهى الاستشهاد ، الذي يفيد نفوذ بكار الواسع في البلد ومناوءته للكفار وللاستعمار حتي خارج بلده . الموقف الثاني حينما بعث برسالتين منفصلتين : جاء ذكرهما في كتاب موريتانيا الغزو والإدارة الاستعمارية 1890 ـ 1945 وفي محاضر المجلس العام الدورة العادية لسنة 1891 على النحو التالي " وحدهم من كل البيظان المجاورين للمستعمرة ، كان إدوعيش أو على الأقل فخذ إد وعيش الخاضع للمسن بكار ولد إسويد أحمد قد حافظوا على الموقف المعادي الذي اتخذوه ضدنا في حياة عبدول بوبكر .ويتابع المصدر وحول رسالة وقحة بعث بها بكار إلى حاكم دائرة باكل أجبت بالشطب على الإكراميات المتمثلة في 500 قطعة من النيلة ، كان يدفعها حاكم السينغال الدنيا لهذا الزعيم بالقرار رقم 102 حيث يعلن أي القرار " إد وعيش أعداء لمستعمرة السودان .وكانت الرسالة التي تسببت في شطب الإكراميات وجهها بكار إلى النقيب دسماري 25 يوليو1891 جاء فيها " اتركوا الضفة اليمنى فهي ضفة المسلمين إن على الفرنسيين أن لا يبقوا فيها ساعة واحدة . والثانية إلى العقيد آرشينارد 5 يوليو 1894حاكم السودان يطلبهم فيها عدم التدخل في شأن أهل محمد لحبيب وتركهم وشأنهم ويكرر أنها أرض المسلمين ولا سلطة لهم عليها .وقد كانت رسائل بكار للنصارى تتميز بأنها باسم المسلمين أو أن الأرض أرض المسلمين وقد إعتبر النصارى هذه الرسالة تهديدا لهم . وهذا نص الرسالة " الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد فمن بكار بن إسويد أحمد أمير تكانت إلى صاحب النصارى في قرية كيهيدي موجبه بلغ النصارى مني أن المسلمين من مشارق الأرض إلى مغاربها أمرهم واحد ودينهم واحد زماهم علا كالجسم الواحد إن تألم بعضه تألم جميعه وأنهم وإن تباعدت أجسامهم فقلوبهم متقاربة وأيضا عندهم الإبل وهي تقرب البعيد وقد وردت عليهم كتب القبائل من كل ناحية في أمركم ووردت عليهم كتب مولاي السلطان المنصور عبد العزيز فالآن كفوا عن المسلمين ولا تعتدوا ببناء ولا غيره واتركوا آل محمد لحبيب ولا تدخلوا بينهم بشيء واعلموا أن أرض المسلمين ليست لأحد منهم يختص بها دون الآخر زلا يعطيها إلا سلطان العامة واتفاق المسلمين فبهذا كفوا عن المسلمين واتركوهم واتركوهم وعهدكم الذين بينكم وبينهم وإلا فقد تعرضتم لنقض العهد ونقض العهد لا يخفى ما فيه " كتبه عبد الله بن عبد الرحمن بتاريخ 20 شوال 1320 هـ وفي رسالة لصالح ولد عبد الوهاب إلى بكار يؤكد فيها علاقة موقفها من النصاري بالدين ...يقول فيها أي صالح وقد شاع في الناس دفاعك عن الإسلام وأهله . وهكذا ظلت الاتفاقيات الثنائية التي يبرم معهم من أجل الاستفادة من مزايا الضفة تمثل مقاومة بحد ذاتها من خلال إقناعهم أن حدود نفوذهم تتوقف عند الضفة اليسرى للنهر ، الموقف الثالث : وبعدما كشف بكار نوايا المستعمر من خلال الشطب على الإتاوات كنوع من بسط السيطرة على الضفة اليسرى كانت ردة الفعل متمثلة في الغارات العديدة على كل ما له علاقة بالنصارى حتي عادت تلك الإتاوات1895 . . وفي كتاب موريتانيا الغزو والإدارة الاستعمارية 1890 ـ 1945 قال سيدي أحمد لبات بن إسويد أحمد أن الشرط الوحيد للتفاهم مع إدوعيش الذين هم وحدهم من يمكن أن يؤمن القوافل هو إعادة الإكراميات لبكار وفي نفس المرجع يقول إبراهيم صل منذ أن ألغى الفرنسيون سنة 1893 الإكراميات التي كان يدفعها الوسطاء لبكار لم تعد عمليات النهب مقتصرة على اللصوص والنخاسين ، بل أخذت هذه الأعمال وجهة سياسية من خلال تنظيم غارات متقنة من طرف إشراتيت وبكاك من أجل زعزعة الاستقرار بشكل دائم في منطقة كيدماغا وفوتاتورو الشرقية . بالنسبة للمحاربين الإدوعيشيين فإن عمليات النهب تبعث برسالتين ، التشبث بالمصالح الاقتصادية من جهة ورفض الاعتراف بالسلطة الاستعمارية من جهة ثانية انتهى الاستشهاد .وقد ذكر الفرنسيون أن الشكوك ظلت تراودهم كثيرا بشأن النوايا الخفية للأمير بكار . . ففي كتاب المجتمع الإسلامي والسلطة الاستعمارية الفرنسية في السينغال وموريتانيا يقول ريبنسون دافيد ....وقد اتخذ بكار موقفا حاسما بمعارضة الولوج الاستعماري السلمي لموريتانيا. ويضيف .... يشكل بكار بالنسبة للمقاومة مركز ثقل فعلي وذلك إلى غاية تصفيته في ابريل 1905 " وقول النقيب جاستون " جعل الزعيم المسن بكار بن إسويد أحمد من نفسه روح المقاومة وأخذ يبث في كل مكان داعيا إلى الحرب ضدنا فجر إلى صفه الأمير أحمدُ ولد سيدي إعل لبراكنة وزعيم إشراتيت المختار ولد أحمد لعثمان ورفع بعض الزوايا السلاح في وجهنا مثل إجيجب " ويقول الرائد جيليه في كتابه التوغل يقول عدل الأمير أحمدُ ولد سيدي إعل عن الإتجاه السياسي للقبائل المنضوية تحت سلطته ،لكنه لم يكن يريد إلا معارضتنا فانضم في هذا الهدف إلى أمير تكانت المسن بكار المعروف بمعارضته لفرنسا وقدراته الحربية حيث جعل من نفسه قلب المقاومة " وقد كان أحمد ولد سيد إعل حضر إلى سهوة الماء وقابل قائد القوة الفرنسية فيها يوم 24 مارس 1902 وأعلن ولائه للفرنسيين . ويقول ضابط الصف عال صل الذي جاء من عند النصارى أن بكار لم يستقبله بحفاوة ويضع أمامه جملة من العراقيل رغم أنه قال له عدة مرات أنه تخلى عن مناصرة "البيض" المسيحين وأنه في طريقه إلى الحج غير أن بكار لا يريد سماع أيا من تلك الأعذار . وفي تقرير للترجمان الرئيسي من الدرجة الثانية الحاج أبو المقداد تحت عنوان مهمة في تكانت مؤرخ 15 يونيو 1894 "جمعني لقاء مع الحسين ولد بكار تصحبه 30 شخص تقريبا وقد قال لي أنت من كنت في ما يبدوا حاجا السنة الماضية ، فأجبته نعم لكن لماذا هذا السؤال لا لشيء يقول الحسين لكن فقط من أجل التأكد لكني محتار في أمر شخص ذكي مثلك وليس فقط مسلم لكن حاج لبيت الله الحرام ومع ذلك تظهر هذا القدر من مساعدة أعداء الرسول الذين لا يريدون إلا التأثير على معتقدات أهل هذه الأرض بيضا وسودا وليسيطروا عليهم " ويتضح حضور الجانب الديني في نقد الحسين لأبو المقداد وفي كتاب حوادث السنين للمختار بن حامدن يقول محقق الكتاب سيدي أحمد ولد أحمد سالم ص 475 ... وطال عمر بكار حتى قارب المائة وأدرك الإحتلال الفرنسي لموريتانيا فقاوم الوجود الإستعماري ونظم المقاومة. وقد أدرك الفرنسيون خطورة الأمير الطاعن في السن فنهضت كتيبة بقيادة إفرير جانه فمات شهيدا صبيحة الأربعاء 1 إبريل 1905. هكذا كان البعد الديني حاضر في مقاومة إدوعيش بل منطلقها .
ـ الإطار المكاني : من الناحية النظرية أرض المسلمين المتاخمة ،ومن الناحية الفعلية ولايات موريتانيا التي تقع في تماس مع تكانت لعصابة غورغل لبراكنة تكانت آدرار إنشيري . قبل الإتفاق مع إدوعيش لم يكن معبر باكل ولا ماتم ولا كيهيدي مفتوح وكانت المعاملات مع البيظان تتم في "إدويرة " بودور حاليا ف وتم فتح تلك المعابر بعد الإتفاق مع محمد ولد أمحد شين وبكار تكريسا لسلطة إدوعيش على تلك المناطق وقد كانت تأخذ الإتاوات المرتبطة بالنصارى إلى حدود مالي . وفي رسالة أرسلها كبولاني إلى القاضي المصطفى بن الطلب الذي أفتى بالجهاد وكان من أكبرعلماء إجيجب ... حتي يقول له أي كبولاني كنت مقتنعا أن ولاءكم سيكون خالصا بل كنتم الدليل والسند لمحاربي إدوعيش ذوي النوايا السيئة والعدوانية اتجاهنا )يقول ريبنسون دافيد في كتاب المجتمع الإسلامي والسلطة الإستعمارية الفرنسية في السينغال وموريتانيا " إن لدى بكار شبكة نشطة في مجال الحرب والإنتاج والتجارة والحماية من النهر السينغالي حتى آدرار .. وكان اول إتفاق وقعه فيدرب مع بكار 1858 إعادة إحياء نفس الإتفاق الذي وقعه محمد ولد احمد شين 1821 مع الوالي الفرنسي للسينغال لاكومب للحصول على مزايا النهر واعترافا بسلطتهم عليه . وقد إعتبر الفرنسيون أن معاهدتهم الموقعة مع إمارة إدوعيش غطاء لعملية عسكرية كبيرة يدبرها بكار وقالت تقارير الإستخبارات الفرنسية حينها أن الأمير وضع مخططا يقوده بنفسه وأنه كلف أربعة من أبنائه بتنفيذه عبد الله مكلف بطريق باكل ، الحسين طريق ماتم ، أحمد محمود طريق كيهيدي ، أحمد دي طريق سولد ، وأكد الترجمان ولد أبنو المقداد الذي زار الإمارة بغيىة التصالح مع الفرنسيين أن اللمسات الأخيرة على تنفيذ المخطط بدأت . وفي رسالة هكذا تم رسم المجال المكاني .
إذن مسار مقاومة إدوعيش بدأ منذ 1889 ـ 1891 كما شاهدنا مرورا بالغارات من 1893 إلى 1895 ومن ثم المعارك التي تتصدى لدخول النصارى مشكلة حاجزا قويا ضد دخولهم البلد أولا وتكانت ثانيا،و تطلب ذلك مراوغات كبيرة منها منع المستكشفين عالين صل وماج ،من زيارة لكصور لمعرفة الأرض وثانيا الدخول مع النصارى في مجموعة كبيرة من المعارك الطاحنة باركويل 30 ـ 12 ـ 1903 معركة كيهيدي 1903 ومعركة ميت فبراير 1904 معركة مال 28 دجمبر 1903 معركة كومل 11مارس 1904 معركة آنشيش التي كانت امتداد لمعركة كومل .
1. أخذ كوبولاني يعد حملته لإقتحام تكانت يقول الرائد إفرير جانه ياله من خلق كثير بالنسبة لبعثة سلمية ،أية آلة حربية هذه يالها من ضوضاء.30من الأوروبيين وما يناهز 800 من المحليين و200 من الخيول المسرجة و16 من البغال و300 جمل وثمانين ثورا ومازال ينتظر المدد من كيهدي إنها خطته الجديدة بعدما أخفقت سياسته في التفكيك ولم تعطي مفاوضاته أي نتيجة . كان كبولاني على علم أن مجموعة إدوعيش المحاربة الأهم في المنطقة تستعد لوقف تحركته وتنزل عند فم البطحة وكراول ،كما جاء في لجنة الدراسات التاريخية والعلمية بافريقيا الغربية 1922 . الخيارات للولوج إلى تكانت كانت قليلة و كان المعبر الوحيد الآمن نسبيا هو معبر دكل مع زيادة المسافة ب 22 كلم لكي يتجنب إدوعيش ، نزل كبولاني من خلال هذا المعبر عند كصر البركة ووصل 21فبراير 1905 إلى سطح تكانت وقسم الخمر تلك اليلة على أعضاء البعثة .بعث ب دري لتتبع إدوعيش ومعه 135 مدفعا إلى دركل حيث وقعت أول معركة 26 فبراير 1905 هزم فيها الغزاة هزيمة نكراء وأرسل بكار كور ولد التوتاي إلى كبولاني ينذره ويطلب منه المغادرة فورا وإلا سيصيبه ماصب د يري . ومن ثم توالت المعارك اتوزرزيت يوم 27 فبراير 1905 وتنشيب 8مارس ومناوشات 9مارس عند فوق ومعركة بوكادوم 1ابريل 1905 التي استشهد فيها بكار . يقول إفرير جانه " لقد طرحنا أرضا أقوى أمراء البيظان على الإطلاق وطردنا من تكانت القبيلة التي قاومتنا بكل ما أتيت من قوة وكادت أن تهزمنا في معركتي الاك 1903 ومعركة دركل 1905 . إنتهى الإستشهاد ثم يتوالى جهاد ومقاومة النصارى بقيادة عثمان بن بكاربن إسويد أحمد في معارك إنيملان وتجكجة والمينان والإنخراط في صفوف المقاومة في آدرار وإنشيري ومن ثم الكدية حتى 1910.

عود على بدء : حقائق تتعلق بمعركة إنيملان .
يقول الرائد جيليه خلال سنة 1905 ـ 1906 ساد جو من الهدوء ومع ذلك نلاحظ هيجانا في آدرار ، حيث الأمير الذي ظل معارضا لنا بشدة يجد نفسه أمام دفع وتحريض من إدوعيش الذين يدفعونه للهجوم علينا .. إنتهى الإستشهاد . إن إدوعيش لم تستسلم ولا تزال على نفس الموقف وذلك ما تبين من خلال السرد السابق ، وترفع شعار المقاومة ولها ثأر مزدوج عند النصارى مقتل الأمير المجاهد بكار وطردهم من أرضهم ، والحرب سجال . بعد مقتل بكار ذهبت إدوعيش باتجاه الحوض لإعادة تنظيم صفوفها وفي الأثناء وصلتها رسالة من الشيخ ماء العينين مؤرخة ب 22يوليو 1905 بشأن لقاء إدوعيش مع سلطان المغرب بخصوص مساعدتها ضد المستعمر وبمبادرة من الشيخ ماء العينين الذي زار فاس حينها للمرة السابعة للقاء مولاي عبد العزيز 1905وهذا نص الرسالة ، الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ،
أحباؤنا الأكرمون وأصدقاؤنا الأقربون الأحمدون الأطهرون الأطيبون الأسياد جماعة إدوعيش عموما وخصوصا وطررا ونصوصا كل واحد منكم باسمه وخالص وسمه لاسيما أهل الحل والعقد منكم كآل إسويد أحمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مادام الكون وحركاته أما بعد فليكن في كريم علمكم أن السلطان نصره الله وجه إلينا إبن عمه خليفته نائبا عنه في كل ما أهمكم الآن أو قبل من الأمور كلها لاسيما أمر النصارى دمرهم الله لأنه ولله الحمد أرسله بالوقوف على ساق الجد حتى تعلوا كلمة الإسلام ويُقضى بحول الله كل مرام وإلا فلابد بإتيان ولاة الأمر منكم لتقع المشافهة مع الخليفة على أيدينا كما أن السلطان نصره الله كتب لنا بذلك ليحصل لكم بها كل غرض فيما مضى وفيما عرض لأننا كتبنا لأمير المؤمنين أنكم في تلك البلاد أنتم أهل شوكتها وأهل حلها وعقدها ونراكم تفوزون بهذه السبقية إنساء الله تعالى، كان الله لنا ولكم وليا ونصيراوعلى سائر الأعداء ظهيرا وبلغكم أقصى المرام بالتمام وعلى خالص المحبة والسلام لإحدى عشربقيت من جمادي الأولى 1323ه
عبيد ربه مالعينينبن شيخه الشيخ محمد فاضل ابن مامين غفر الله لهم وللمسلمين آمين .
في كتاب " الأصوات الصارخة في الفيفاء " للضابط والكاتب الكولونيالي أرنيست إبسيشاري ... كان المسن الشيخ مالعينين قد زار فاس ملتمسا دعم السلطان ، وقد إستجاب السلطان بارساله لابن عمه مولاي إدريس لمساندة البيظان ضدنا .لقد وصلت إدوعيش إلى المغرب وقُدم لها مولاي إدريس عم السلطان مولاي إحفيظ كخبير في شؤون الحرب وأرسل معه السلطان بعض الأسلحة لشخص عثمان ولم تكن كثيرة يقول غورو في الصفحة13 من العدد 1 من كشف مؤسسة الجغرافيا ....مغادرة التلاميذ وخضوع آدرار أديا إلى خضوع متمردي الجنوب اللاجئين في هذه البلاد منذ زمن كبولاني . ألم يكتب لي واحد من قادتهم (عثمان ولد بكار )سنة 1908 يقول " لا تطلب مني أي شيء فما دمت لم تحتل آدرار ـ أي عندما لا يبقى لي ملجأ ـ إعلم أنني لا أملك من المال غير الأسلحة التي أعطاني مولاي إحفيظ نصره الله " إنتهى الاستشهاد وفيه دليل أن الشريف لم يأتي للقيادة لكن جاء لمساعدة إدوعيش التي كانت تقاتل وحدها النصارى في تكانت قبل مقتل كبولاني . وهنا يثيرهذا التساؤل فضولي لمذا لا تدخل جبهة الساحل ا على خط المقاومة مع إدوعيشس قبل هذا وهي التي تملك السلاح المكافئ لسلاح العدو ؟ يقول جيليه " وكان هؤلاء الشيخ مالعينين وشيعته حتى 1905 خارج القضية مؤقته حسب ما يبدوا " لقد حصلت المقاومة أثناء مرورهم بآدرار في اتجاه تكانت من خلال رسائل الشيخ مالعينين على مجموعة كبيرة من المجاهدين دخلت تحت إمرة الشريف والتحقت جماعة مشظوف ولقلال بالمقاومة في شنقيط وهكذا أخذ زخم الشريف ينتشر مع رسائل الشيخ ماء العينين وشجع ذلك دخول الكثيرين خاصة بعد إنقطاع رأس البعثة الإستعمارية بموت كبولاني وهكذا بعد وصولهم إلى إقلمبيت إلتحق محمد المختار ولد حامد أحد زعماء كنته ومعه 120 من قبيلته كان يعول النصارى على دعمهم إلتحق يوم 16 أكتوبر بالمقاومة ، وقد محمد المختار ذهب في خطة دبرها مع النصارى بأنه سيتفاوض مع جماعة المقاومة وعندما تأخر ظن الحاكم أن جماعة المقاومة حبست عندها قبل أن تتأكد أنه انخرط في صفوف المجاهدين وعند وصولهم ل موقع الشيارات بين أدروم وتجكجة يقول شيخنا بن محمد أحيد ناقل عن عمه محمد الأمين ولد محمد أحيد ولد سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم العلوي المتوفي 1963 " جاء رسول إدوعل إلى جماعة المقاومة فنزل مولاي إدريس من فرسه يكرر كلمة ترحيبية ( واكاك ، واكاك ) هذا رسول العلويين وأخذ يقرأ الرسالة التي تضمنت اعتذارهم عن الخروج لدعم المقاومة نتيجة لعدم السلاح وعدم القوة وفي الأثناء أقبل سيدي ولد الغوث رئيس فخذ كبير من لقلال فسأل ما هذا أجابه محمد الأمين ولد محمد أحيد هذه قبيلتك في تورية للعلاقة بين القبيلتين فقال له ليست قبيلتي ألاٌ لِكفير فأنا سلافة الإسلام فغضب محمد الأمين ووقعت مشادات كلامية وإزداد الكلام العكر وكادت المقاومة أن تنقسم حول الرجلين فتدخل الشريف وأطفأ الخصومة وذهبوا إلى إنيملان " وقد كان عثمان قد سبقهم إلى إنيملان ويضيف شيخنا " أن المقاومة باتوا ليلتهم تلك في إنيملان وعند طلوع الشمس قادما من الجهة الشرقية حيث ضللهم دليلهم العلوي اثناء المسير ، ويضيف محمد أحيد "أن الذي أعجبه أثناء تلك المعركة هو ذلك الشاب الذي عنده وعاء جلدي مملوء بالذخيرة ويوزعها على الناس من يريد الوروار أو المنبهيَ ويضرب قدمه في الأرض (إييه لكوفرين كامو )وقد ماتت الناس من حوله هو على حاله تلك لم يمسسه شيء "غنتهى الإستشهاد وفي جريدة لوتانه الفرنسية 1906 تصف الوضع في موريتانيا ...... "عندما علم النقيب حاكم دائرة تجكجة بالتجمع الذي شكله إشريف بضواحي تجكجة فكر محقا بأن عليه أن يعترض سبيله خرجت طلائع 60 مقاتلا من مقر الإدارة المقابل لإكصر تجكجة داخل الواحة متوجهة جنوبا بهدف مباغتة البيظان في واد إنيملان على بعد 35 كلم إلى الجنوب الغربي ولأسباب وظروف تظل مجهولة لم يتفاجأ البيظان بالخطة " إنتهى الإستشهاد .والسبب الذي لم يتفاجأ به البيظان يقول المجاهد بكار ولد عثمان ـ يقول عنه المختار ولد حامدن" أنه هو أعلم أهل زمانه بتاريخ إدوعيش " وقد شارك في كل المعارك منذ مقتل بكار وكان حاضرا حينها وكان من أهل الكدية يقول أن جماعة إدوعل صادفت خروج المقاتلين وهم يخرجون من المسجد فانتدبوا أحدهم أو تبرع لنفسه يدعي الشيخ ولد الحسن ولد محم عاشور وأخذ طست به ماء وجاء من خلف الجند حتى تأكد من وجهتهم وواصل المسير حتي سقط عند خيمة عثمان بن بكار بعد أن تفوه بكلمة واحدة "كومكم إمعاكم أي العدو لحقوا بكم " وسقط مقشيا عليه وأخذ عثمان شخصيا يعالجه بالتمر والدهن ومن ثم يسقيه قليلا من اللبن حتي فاق وروى له ما شاهد. خرج الرجال من الخيام وتهيأت النسوة اللات لعبن دورا مشهود ذلك اليوم في السقاية وحمل الجرحى ومعالجتهن وحث الرجال بالزغاريد وقد استشهدت النكر منت لحجوري وجرحت فراو وهي تريد أن تسقي بكار ولد عثمان وكانت صيحات الرجال "فراوَ إرجع لا اتموت " . الكلام كله لبكار حيث يقول أن الشيخ ولد محمد عاشور الذي جاءهم بالخبر دخل المعركة وبيده عمود ويكرر :
الجنة واقترابها طيبة وبارد شرابها
والروم روم قد دنى حصادها على إن لقيتها ضرابها.
وما فتأ يكرر الأبيات حتي جرح أحمد ولد المختار فطلبه بندقيته فأعطاها له ودخل بها المعركة كما جرح أحمد محمود في يديه الإثنتين فأخذ بندقيته ولد أعمر ولد سدوم الذي قتل القائد الثاني للمعركة والكلام مازال لبكار ولد عثمان الذي يصور المعركة يقول أن ولد أعمر ولد سدوم عندما أخذ البندقية قال لهم أناشدكم الله أنظروا إلى هذا النصراني فأطلق الأولى وأخطأه فكرر عليهم بإلحاح إعادة النظر وأطلق عليه النار فأرداه قتيلا ، يقول وسئل بكار هل قتلت أحد في هذه المعركة قال عندي وروار أزرك من عدة ولد مولاي إسماعيل إنعاين أنخبط ما انشوف حد مات ألا إنشوف حد إحرك . إنتهى الإستشهاد . وخلاصة القول أن نيملان هي أول معركة تجد فيها إدوعيش العون من خارجها كبيقلة ومن خارج حدود إمارتها ومن خارج الوطن يقول المختار بن حامدن في كتابه حياة موريتانيا الجزء الرابع إدوعيش أن عثمان ولد بكار خلف والده على رئاسة أبكاك بل ترأس في حياة أبيه وقاد الجيوش لمقاومة فرنسا يوم إنيملان 1431 هـ لقد جمعت المعركة رؤوس كبيرة شيوخ قبائل لقلال وكنته وممثل السلطان المغربي وأبناء الشيخ ما لعينين ومجموعة كبيرة تدعمهم من قبائل الساحل وآدرار لم تكن منظمة ولم تكن تخضع لسيطرة أحد وقد اتضح ذلك في المعركة الموالية حصار تجكجة أي بعد شهر . لكنها كانت معركة مجيدة بدأت عند طلوع الشمس صبيحة يوم 25 من أكتوبر 1906 أي بعد 16 شهرا من مقتل بكار ولد إسويد أحمد تم فيها تبادل كثيف لإطلاق النار و تكبد فيها النصارى خسائر فادحة مات من الغزاة الضابطان آندريي ودو افرانسوا ا تقول جريدة لوماتنه عندما تراجع الضابط دو افرانسوا والمجندون الجرحى وآخرون تمكنت كنته من قتل دو إفرانسوا رغم أنهم كانوا أصدقاءنا أثناء التراجع كما خسرا الفرنسيون العريفين فيليب وإفليريت و13 مجندا سينغاليا وأكثر من 27 جريحا . وقد إنسحب الغواة مهزومين بعد وقت الظهر وقد إنتهت المعركة بنصر المجاهدين مخلفة عشرات القتلى في صفوفهم ، يقول بكار بن عثمان لم يبقى أحد من أبناء بكار إلا جرح أو قتل ذلك اليوم إلا أنا . وقد إستشهدت جماعة كبيرة لازلت أجمع أسماءها . و بذلك تكون معركة إنيملان إذانا ببداية مقاومة وطنية بمفهوم شبه مدعومة من الخارج خاصة أن الجهود أخذت تتوحد داخل القبائل للدفاع عن منطقة ليست منطقتهم تحت راية جهاد الكفار وقد كان هذا المفهوم هو الذي روج له الشيخ ماء العينين في رسائله مع أنه كان فحوي لرسالة بكار إلى القبائل يحثهم على الجهاد فيها . إلا أن موت كبولاني ودخول ملك المغرب بواسطة تعيين ممثل عنه كسند يمكن الثقة بقوته ودخول الصالح الشيخ مالعينين كانت عوامل جعلت بريق المقاومة يزداد في البلد ، لكن ذلك لم يزيد من عزيمة عثمان ولد بكار شيء في عداء وقتال النصارى حيث ظل يقاتلهم خارج تكانت في آدرار والساحل وإنشيري ثم عاد ليشكل جماعة الكدية إلى أن بقى وحيدا 1910 ففي موريتانيا 1843ـ 1933 يقول رئيس مركز المجرية " رأيت في المركز وجها لا كالوجوه إنه وجه المسن عثمان الإبن البكر لبكار الذي حضر قبل أشهر لإعلان خضوعه حين وصولي إلى المجرية حتي يقول وخلال ملكه الطويل تصدى لفيدرب لقد قتل وهو المئوي سنة 1906 على يد الرائد افرير جانه في معركة بوكادوم مخلفا العديد من الأبناء الذين خضعوا على نحو سريع نسبيا باستثناء عثمان ( أكبرهم سنا ) الذي تمكن من الوقوف في وجهنا إلى غاية بداية هذه السنة 1910 عندما أرغمته سنه المتقدمة وانهزام ذويه على أن يأتي بدوره ليطلب منا الأمان . لقد إجتاحني فضول عارم للتأمل في هذا العجوز صاحب الشعر الأبيض كالثلج صاحب النظر الثاقب والكلمة الفذة المعتدة بنفسها ( تساءلت وأنا أرمقه )بماذا يفكر عثمان وهو ينظر إلينا نحن أعداؤه على طول عمره وقتلة والده والمتغلبون على أهله . إنه يبدوا كمن يقول لنا " لديكم القوة بالفعل وأنا أعرف جيدا أنه عليً أن أنحني لكم عاجلا أم عاجلا لكنكم لن تتملكوا قلبي فإلى أنى أموت سأظل عثمان بن بكاربن إسويدأحمد .
محمد محمود ولد بكار