الجمعة
2024/04/26
آخر تحديث
الجمعة 26 أبريل 2024

أمران هامان تشهدهما موريتانيا لا تنتبه لهما النخبة !!

23 يونيو 2021 الساعة 08 و17 دقيقة
أمران هامان تشهدهما موريتانيا لا تنتبه لهما النخبة !!
طباعة

أمران مهمان جدا تشهدهما موريتانيا لا ينتبه لهما أحد من النخبة،وشعبنا للاسف ليس صبورا :
 الأمر الأول أن بلدنا مقبل على ثروة هائلة ولم تكن لديها بنية اقتصادية ولا مؤسساتية لتوظيفها لأن الكل تم تدميره ضمن عبث العشرية ،وبناؤه يتطلب الوقت لأنه تراكمي وليس بجرة قلم ، ويبدو أن "الآخرين" المطلعين على هذه الوفرة المقبلة والمستفيدين من فشل النظام الحالي -لا قدر الله- يشحنون الأحداث بالتأجيج والتحبيط والتخوين والتخذيل من أجل الإسراع بزعزعة الثقة في النظام وبالاستقرار لأنه السبيل الوحيد لمنع الشعب من الاستفادة من الوفرة المستقبلية وتوظيفها في اجندا اخرى ،من الفساد أو فشل الدولة ،وهذه الثروة متأتية من الحديد حيث سيصل صافي ربح الدولة كأقل تقدير إلى 1,3 مليار دولار سنويا خلال خريف أسعار الحديد المؤهل للاستمرار لوقت أطول .
انتاج الغاز الذي يَعد بمداخيل هائلة ستصيب الخزينة بتخمة حقيقة ، والتحسينات الكبيرة التي يجري الإعداد لها في مراجعة الاتفاقيات مع تازيازت والتي من المتوقع أن تضاعف المداخيل المالية من استغلال الذهب ،وهنا يكمن الخطر لأن البلد صغير بالنسبة لاستقبال هذا الحجم من الأموال دفعة واحدة ،دون منح الدولة الفرصة للتخطيط لاستيعاب هذه الوفرة ، والأعداء يريدون شل عملية التفكير والتحضير لذلك ،إضافة إلى الكمية الكبيرة من الذهب التي يشتريها البنك المركزي من التنقيب التقليدي والتي ستدعم الأوقية دعما استثنائيا سينعكس على القوة الشرائية وعلى الأسعار بسبب قوة العملة المترتبة على هذا الاحتياطي،بإلإضافة إلى الإرادة القوية عند الرئيس في وقف هدر الموارد بالنسبة للصيد والإنفاق الحكومي خاصة بالنسبة للرقابة على الصفقات العمومية وتقليص حجم صفقات التراضي والإبتذال في التسيير ،والتوجه الكبير نحو تثمين الموارد الوطنية الجارية في القطاعات الحيوية مثل الزراعة والتنمية الحيوانية ،
ومحاولة استرجاع الأموال المنهوبة الكبيرة من أموال عينية وعقارات يمكن أن توجه للضمان الاجتماعي والتامين الصحي . ومحاولة إعادة جدولة الديون ،وهكذا في غضون سنة سيلتقي هذا الإنفجار في المداخيل مع هذه الترتيبات ،ويكون السؤال المطروح كيف سننفق هذا من دون استقرار من دون رؤية ،وسنكون أحوج ما نحتاجه للاستقرار،لفصل السلطات لتحمل المسؤوليات لترك المسؤولين يضعون تصوراتهم وبصماتهم للمشاركة في بناء الدولة ، أي بناء دولة المؤسسات بحيث يتصرف كل مسؤول وفق صلاحياته القانونية ومسؤولياته ،وقد شاهدنا أن جميع من تم تعيينه خلال هذه الفترة يمنح توقيعا على بياض بأن يقوم بما يلزم للنهوض بقطاعه أو مؤسسته بما في ذلك الوزير الأول ،والحكومة ورؤساء الصفقات ومدير اسنيم وصوملك،وشركة المياه والميناء و غيره، ثم وضع خطة الإقلاع الشاملة بمشاريع كبيرة وواعدة .
الشعب ليس على اطلاع بهذا المستقبل وهو رهين ظروفه الحالية الصعبة التي تضافرت عوامل عديدة - أغلبها خارج عن إرادة الوضع الراهن -للوصول إليها .
اما الأمر الثاني رغم أن الناس لا تدرك القيمة الحقيقية له ، فهو وجود رئيس يزرع الرحمة والتآخي ويعود المريض ويحترم الضعيف،وتزخر خطابته الرسمية والشخصية بالمودة والأمل للشعب ،ويبذل إضافة لميزانية الدولة ميزانيات أخرى للدعم الاجتماعي لمصلحة الناس المطحونة بسبب تراكم الفشل وسوء الحكامة والفساد الذي مثلته الأنظمة السابقة بكل قصد ووعي .إن هذا المستوى من السلوك والأخلاق هو الذي يضفي على المعركة السياسية واللغة المستخدمة في الخطاب وفي التناكف وفي الاختلاف مستوى ظل مفقود من الاحترام ومن التقدير وهذا هو الغلاف الخارجي للهدوء وللسكينة وللتواصل .ونحن قادمون من عقد ونيف من الشطط ومن أخلاق ولغة السوقة في الخطاب الرسمي وفي السلوك ،وقد ولّد ذلك شرخا كبيرا بين الطيف السياسي وهو الذي نعيش اليوم تداعياته في الخطاب الفئوي ،وهكذا فإن أخلاق الرؤساء مهمة في الشأن العام وليست صفة شخصية بل انعكاساتها كبيرة ،ومؤسِسة.
إن علينا أن نصبر قليلا لنرى نتائج هذين الأمرين .
من صفحة الكاتب الصحفي محمد محمود ولد بكار