الثلاثاء
2024/04/16
آخر تحديث
الثلاثاء 16 أبريل 2024

غزواني يحيل رموز من المؤسسة للتقاعد! أي ثورة يحضر لها الرجل؟

24 دجمبر 2021 الساعة 16 و33 دقيقة
غزواني يحيل رموز من المؤسسة للتقاعد! أي ثورة يحضر لها الرجل؟
محمد محمود ولد بكار
طباعة

دفعة واحدة استفاد قائد الجيوش ومدير الجمارك وآخرون من حقهم في التقاعد الذي كان بامكان غزواني تعليقه ، ليست العبرة في الوظائف بل العبرة في الأشخاص : رفيق دربه في المشوار ورفيق دربه في النظام هكذا كان الاثنان على التوالي الداه ولد حمادي ولد المامي ومحمد بمب ولد مگت بالنسبة لولد الغزواني ، فلماذا ياترى لم يحتفظ بهما وله كامل الحق في ذلك ولمدة أربع سنوات أي سنتين قابلة للتجديد !
لقد طرحت هذه الوضعية غزواني أمام خيارين :- الانتصار لنفسه وممارسة حقه في الاحتفاظ بخلّصه حتى يقطع الشوط الأول من مساره كرئيس يواجه تحديات عالية الضغط ،لكنه في المقابل سيحرم آخرين من فرصهم في شغل مربعات في الوظيفة لن يتسنى لهم الوصول إليها إلا عبر تحرير تلك المراكز .
 أو الانتصار للعدالة والمساواة بين الناس في أن يكون الجميع أمام نفس الفرص والحظوظ .
لم يشأ غزواني أن يحذوا حذو عزيز ويحافظ على مراكمة الامتيازات في قلة انحشرت في عنق الزجاجة ويبقى الغليان في الأسفل ،الله وحده يعلم دوافع عزيز في ذلك التي خلقت له حنقا داخل المؤسسة العسكريةونظاما استثنائيا لموسسة ظلت الوحيدة المنضبطة في البلد .
في اليوم الأول وفي خطوة مغايرة أخذ غزواني قرارا بالتمديد للجميع من 60 إلى 62 سنة بالنسبة للضباط لكن شبح العمل بسنة التمسك بجعل الامتيازات من نصيب البعض حفاظا على "حكم العسكر " التي درج عليها رؤساء البلد العسكريين منذ 1978 ظلت تحوم فوق المشهد وحتى حينما استفاد الجنرال الدركي سلطان ولد أسواد من حقه في التقاعد كان البعض يعتبر أنه فتح الباب نسبيا لخروج البعض الذين ليسوا من ضمن اصفياء الرجل وإن كان خدم معه بتفان ، كما كان ضمن التصور الدارج أن الداه ولد المامي حافظ على دخل مرتفع للجمارك لاتزال الدولة في أمسّ الحاجة له وأن أحمد بمب ولد مگت يحمل ثلاث قبعات مهمة على رأسه ،فقد خالط نخبة نواكشوط وسيّرها خلال فترته مديرا عاما للأمن الوطني إنه يعرف دقائق ذلك الجمهور غير الورع الذي ينقل كل شيء ويخلق الدعاية والرأي ،كما قاد مؤسسة عسكرية وفق مقاربة الحفاظ على فاعلية ودور كبير لها ضمن مجموعة الساحل وحفظ التوازنات ومشاعر الانتماء،وعلى نحو خاص يملك ولد مگت حلفا يكاد يحصد ثلث ولاية البراكنة ذات 200الف ساكن ، وبمناسبة اليوم العالم للغة العربية وللذين يقدرون ذلك ، فقد كان مگت وراء تعريب الإتصالات اللاسلكية للجيش بعد أحداث السنغال التي أخذت تسترق السمع على اتصلات الجيش الموريتاني باللغة الفرنسية إذ ذاك، هل من البديهي أن يستغني الرئيس عن خدمات هؤلاء فقط لأنه يريد ذلك ؟ بل بالعكس لأن هناك التزام بالمساواة والعدالة أكبر من الإعتبارات السياسية ووشائج الثقة أو العلاقات ،لقد كان ذلك الخروج إيذانا بالخروج بالمؤسسة العسكرية من قصور الرؤية وعهد الإمتيازات الفردية والشخصية خدمة لطموح الألغشارية العسكرية ومؤسسة الامتياز إلى مؤسسة وطنية يقف منتسبوها أمام نفس الفرص والحظوظ ويملكون الحق في نفس الطموح بالنسبة للقيادة والرتب العالية . إنها عملية تحول في فكر الدولة تجر أذيالها في اتجاهات مختلفة ضمن روح التأسيس العامة التي تنداح خيبا في جسم الدولة فها نحن نتخلص من أعباء أكثر من 217000 أوقية عقد إيجار المنازل الخصوصية للدولة وهو رقم وصلنا له بين 2007و2018 في إطار زبونية تغييب فيها الإستقامة والوطنية رغم أن الدولة باعت في كبد المدن الكبرى عشرات الهكتارات ،في اتجاه ما قبل 2007 ، كما نشاهد معاقبة شركات بإبعادها من المشاركة في المناقصات الصفقات العمومية لأنها لم تلتزم بدفتر الالتزامات ،هذه طريق واضحة لإصلاح كل الاختلالات التي جعلت البلد بلا قلب ويتحرك من دون توجه ،
إننا أمام حركية كبيرة لمن أراد أن يرى ذلك ،توفير 48 ألف فرصة عمل دائمة و75 ألف فرصة عمل غير دائمة خلال سنتين 58 ألف منها وظائف مباشرة تعود للتعدين الأهلي وحده بعد تنظيمه من خلال شركة معادن ،ونتوقع حسب رئيس الجمهورية في مقابلة مع مجلة الأعمال نمو 7.5 % بعد انحسار مضاعفات جائحة كورونا وهو رقم لم يصله البلد أبدًا خلال مسيرته وإنشاء جسور ومؤسسات جديدة ، ديناميكية ستنطلق قريبا مع تفعيل الجهاز التنفيذي للدولة وزيادة ميزانية الدولة بالثلث وانتظار مداخيل جديدة ، وأكثر من ذلك ثورة تقود إلى إبعاد الجيش من السلطة والقضاء على فكرة النظام العسكري الديمقراطي في البلد أو شرعية مراكمة "الامتيازات" أليس هذا هدفا عميقا طالبنا به كثيرا وناضلنا من أجله !إننا نلاحظ التخلص شيئا فشيئا من نواة النظام العسكري والقضاء على الشرعيات البالية إلى الشرعيات "المشروعة " والموضوعية وإلى بناء نظام سياسي مدني ومؤسسة عسكرية مهنية وجيش جمهوري .ألم يكن ذلك هو نهاية طموحنا !!
فشكرا للرئيس غزواني .

محمد محمود ولد بكار