الجمعة
2024/03/29
آخر تحديث
الجمعة 29 مارس 2024

مصادر: ولد الغزواني يوافق على تكليف شخصية مستقلة بإدارته

27 يناير 2022 الساعة 14 و08 دقيقة
مصادر: ولد الغزواني يوافق على تكليف شخصية مستقلة بإدارته
طباعة

بعد صمت طويل عن قضية الحوار السياسي حتى أن البعض قد فقد الأمل في إطلاقه، تحرك أمس قطار الحوار قليلاً بعد أن أبلغت أحزاب الأغلبية أمس قوى المعارضة بموافقة الرئيس محمد ولد الغزواني على تعيين شخصية مستقلة لتولي رئاسة اللجنة المديرة للتشاور المرتقب.
واشترطت المعارضة الموريتانية التي يقود إسلاميو حزب “تواصل” جناحها المتشدد، ضمن محاولات تفاهم سابقة مع الأغلبية، أن يعين الرئيس ولد الغزواني شخصية مستقلة لإدارة الحوار من خارج الحزب الحاكم حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، وهو ما يبدو أنه تم بالفعل.
ويأتي هذا الشرط لإقحام الرئيس الغزواني أكثر في صلب الحوار للاطمئنان على جدية التشاور، وذلك بعد أن لاحظت المعارضة تكرار الرئيس الغزواني التأكيد على أن “البلد لا يمر بأزمة ولا داعي بالتالي لإجراء أي حوار”.
وتحرص المعارضة الموريتانية على عدم اقتصار التشاور على أحزاب الأغلبية، بل يجب -حسب رأيها- أن يكون الحوار موسعاً للجميع، كما تحرص على أن تكون مخرجات التشاور ملزمة للسلطات وفقاً لآلية تنفيذية واضحة.
وأظهرت أحزاب الأغلبية تفهماً إزاء مقترح للمعارضة، يتعلق بتعيين كل طرف لثمانية ممثلين في أعضاء لجنة إدارة التشاور.
وينتظر من وقت إلى آخر إعلان رئاسة الجمهورية عن الشخصية المستقلة التي ستدير الحوار، كما ينتظر أن يعين كل من الأغلبية والمعارضة أسماء ممثليهم في لجنة الحوار.
وإذا اجتاز التحضيرات هذه العقبات، فإن الحوار يمكن أن ينطلق أواخر شهر شباط /فبراير المقبل، حسب توقعات مصادر المعارضة الموريتانية.
ومع أن جدول أعمال الحوار المرتقب لم يتحدد بعد، فإن طرفي المعارضة والأغلبية سبق وأن تقاربا في الاتفاق على عدة محاور، يتعلق أولها بالمسار الديمقراطي، والإصلاحات الدستورية والتشريعية، وتعزيز دولة القانون، وإصلاح المنظومة الانتخابية، وتطبيع الحياة السياسية.
أما المحور الثاني فيتعلق بالوحدة الوطنية بجميع متعلقاتها، بما فيها معالجة الملفات الحقوقية الوطنية العالقة، ومعالجة إشكالية الرق ومخلفاته، وإرساء آلية لتعزيز اللحمة الاجتماعية.
ويشمل المحور الثالث الحكامة الرشيدة، وتشمل: مكافحة الفساد، وإصلاح القضاء، والإصلاح الإداري والعقاري، ومواكبة إصلاح وتعزيز التعليم والصحة وتعزيز اللامركزية، وإيجاد آليات للولوج العادل للخدمات العامة، وتعزيز تطبيق قانون الوظيفة العمومية، فضلاً عن تمكين النساء والشباب في الخارج من المشاركة في الحياة السياسية، ومواكبة وتعزيز إصلاح الإعلام العمومي وتكريس حرية الصحافة.
أما المحوران الرابع والخامس، فقد خصصا لقضايا المحافظة على البيئة ومعالجة آثار التغيرات المناخية، وحماية المصالح العليا للبلاد.
واقترحت المعارضة الموريتانية أن تصدر مخرجات الحوار في وثيقة نهائية تتضمن نقاط الإجماع يوقع عليها المشاركون، مع الاتفاق على آلية وجدولة لتنفيذ ما سيتم إقراره.
لكن مطبة كبيرة ما تزال تعترض ممثلي المعارضة، حيث يفضل كل من مسعود ولد بلخير رئيس التحالف الشعبي التقدمي، وبيرام ولد اعبيد رئيس حركة «إيرا» الحقوقية، أن يشاركا منفردين في الحوار.
وجاءت وفاة السياسي البارز، كان حامدو بابا، قبل شهر من الآن لتعقد اتفاق المعارضة على ممثليها في الحوار، فقد كان للراحل دور كبير في التقارب بين أطياف المعارضة، ومساعدتها على تجاوز خلافاتها.
وبينما كان الحوار السياسي هو الأولوية الأولى، جاء خطاب الرئيس الغزواني في وادان حول نبذ التراتبية الاجتماعية، ليشغل الرأي العام الموريتاني وليحيل التشاور إلى النسيان. لكن ما طرحه الرئيس الغزواني في خطاب وادان يوم العاشر من ديسمبر الماضي، أظهر الضرورة القصوى في جعل قضايا الوحدة الوطنية في مقدمة جدول أعمال الحوار، وبخاصة ما ذكره الرئيس الغزواني بخصوص “تطهير الموروث الثقافي الموريتاني من رواسب ذلك الظلم الشنيع، ومن الأحكام المسبقة والصور النمطية التي تناقض الحقيقة وتصادم قواعد الشرع والقانون وتضعف اللحمة الاجتماعية والوحدة الوطنية وتعيق تطور العقليات وفق ما تقتضيه مفاهيم الدولة والقانون والمواطنة”.
وكان الانشغال بمهرجانات وتجمعات شرح وتثمين مضامين خطاب الغزواني في وادان سبباً في صرف النظر عن استكمال التحضيرات الخاصة بإطلاق الحوار. وكان جائحة كورونا ومتحورها المنتشر “أوميكرون”، وإصابة الرئيس ورئيس البرلمان وعدد من الوزراء بالفيروس، سبباً آخر شغل السلطات عن قضية الحوار.
وأكدت صحيفة «القلم» المستقلة في تعليق لها أمس على الحوار، “أن صقور النظام وجدوا في الانشغالات السياسية والصحية حجة لتأجيل حوار لا يرون أصلاً ضرورة ملحة لإجرائه”.
أما المعارضة فواصلت في جميع المناسبات التأكيد على أن “الكرة توجد منذ أشهر في مرمى الرئيس الغزواني، وأن عليه أن يسرع بتسمية الشخصية المحايدة التي ستكلف بإدارة الحوار”. وأكد الإعلامي الموريتاني مأمون مختار، في مقال بعنوان “لماذا أفعال حكومة ولد الغزواني مناقضة لأقواله؟”، أن “على رئيس الجمهورية أن يعمل سريعاً وبإشراف منه، على تنظيم الحوار أو التشاور، لا عبرة بالتسمية، مع كافة مكونات القوى السياسية، ذلك الحوار الذي وعد به ويحاول البعض عرقلته”.
وقال إن العلة في تناقض أقوال ولد الغزواني مع أفعاله، هي “أنه منذ انتخابه لم يعمل على خلق طبقة سياسية وإدارية مخلصة له مطيعة لأوامره، مقتنعة بتعهداته، بل اعتمد فى تطبيق برامجه على رجالات الدولة العميقة والمفسدين فى الأنظمة السابقة، وبخاصة رموز عشرية الفساد”.
القدس العربي