الأحد
2024/05/19
آخر تحديث
الأحد 19 مايو 2024

خريطة الفساد خلال العشرية الماضية

24 يوليو 2019 الساعة 13 و46 دقيقة
خريطة الفساد خلال العشرية الماضية
طباعة

أخذت خريطة الفساد شكلا حلزونيا تسارع إلى أن وصل إلى نقطة الإرتكاز في أعلى هرم السلطة. لقد اتخذ من اقتصاد البلد وموارده وميزانيته قاعدته الأساسية واستهدف قطاعات معينة هي المال والأعمال والمعادن .
إنقسم هذا الفساد إلى قسمين :
 فساد إقتصادي ومالي .
 جرائم إقتصادية .
وهكذا تكون المشكلة اليوم ليست في حجم الفساد، أي الصفقات المشبوهة والاستيلاء على الأراضي أو على ميزانية الدولة، بل في حجم الجرائم الاقتصادية التي هي بيع موارد البلد وتراثه الوطني وأجزاء من سيادته .
فخلال عشرية الرئيس محمد ولد عبد العزيز، الذي حمل شعار "محاربة الفساد" وتخويف المسيرين للمال العام وتقليص ميزانيات التسيير ، تم الحديث والكشف عن ممارسة وحالات غير مسبوقة وكارثية من الفساد والحرائق الإقتصادية في شكل:
صفقات مشبوهة مثل: صفقة المطار، صفقات الطرقات التي ظل الغرض منها الاحتواء على ميزانية الاستثمارات، صفقات بيع المدارس، الصفقات مع مفوضية الأمن الغذائي ومع سونمكس، العمولات الكثيرة في بيع الحديد، العقود مع اسنيم ومع تازيازت، صفقة السنوسي، وصفقات التراضي التي تحولت من استثناء إلى قاعدة، وكارثة ديون الشيخ الرضا.
مشاريع أو نفقات يتم التصويت عليها في البرلمان ولا تنفذ أو ينفذ بعضها ولا تعود الأموال المخصصة لها للخزينة مثل مبلغ 42 مليار للتدخل في جفاف 2017، وبرنامج أمل السنوي، ومصنع الطائرات، ومصنع السكر وغيرها كثير. وكذلك الاستيلاء على المساعدات الدولية الكثيرة خاصة بالنسبة للقمم التي انعقدت في موريتانيا ومساعدات السعودية .. هذا في الواقع يسمى الفساد.
لكن هناك أمر آخر أخطر من كل ذلك وهو الجرائم الاقتصادية مثل :

استنزاف الموارد في إطار اتفاقيات تحت الطاولة أو غير مصرح بحقيقتها مثل شركة هونك دونك التي ستستنزف ثروة وطنية لمدة خمسين سنة، أو اتفاقية الميناء مع الشركة الهندية (مدتها 25 سنة) أو اتفاق المطار مع شركة إماراتية (لمدة 25 سنة )، منح معدن إسنيم لشركة أجنبية لمدة 25 سنة، أو تفليس شركات وطنية للتغطية على نهبها مثل سونمكس وشركة الطرقات وغيرها.
الدخل الكبير الذي جاء عبر التطور المذهل في أسعار المعادن الذي تم تبديده في الفساد.
تحميل الدولة 5 مليارات دولار من الدين الخارجي دون أن ينعكس ذلك على أي مجال من مجالات الحياة في البلد .
زيادة الضرائب على المواطنين إلى 71%
إفساد مناخ الأعمال (خاصة فرص الاستثمار والمنافسة) الذي أضعف التجار ورجال الأعمال باعتراف الرئيس في التلفزيون دون ذكر السبب الحقيقي الذي هو منافسة ولد عبد العزيز الشرسة لهم عن طريق استخدام الدولة حيث صارت كل الصفقات وكل النفقات وكل المشاريع من نصيب نفس الجهة التي هي من يحدد توجهات ونشاطات الحكومة، وبالتالي تحدد مجال تدخل الدولة وحجم وأوجه الإنفاق والاستثمار وتؤسس شركات لذلك الغرض، مما جعل الأموال الموريتانية تهرب للخارج من أجل البحث عن فرص بديلة ومناخ صالح للمنافسة وللاستثمار، وجعل والأداء الاقتصادي يضعف، وفاقم حجم البطالة، وزاد الفقر، وجعل جهة واحدة تتحكم في أسعار المواد الغذائية التي عرفت وتيرة تصاعدية كبيرة .
المستفيدين والمشاركين في هذه الوضعية :

هذه الوضعية خلقت طبقة مالية جديدة ليست في الواقع إلا واجهة لولد عبد العزيز، بعضها كان موجودا وبعضها ولد من العدم، كما أنها تتفاوت في حجم الشراكة مع عزيز، فمنها من كان وراء جرائم اقتصادية مثل صفقة هون دونغ وصفقات الغاز التي مازالت طيّ الكتمان وصفقات أخرى، ومنها من كان في صفقات التجارة ومنها من كان في الزراعة والأعمال .
تنقسم هذه الواجهات إلى ثلاث أقسام:

شخصيات خطيرة شاركت في الجرائم الإقتصادية مثل شركة هون دونغ وصفقات الغاز وغيرها وهي تعمل بعيدا عن الأنظار .
شخصيات سطحية غير متعلمة في الغالب، وهي الأكثرية، أغلبها في التجارة والبناء والأعمال، وفيها من شارك في الجرائم الإقتصادية ومنها من شارك في الفساد وأغلبها من المحيط الشخصي لولد عبد العزيز .
أشخاص في الدولة كانوا شركاء أو متواطئين في نفس الجرائم وفي الفساد بعضهم إذعانا وبعضهم مستفيد وهؤلاء في الغالب من صناعة ولد عبد العزيز.
آثار هذه الوضعية :

تراجع وضعية البلد بسبب الفساد على مستويات اقتصادية وعسكرية، كما جعلت تكلفة إعادة البناء (أي بناء الإدارة والتعليم والصحة والقضاء) مضاعفة.
وضعية الدّين الخارجي التي يعيشها البلد، وعدد المؤسسات الكبيرة المعرضة للإفلاس مثل إسنيم وسونلوك وغيرها، وعدد المشاريع الكبيرة التي توجد في وضعية لا حياة ولا موت مثل منطقة انواذيبو الحرة ومثل والمجالس الجهوية وغيرها .
ضاعت على الدولة الكثير من الفرص التي أتاحهتا الزيادة الكبيرة في سعر المعادن.
فكيف سيتم علاج هذه الوضعية؟