انواذيبو: أربع سلط في ولاية من مقاطعتين
مطار نواذيبو من أسوأ المطارات في العالم، ولم يعد يصلح لأن يبقى على ظهر البسيطة. إنه فضيحة ماثلة على الأرض نعززها كل يوم ونتغاضى عن مساوئها..قبل هذا كان مطار نواذيبو يستقبل الطيران العالمي الفرنسي والاسباني والروسي، وكانت مدينة نواذيبو تشع رغم صغرها … واليوم -وهو الذي تصدر منه ثروة البلد: السمك والحديد- صار مدينة شبه فاشلة لا تستقطب أحد ولا تستوعب مشروعا إلا الذين يستنزفون البحر ..يقع المسافر تحت رحمة الخطوط الموريتانية أو "الطائر المجنون " كما وصفته الصحافة الاسبانية حيث يغير مواعيده باستمرار ويتأخر أكثر من ذلك ولايغير أسعاره في جميع فصول السنة إلا إلى الأغلى …المسافر الموريتاني محروم من الفرص التي تتيحها الخطوط العالمية بسبب انعدام مطار وانفتاح على العالم حيث تحصل على تذكرة بعشرين أورو بين الدار البيضاء ومدريد بعض الاوقات، وكثيرة تلك الفرص المماثلة إلى جميع اتجاهات العالم …المنطقة الحرة التي كان يعوّل عليها في مثل جلب هذه الفرص من خلال تحسين البنية التحتية واستقطاب المستثمرين في العالم، بسبب الانفتاح وتهيئة الظروف والشروط للاستثمارات، كانت كارثة فقط لاغير …رغم أهمية الفكرة التي هي بناء قطب اقتصادي بين طنجة وداكار، تحوّلت إلى مقبرة للاستثمارات ..أغلب الاستثمارات اليوم أصبحت فاشلة سواء في العقار أو في السياحة: فنادق من دون صناعة، ولا تجارة … لأن المدينة التي هي عاصمة اقتصادية لاتتطور فيها الفرص ومن دون كهرباء ولا ماء ولا وسائل نقل ولا انترنت ..قطاع الصيد ينخره الأجانب الأتراك والصينيون والهولنديون وغيرهم …لا توجد سيارات أجرة، لا يوجد مستشفى، لايوجد منتجع بالمواصفات العالمية ولا منتزه ولا مكان للرياضة والترفيه ولا رياض ومنتزهات للأطفال ولا لأي هواية ..في هذه الولاية التي هي عاصمة الصيد، لايوجد تخصص يتعلق بالصيد: لا سوق ولا مطعم ولا صناعة ..في هذه العاصمة التي يصدر منها جميع الحديد، ظلت إسنيم مركونة في زاوية منها لا مشاركة لها في حياة ولافي شكل المدينة …كأن كل شيء يقع في مجرّة أخرى …كل السياسات فاشلة على الأرض بسبب تداخل وتصادم الصلاحيات :أربع سلط في ولاية من مقاطعتين (الولاية ،المنطقة الحرة ،المجلس الجهوي ،البلدية )..إنها مدينة تعيش كارثة دائمة تمنعها من أي تقدم، ومن أشد الأمور وطأة على السكان هي هذه المنطقة الحرة التي جاءت بتشريعات مجحفة منعت الناس من الاستفادة من البضائع المستعملة التي تتماشى مع مستوى دخلهم وعقّدت عليهم الاجراءات العقارية واستولت على ممتلكات الناس العقارية وعلى ممتلكات الدولة حيث كانت تحت تصرف ولد عبد العزيز وأفراد أسرته وحاشيته وتم، لتوفير ذلك، هدم والاستيلاء على الكثير من المباني والمساحات. وهكذا تحولت المنطقة الحرة إلى نقمة …بحيث لم تطوّر أي مشروع ولم تقم بأي إصلاحات جوهرية رغم أنها كانت فكرة ممتازة للبناء فقد استخدمت في الهدم …
نواذيبو كعاصمة اقتصادية بحاجة لمنتديات وطنية تدرس حالته وتقيم وضعيته وتحد من تعقيد وتداخلات الإدارات المختلطة فيه ،وتهدف إلى وضع خطة لتنميته الحضرية وتحضيره لأن يكون قطبا اقتصاديا حقيقيا …إننا بحاجة لوضع تصور وطني شامل لتنمية مدننا الداخلية وذلك في إطار إعادة توزيع الثروة خاصة الاستفادة من ريع الموارد الجديدة مثل الغاز والهيدروجين وغيرها …إن على فخامة رئيس الجمهورية الإشراف المباشر على هذه المنتديات ووضعها في أولوية طموحه لتنمية البلد وأن يكون في مقدمتها بناء مطار جديد في نواذيبو وإعادة تنظيم صلاحيات ودور المنطقة الحرة .
الإعلامي والمحلل السياسي محمد محمود ولد بكار
