الاثنين
2024/04/29
آخر تحديث
الاثنين 29 أبريل 2024

مع القرآن لفهم الحياة (الحلقة: 10)

3 أبريل 2024 الساعة 16 و00 دقيقة
مع القرآن لفهم الحياة (الحلقة: 10)
لمرابط ولد لخديم
طباعة

السبب الثالث: أن البلاغة والبيان وجمال الكلمة والتعبير ـ كل ذالك كان قبل عصر القرآن ـ أسماء لا تكاد تنحط على معنى واضح متفق عليه.
وإنما بلاغة كل جماعة أو قبيلة ما تستسيغه وتتذوقه، ولذالك كانت المنافسات البلاغية تقوم فيما بينهم وتشتد ثم تهدأ وتتبدد، دون أن تنتهي بهم إلى نتيجة، إذ لم يكن أمامهم مثل: أعلى يطمحون إليه ولا صراط واحد يجتمعون عليه، ولم يكن للبلاغة العربية معنى إلا هذا الذي يصدرون هم عنه من كلام في الشعر والنثر، وهم إنما يذهبون في ذالك طرائق قددا، ويتفرقون منه في أودية متباعدة يهيمون فيها.
وهيهات لو استمر الأمر على ذالك، أن توجد للبلاغة والبيان العربي حقيقة تدرك أو قواعد تدرس، أو قوالب أدبية تهذب العربية وتحافظ عليها.
فلما تنزل القرآن ، والتفتوا إليه فدهشوا لبيانه، سجدوا لبلاغته وسمو تعبيره، وأجمعوا على اختلاف أذواقهم ومسالكهم ولهجاتهم أن هذا هو البيان الذي لا يجارى ولا يرقى إليه النقد ـ كان ذالك إيذانا بميلاد مثلهم الأعلى ـ فيما ظلوا يختلفون فيه ويتفرقون عليه، وأصبحت بلاغة هذا الكتاب العزيز هي الوحدة القياسية التي تقاس إليها بلاغة كل نص وجمال كل تعبير، ثم تعاقبت الدراسات عليه من أرباب هذا الشأن وعلمائه، فاستخرجوا منه قواعد البلاغة ومقومات البيان ومسالك الإعجاز فكانت هذه العلوم البلاغية التي امتلأت بها المكتبة العربية، وأصبحت فنا مستقلا بذاته.
ولولا القرآن لما عرف هذا الفن ولا استقامت تلك الأصول والقواعد، ولتبدد المثل البلاغي الأعلى في أخيلة فصحاء العرب وشعرائهم.. فكيف يستقيم مع ذالك، أن يدرس هذا الفن وأصوله بمنأى عن مثله الأعلى ومصدره العظيم الأول ؟
وهذا ما يؤكده ابن خلدون بقوله:
" اعلم أن ثمرة هذا الفن (أي البيان) إنما هو فهم إعجاز القرآن ".(42)
السبب الرابع: أن متن هذه اللغة ، كان مليئا قبل عصر القرآن بالكلمات الحوشية الثقيلة على السمع المتجافية عن الطبع.
ولو ذهبت تتأمل فيما وصل الينا..

يتواصل...

ملخص الحلقة:
تتحدث الحلقة عن دور القرآن في تغيير النظرة للبلاغة والبيان في اللغة العربية.
قبل الإسلام، كانت المنافسات البلاغية تقوم بين العرب دون أن يتم التوصل إلى نتيجة نهائية بسبب اختلاف الأذواق والمسالك اللغوية.
ولكن عندما نزل القرآن، أثر بشكل كبير على فهم البلاغة والبيان، وأصبح القرآن المعيار القياسي للبلاغة والجمال في التعبير..!!
فقد أظهر القرآن الكريم جمالًا وعمقًا للبيان والتعبير لم يسبق له مثيل، ووضع معايير جديدة للتفوق اللغوي والأدبي. كما أنه أسس قواعد وأصولًا جديدة لفهم البلاغة والتعبير، مما أدى إلى تطور علوم البلاغة والنحو والصرف بشكل كبير.
وبفضل القرآن، تطورت الدراسات البلاغية وأصبحت فناً مستقلاً.

لمرابط ولد لخديم