الجمعة
2024/04/26
آخر تحديث
الجمعة 26 أبريل 2024

ولد الغزواني يماطل في الإصلاح ويعتبر قضية عزيز قضية شخصية وليست وطنية

18 دجمبر 2019 الساعة 09 و53 دقيقة
ولد الغزواني يماطل في الإصلاح ويعتبر قضية عزيز قضية (…)
طباعة

استلم محمد ولد الشيخ الغزواني الحكم واحد أغسطس 2019 بعد خوض إنتخابات رئاسية رشحه لها سلفه وصديقه الشخصي محمد ولد عبد العزيز ، ودعمه فيها حتى النهاية ،وعكسا لأي تصور لأنه وفاء بصداقة طويلة ،فإن ولد عبد العزيز لم يمّلَ الحكم من جهة، ومن جهة ثانية ترك سقفا عاليا من الفساد ، وفي جميع الحالات لايمكن الحفاظ على ذلك الطموح ، ولا تلك الوضعية، بعيدا عن المحاكم والمتابعات ، إلا في كنف شخص ضعيف وفي نظام موالِ له أي لولد عبد العزيز ، لكن أيضا ليس أيّ شخص ، فلابد أن تكون له نفس شرعية النظام ، وتدعمه المؤسسة العسكرية ،ولا يوجد أي مدني يحظى بهذه الميزات خاصة الميزة الأخيرة ،وهكذا أصبح ولد الغزواني هو الوحيد في لعبة تبادل السلطة المفروضة على ولد عبد العزيز . لكن ولدعبد العزيز عمل على ترتيب النظام وفق تصوره ، قبل مغادرته له على النحو الذي يظل تابعا له في جميع الحلات، خاصة أنه لم يتخلص من الطموح في ممارسة السلطة،ولأنه لايساوي الشيء الكبير ،في حقيقة الأمر ، خارجها ، كما لم يدر في رأسه أن ولد الغزواني صار رئيسا، ولم يعد في نفس المرتبة التي يضعه هو ، فيها ، ولايريده أبدا أن يبرحها ، وهي أنه تابع له ، وأنه يستمد كل قوته منه، للدرجة التي بجب أن يظل ينتظره لكي يأخذ أي قرار . نفس الشعور يوجد عند غزواني في الإتجاه الآخر ، حيث يعتبر أن ولد عبدالعزيز صديقه الذي عاش معه تجربة حياة ، وأهمها الإنقلابين 2005-2008، وتجربة الحكم لمدة عشر سنوات ، وأنه هو من رشحه للحكم وقاد الحملة الأنتخاببة حتى وأن كانت غير صافية ،لمصلحته ، وسلمه حكما ملغوما ومغشوشا ،ومع ذلك يبقى صاحب الفضل في وضعيته اليوم كرئيس ،إلا أنه ينسى الجزء الفارغ من الكأس ، من أنه وضعه فيها بعد ما إستغلها أسوأ إستغلال : وقد نهب هذا ، وحرم هذا ، وحبس هذا ، وشردهذا... ثم أن الأمر ليس إستخلافا، بل يمينا دستورية ، ومسؤوليات قائمة على قواعد وأسس ، بعضها في إطار إتفاقيات دولية ، وبعضها إكراها قانونية، وبعضها تعهدات للناخبين ،وبعضها مرتبط بضغوط الرأي العام والواجب الوطني ،أي أن جردة الحساب الشخصية هذه يجب أن تتم بعيدا عن مصلحة البلد ،ونظرة أموره وقراراته من داخل هذه الزاوية والرؤية البعيدة من المسؤولية الوطنية ومن جملة الإكراهات ، فوظيفة رئيس الجمهورية تُرتب مجموعة من المسؤوليات التي تتجاوز الصداقة والأسرة والقبيلة ،لأنها تتناول مصالح وحياة الملاييين ،وموارد بلد بكامله ،وهكذا تختلف الإعتبارات الوطنية ، عن الإعتبارات الشخصية ،فتسير ملفات البلد الإقتصادية، ومراجعتها من أجل تسوية الإنتهاكات ،والإختلالات فيها، لا علاقة لها بالصداقة ،وكشف محاولة قلب الحكم بصفة غير دستورية تعتبر مساسا بأمن الدول وبسير مؤسساتها وليست مسألة شخصية،فولد الغزواني يتصرف وكأن هذه أمور تعنيه وحده ولا تعني البلد ، ولا تأثير لها على حياة الناس الإقتصادية والنفسية وعلى نشاطاتها،ويتصرف تحت الطاولة وليس علنا وبالطرق القانونية ،لا يريد إلا التسوية الودية لهذا الخلاف التي تراعي الصداقة ، يريد أن ينزع ولد عبد العزيز من على ظهره بأقل ثمن من فساد تلك العلاقة الأخوية والصداقة ،وفي نفس الوقت يضع على ظهره آلاف المظالم وميئات ملفات الفساد (سحب الأموال من الخزينة ،وعقود الإذعان ضد موارد البلد ، الإستيلاء على أملاك عمومية ،تسخير مؤسسات الدولة لتمويل صفقات ونشاطات معينة بصفة غيرقانونية ،ربط أيدي الدولة في الكثير من الحالات مثل الجفاف ، وأمام الظلم وغيرها ،ملف متشابك من الظلم والنهب يعيش تحت وطأته غالبية هذا الشعب ) فأنى له الجواب عندما يقف ليوم الحساب يوم القيامة ،وكيف سيكون رده أمام الناخب المكون من المواطن المطحون المغبون في صحته وماله وراحته ،الذي أخذت ثروته السمكية والزراعية والحيوانية من بين يديه ،إما بالنهب المِشرع أو بالتقاعس ،أو بالإختلاس . ماذا سيكون جوابه لعمال الشركات التي أعدمت ، أوالتي تقاسي وتتراجع كل الحظوظ لسعادة العمال فيها ،كيف سيكون موقفه أمام تردي أضاع المواطنين ،وأمام ضعف القوة الشرائية ، وعدم زيادة الرواتب ،أمام أزمات قطاع الصيد والمعادن وغيرها ، صحيح أن ذلك ليس من عمله ،لكنه من أين سيبدأ ، أي الأرضية التي سيبني عليها للإنطلاق نحو تعهداته أي نحو دولة القانون والشفافية ، وخارجا عن ذلك فإن التحقيق في الفساد أصبح قضية رأي عام وطني وليس مسألة شخصية ولا سياسية ،بل قضية وطنية معروضة على البرلمان ،ويطالب بها الشعب ، وعناصرها موثقة ومنشورة على صدر موقع أكبر هيأة للتفتيش في البلد .إن على ولد الغزواني التخلص من عقدة الصديق إلى عقدة الرئيس ،الذي يتصرف وفق ما تمليه عليه المسؤولية الوطنية ، التي حددها توجه الشعب ، ونخبته في تبني خيار الإصلاح والتحقيق في ملفات الفساد والنهب ، التي تعرض لها البلد ،دون ربطها بصداقاته التي له مطلق الحرية فيها ، والتي لا تمنح لأي أحد ، الحق في النهب ، ولا الحماية من القانون ، خاصة في أمور تتعلق بالفساد و بالشأن العام .إن على ولد الغزواني أن يكشف للرأي العام ملابسات محاولة الإنقلاب في 28 نوفمبر الماضي ، التي أدت بالإقالة الفورية لرئيس كتيبة الحرس الرئاسي ، وإبعادها هي من حماية الرئيس ، بعد أن كانت الوحيدة المخولة بذلك .كما عليه أن بكشف عن الأموال التي سحبت من صندوق الأجيال ومن الخزينة وعن الصفقات المحرجة للدولة ،وعن ملفات الفساد ،وإلا فإنه ينزع الرّبقة من رَقبة عزيز ويحيطها برقبته وبكامل إرادته .
موقف العلم