الجمعة
2024/04/26
آخر تحديث
الجمعة 26 أبريل 2024

إلى أين وصل برنامج "تآزر"؟

2 يناير 2020 الساعة 12 و16 دقيقة
إلى أين وصل برنامج
طباعة

تبدو الصورة المكبرة لتصور ولد الغزواني أنه يقسّم برنامجه الإنتخابي إلى خطتين: -خطة اقتصادية وسياسية تدور حول الحكومة ومؤسسة الرئاسة التي ما تزال ضعيفة بالنسبة للتصور والعمل، خاصة في مجال تحمل بعض المآسي عن المواطنين ورفع ضغط الأسعار وشح موارد الدخل والتأسيس للإصلاح الاقتصادي.
 خطة اجتماعية، لاتزال في رحم التفكير وهي لب برنامجه الانتخابي "تعهداتي "ومقاربته لحل المشكل الاجتماعي متمثلة في برنامج "تآزر" الذي لم تتضح معالمه بعد للرأي العام، رغم مضيّ شهر على تعيين مفوضه. فهل الوقت قليل لوضع تصور لبرنامج حسب الصورة الأولى سيمثل اندماجا لمجموعة من الرؤى والمقاربات والتجارب لحل أوضاع اقتصادية واجتماعية لتجمعات سكنية ومواطنين يعيشون عزلة عن تطور الدولة والمجتمع ويعانون من غياب في النمو الاقتصادي، ومن عدم النفاذ للخدمات العمومية منذ وقت طويل، وتمثل مأساتهم تراكما لفشل حكومات متعاقبة تطرح برامج ومشاريع للتعاطي مع وضعيتهم دون جدوى، وتنمو خلال ذلك الفشل ازدواجية شريرة تقوم من جهة على طرح الكثير من الأفكار والمشاعر الطفيلية التي يتم استخدامها لتفرقة المجتمع من أجل تنمية رصيد سياسي لبعض الشخصيات السياسية في نواكشوط، ومن جهة أخرى لبناء دعاية سياسية عن اهتمام الحكومة بمواطنيها في إطار تبني سياسات رحيمة غالبا ما تكون مبررات لاختلاس تمويلات ومشاريع تنموية واقتصادية لا تظهر على أرض الوقائع بأكثر من أنشطة وهمية لا تلبث أن تذبل وتختفي وتبقى دعايتها للاستغلال السياسي في طرف النظام القائم.
وتأتي مقاربة ولد الغزواني، حسب أوساط "تآزر"، لأجل حل جذور المشكلة من عمقها المتمثلة في القضاء على الفوارق الإقتصادية وتعدد جيوب الفقر المقعد والعميق الذي ظل من دون حلول جذرية تقوم على نظرة شمولية حول خلق مشروع أو برنامج لتنمية مستدامة، ولربط المجتمع ببعضه البعض في إطار نهضته العامة، أو استفادته من موارده على حد السواء. وتؤكد نفس المصادر أن الإدارة الوليدة تعكف على وضع خطة شاملة ستكون جاهزة خلال النصف الأول من السنة الجارية تقوم على برنامج عمل، يبدأ بالتشخيص، فتصور العلاج، ثم وضع خطة عملية لتنفيذ هذا البرنامج الذي سيكون في الواقع عدة برامج مستقلة من ناحية الإدارة ومندمجة من ناحية التصور العام للمشاكل لتعطي حلا متكاملا لمشكل التعليم والصحة والمياه والطاقة، ومحاربة الفقر من خلال خلق مشاريع تتماشى مع الحاجة الماسة للسكان بعد النقاش معهم، وفي إطار خلق إطار عام للشراكة مع المعنيين والفاعلين في المناطق المستهدفة.
وتقوم هذه المقاربة على التحفيز والتعبئة والتوعية وخلق فرص عمل وتحرير الأسر من ضغط الحاجة التي يستخدم فيها الأطفال خارج التعليم لجلب الماء أو للزراعة أو لرعاية الحيوانات. كما تحاول مقاربة "تآزر" -والحديث دائما لأوساط مطلعة من داخلها- أن تتعامل مع وضع جد معقد قائم على التعاطي مع قرابة 9000 قرية أوتجمع سكني، أكثر من نصفها تقريبا ب 20 أسرة في الغالب، وتوجد بها مئات القرى مكونة من أسرة أو أسرتين ، وتسعى كل واحدة من هذه القرى، على حد السواء، للحصول على الخدمات العمومية.
وفي إطار تصور لحل عادل سينطلق البرنامج من التركيز على القرى الأكثر كثافة وفقرا وحاجة للخدمات في البداية من خلال توزيع الحوافز وخلق بنى عامة في تلك القرى من أجل خلق مراكز جذب للمجموعات الصغيرة في إطار خلق تآزر محلي سيقضي مع الوقت على القرى الصغيرة ويدعم الاندماج.
وسيواجه هذا البرامج الوردي في البداية عدة مشاكل: أولها حجم الميزانية التي تقدر ب 200 مليار أوقية على مدى خمس سنوات، والذي سيسيل له لعاب الشركات والوسطاء وما سيخلقه من ضغوط من أجل الاستفادة من هذه الميزانية الضخمة وعلى نفس الطرق القديمة. ثانيها التصور الخاطئ عند مجموعات عريضة من أن هذا البرنامج موجهة لفئة معينة، ولها أن تستفيد منه وحدها، وبالتالي يجب الاعتماد عليها وعلى أشخاصها بالدرجة الأولى، في حين أنه برنامج وطني يقوم على خطة علمية تعتمد معايير تقوم على محددات الفقر والكثافة والحاجة للخدمات. ثالثها حجم تدخلات المنتخبين والإدارة والمنظمات غير الحكومية والسياسيين من أجل التأثير على توجهاته المبرمجة وتحويلها عن مسارها نحو توجهات سياسية ونفعية مثل ما جرت به العادة دائما.
كما سيواجه البرنامج أثناء التنفيذ مشكلة السماسرة والمؤسسات الفاسدة التي اعتادت الحصول على صفقات وتنفيذها بنسبة 15إلى 20%.
لن يكون أمام هذا الفريق (الذي ألقى عليه ولد الغزواني ثقل برنامجه الإنتخابي، ويمثل جانبا مهما وكبيرا من أمل الشعب الفقير المطحون في الاستفادة من ثروة بلده، وقد تم اختياره على أسس الكفاءة والقدرة على إنتاج تصور ناجع وتنفيذه على أرض الواقع) إلا أن يبذل جهودا استثنائية من العمل والانفتاح والصرامة، وأن يستفيد من الإرادة السياسية للدولة، لكي ينفذ هذا البرنامج الطموح الذي يعوّل عليه غزواني في مستقبله، أو تاريخه السياسي في البلد.