الاثنين
2024/05/13
آخر تحديث
الاثنين 13 مايو 2024

ملف الانتخابات الرئاسية: هل ولد الغزواني مرشح للأغلبية أو للمؤسسة العسكرية وعزيز بالدرجة الثانية؟ (الحلقة الأولى)

3 مارس 2019 الساعة 20 و33 دقيقة
ملف الانتخابات الرئاسية: هل ولد الغزواني مرشح للأغلبية (…)
طباعة

ماهي حظوظ دعم ولد بوبكر من طرف المعارضة ؟
من هما هاتان الشخصيتان ؟
(الحلقة الأولى)
جعل خروج ثلاث شخصيات من المشهد الانتخابي مسعود ولد بلخير وأحمد ولد داداه من جهة بسبب (حاجز السن الذي يمنع كل من تجاوز عمره 75 سنة عند تاريخ الشوط الأول الانتخابات الرئاسية )من الترشح ،ومحمد ولد عبد العزيز الرئيس المنتهية ولايته للمأموريتة الثانية المثير للجدل من جهة أخرى، جعل خروج هذه الشخصيات التي ظلت تهيمن على الساحة منذ بعض الوقت فرصة لإطلاق الطموح بين عديد الأوساط والشخصيات السياسية لخوض غمار الانتخابات الرئاسية القادمة تحت يافطات أكبر الكتلة السياسية التي تشطر المشهد نصفين( كتلة الموالاة وكتلة المعارضة ) لكن الرهانات السياسية الكبرى لكسب الانتخابات بالنسبة للكتلتين أغلقت الباب في وجه الطموحات الفردية والحزبية التي لا تعدو كونها مغامرات بالنسبة لشروط الفوز في مرحلة المنعطفات الوطنية الكبرى وهكذا رفعت الكتل سقف الترشيحات لأول مرة حول مفهوم المرشح الموحد داخل الكتلتين وغلق باب الترشيحات الصغرى الجانبية أو التكتيكية ، وتختلف المولاة في هذا السياق عن المعارضة من حيث القدرة على سرعة الإنسجام بسبب أنها تابعة لقيادة واحدة وتعتمد أسلوب الإذعان والمباركة بينما تئن المعارضة تحت عدد شعبيتها من القادة وهو ماجعل قطب الشخصيات المستقلة بحجم الأحزاب إضافة إلى التمايز الفكري والإيديولوجي هذه الإختلافات والإختلالات الطبيعية في بعضها وغير الطبيعية في بعضها الآخر جعلت المعارضة أكثر تاخرا وأقل جاهزية بالنسبة لرهان الزمن ومع أنه توشك المواقف أن تحسم داخل الكتلتين فإن الساحة لاتزال يلفها الغموض نتيجة للوضعية المربكة للقوى السياسية الكبيرة التي تمثل الأساس الفعلي لكل من هذه المجموعات .فعلى مستوى الأغلبية فقد تمت تسمية الفريق محمد ولد محمدأحمد ولدالغزواني مرشحها الوحيد بعد ما أعلن الرئيس محمد ولد عبد العزيز ذلك أمام وزرائه وعديد الشخصيات السياسية ، غير أنه لم يلاحظ في الوقت نفسه الحماس المتوقع أو الذي يقع دائما في حالات مماثلة من تسعير الأبواق عند ترشيح من هذا المستوى كما لم يفكك ترشح غزواني رموز وطلاسم الأغلبية التي لم تعلن بعد الاندماج في ذلك الخيار بل يوجد من يسعى لدعم الوزير الأول الأسبق مولاي ولد محمدلقظف من رحم نظام ولد عبد العزيز ،ومع أن جهود الأخير للترشح ظلت متواصلة قبل أن يصيبها فتور عقب لقائه بولد عبد العزيز الأيام الماضية إلا أنه حسب تعبير البعض ليس سوى استراحة محارب ،لكن هل هي بالاتفاق مع ولد عبد العزيز أو مناورة معه خاصة أن ولد محمدلقظف يملك حوافز كبيرة مدعومة في الخفاء دعما قويا للترشح . أما غزواني الذي أعلن ترشحه قبل يومين تحت حراسة مشددة والذي مازال يقيم داخل الثكنة العسكرية في إشارة إلى أنه مرشح العسكر كانت كل لقاءاته بالسياسين والشخصيات بإملاء من ،وتنسيق مع عزيز الأمر الذي يطرح تساؤلات حول عدم الحماس داخل الأغلبية من طرف ثلاث مجموعات قوية تتخوف الأولى من تماهيه مع ولد عبد العزيز أو ذوبانه فيه ،الأمر الذي يجعل جميع الأمور التي كانت قائمة فترة عزيز من إقصاء وتهميش ستظل قائمة حتى وإن كان غزواني يريد تغييرها الذي لن يكون بديهيا ولا قريبا .أما المجموعة الثانية فهي التي تعترض على طريقةالحشر داخل خيار العسكر وبأسلوب الإملاءات والإذعان نفسها وإن كان ولد الغزواني سيكون تغييرا كبيرا في وأسلوب المعاملة لكنه في الواقع خيارا مفروضا أي غير مناقش وفق آليات التشاور والحوار خاصة بالنسبة لمنعرج يخرج من خلاله رئيس ويدخل آخر وتتصور الناس أنها تخلصت من رق سياسي بسبب دعمها لرئيس يسيطر على الحياة السياسية والإقتصادية في البلد على نحو خشن وأناني . أما المجموعة الثالثة فهي التي تعتبر أن غزواني قطيعة لنفوذها وسيطرتها على المنافع وتقليصا لناشاطاتها الكبيرة داخل الدولة التي جلبت لها مزايا وتوسع مالي وتجاري وخدمي خيالي ولايمكن الحفاظ عليه مع أي أحد آخر سوى عزيز .وحسب بعض المحللين فإن الكتلة السياسية المعروفة بالأغلبية قد إنقسمت على نفسها ثلاث مجموعات :مجموعة داعمة ،عرفت بعد إعلانها لدعم غزواني إنقساما آخر ، ومجموعة أخرى لم تتبنى موقف ترشيح غزواني ولم تعلن موقفا بعدُ خارج السياق ، وحزب الإتحاد الذي أعلن الدعم من جهة وانتقد قرار الأغلبية الداعم ووصفه بالمتسرع وسُحب من تحته البساط في ترشح ولد الغزواني الذي فضل أن يكون مرشحا مستقلا آخذا مسافة من كل المجموعات بدءاً بولد عبد العزيز الذي لم يحضر ببساطة شديدة لكي لايسحب الأضواء عن مرشحه لكنه حاول إظهار الإنسجام داخل "نظامه " بإرسال زوجته للظهور في الإعلان والذي اعتبره غزواني -إمعانا في الإبتعاد عن عزيز - أنه قرارا شخصيا لمواطنة عادية حتى وهي محاطة بالحرس الرئاسي المقرب في كامل جاهزيته كما كانت تُحمل جريرة الدعوة للمأمورية الثالثة ،وكذلك إرسال ومستشاره الحميم احميده ولد إباه أو صندوق عزيز الأسود الذي كان يجسد إرادته في المأمورية الثالثة . وبهذا يكون عزيز وجه رسالة لم تقرأ على النحو الذي يريد، خاصة مع غياب بعض رجالاته مثل رئيس البرلمان الشيخ ولد بايّ والنائب محمد يحي ولد الخرشي وتغيِيب مولاي ولد محمد لقطف - ربما تنتظر الناس بالموقف النهائي لولدًمحمد لقطف من الترشح ، كي تحدد كل أوراق عزيز إزاء شريكه ولد الغزواني .ومع أن الآلية الإعلامية للحزب لم تكن من حضّر لهذا الترشح وأنه أي الحزب ومجموعة الأغلبية الداعمة لغزواني ولجنة التحضير لمؤتمر الحزب لم يتم إشراك أيا منها في مراسيم إعلان الترشح فإن ذلك يخلق إستفهامات أخرى عديدة موصولة بجو عدم وضوح الصورة حول مستوى الإنسجام على دعم ولد الغزواني من جهة وموقفه هو أي غزواني في النهاية من كل مجموعة من هذه المجموعة على حدة ، لكن مستوى الحضور الواسع الذي لم يفوته غزواني - في خطابه المهادن للجميع بل المساوي لكل الرؤساء بحيث صارت كل الإنقلابات لامبرر لها ، والمنتمي لحقبة عزيز من جهة ثانية -لم يشأ أن يفوت أن هناك ناس في الخارج لم لم تستطع الدخول من كثرة الناس والواقع ان جزء كبير من الصحافة منع من الدخول وقد كان هذا الحشد من مفعول قبيلته المندفعة في دعمه بالقيود وكذلك نفوذ قواد المؤسسة العسكرية الذين وزعوا دعوات واسعة وحثوا الجميع على الحضور . ولم يفوت البعض عدم حضور رئيس حزب الإتحاد سيدي محمد ولد محم الذي كان يستقبل التعازي في وفاة والده ، رغم حضوره اليوم الموالي لمؤتمر الحزب والذي حضره غزواني في خطوة لم تكن مفهومة ! من جهة أخرى فقد تم الإهتمام بكلمة غزواني مع عدم الإنتباه إلى أنه لم يتم تقديمه من حيث ماضيه وخبرته وتعليمه وأهليته للتسير العقلاني الذي نحتاجه اليوم ودرجة مواءمته للوضع الذي يقبل عليه والمشاكل المحيطة بالبلد أهو هروبا من أن تاريخه بدأ وإنتهى داخل المؤسسة العسكرية التي يطمح كامل الشعب لإبعادها من السلطة أو أنه عسكري قاد مع سلفه انقلابين على ديمقراطية ، وكان يقوم على حماية وتأمين أبشع نظام عرفته موريتانيا بالنسبة لإنعدام الشفافية وغياب الحق والواجب وانعدام حلم الدولة الوطنية أو دولة المؤسسات والحديث عن سيطرة الأسرة والأهل في الشأن العام واستخدام الرصاص الحي ضد المواطنين من مسافة قريبة وضرب الموظفين أي بكلمة واحدة أنه ليس هو الرجل المناسب لوضعنا الحالي الذي يتطلب خبرة في الإقتصاد وتسيير الشأن العام وفق رؤية واستراتيجية علمية ،وإستقلالية عن النظام السابق لكي يتسنى القيام بعملية إصلاح حقيقية . لا أحد يجزم بذلك .
ويبقى دائما السؤال المطروح هل يمكن أن يكون لكل لهذه الإستفهامات والتساؤلات تفسيرات لحجم الفتور في دعم غزواني داخل تلك الأوساط وتشابك وضعه. الأيام القادمة كفيلة بتحديد تعقيدات ملف ترشيح ولد الغزواني
ردود الفعل
علق عمدة العيون إجَ ولد الديْ
إذا ترشح ولد بوبكر، فإنه سيحجب غيره من المترشحين حجب نقصان - إن لم يكن حجب حرمان - عن الأصوات المدلى لها بالفصاحة والسلاقة والخطابة..

كما وجه الرئيس بيرام ثان شخصية وطنية مثيرة للجدل بعد ولد عبد العزيز ورئيس حركة إيرا الحقوقية والمترشح للرئاسيات للمرة الثانية
سلام مني عليكم،
لا يعني التصويت لغزواني غير حماية النهب المادي، والزبونية، والقبلية، والمحاباة، والمقرُبة، ورفض التدقيق في صحة البيانات المالية في البلاد، ومدارس “الامتياز .التي لا يستفيد منها إلا بناء الأثرياء .
أنْ تصوتوا لغزواني يعني أن تصوتوا لنظام منفلت من العقوبة، نظام العشيرة والسلب، نظام التزوير والنهب واستهانة ثروات البلاد.
التصويت لغزواني يعني التصويت لغسيل المصادرات والخوصصة الأسرية لموارد موريتانيا.
التصويت لغزواني يعني أن نتجاهل، بالتمام والكمال، الجرائم الاقتصادية، وجرائم الرق، والجرائم ضد الإنسانية. إنه التصويت لإعادة إنتاج هذه الجرائم، ومواصلتها، كـَـرّة بعد كرّة، دون عقاب. إنه التصويت لعشر سنين إضافية من حكامة محمد ولد عبد العزيز وبغضه الدفين لمعارضيه والمحسنين إليه. إنه التصويت لعشر سنين من التلاعب أكثر بالعدالة والقضاة والشرطة والضرائب، وضد الموريتانيين القادرين على قول لا للعار، لا للافتراء، لا للظلم، لا للسرقة…
التصويت لغزواني هو التصويت لغزوعزيز: الغزوُ يساوي الاحتلال، وعزيز هو الرئيس المنتهية ولايته.
إذن يتعلق الأمر باحتلال السلطة العليا في موريتانيا لعشر سنين إضافية من طرف محمد ولد عبد العزيز.
والخلاص لمن استوعب ووعى.
 
بيرام الداه اعبيد

الكاتب الكبير سيدي عالي
كفى؛ لقد طفحت كأس "الزبى"

الآن اصطف كل المفسدين و الانتهازيين و المتملقين من نخب سياسية و علماء و دجالين و تجار ، خلف "مرشح استمرار النهب و غياب المحاسبة و تأمين ممتلكات عصابة ولد عبد العزيز و الاصطفاف القبلي و الجهوي البغيض" : نحن الآن إذن، في معركة مخلفات ستين عاما من الفساد و الإفساد المالي و الإداري و الأخلاقي و التحكم القبلي و الجهوي و التزوير و تسخير القوة القهرية و الإدارة لصالح تحكم ثلة من المفسدين في شعب تائه ، لم يعد يعرف من يصدق و من يكذب ، من العالم و من الدجال ، من المخلص و من المفسد؛ و السبب "نحن" لا خيانة الشعب و لا قوة المفسدين و لا سوء حظ موريتانيا .
كانت هذه المجموعات تتشكل من نخب خائنة و علماء مرتزقة و إداريين متمصلحين و أمن منتقى و جيش غير مهتم و أعيان خلفهم المستعمر من أعوان المخزن. اليوم لم يعد على الواجهة مثقف و لا عالم و لا إداري و لا رجل أمن و لا عسكري و لا أعيان ، لا بالمفهوم التقليدي و لا بالمفهوم الحديث. نحن الآن أمام حثالة حقيقية من المرتزقة ، لم تعتد إدارتها تهتم بلبوس الوطنية و لا علماؤها بلبوس الفضيلة و لا أعيانها بلبوس النبالة : أصبحوا جميعا عراة أمام الجميع و إذا لم يتم القضاء عليهم الآن ، ستتحول خيانتهم إلى وطنية و فتاواهم على المزاج إلى مذهب ديني و سفالتهم إلى نبالة .
لقد ساعدونا الآن بتحديد أنفسهم و الإعلان عن نواياهم السيئة ، فأي عذر أمامنا اليوم في حشد صفوفنا أمامهم للقضاء عليهم؟
لم تعد هناك اليوم معارضة و لا موالاة و إنما هناك من يريدون موريتانيا راكعة تحت أرجلهم و من يريدونها شامخة أمام الأمم ، فاختاروا بين الاثنين و اعلموا أن أي خط ثالث ليس سوى وجهة أخرى من تجليات مكرهم . تلك هي خارطة الوضع الموريتاني اليوم فكونوا مرة واحدة على مستوى المسؤولية في حق أنفسكم، تكفيرا لما ارتكبناه جميعا في حق وطن أعطانا كل شيء و بخلنا عليه بأي شيء.
المطلوب الآن هو أن يتخلى الشباب عن بعض رومانسيته الفكرية و الكهول عن بعض نرجسيتهم السياسية لنصطف في وجه عصابات الأشرار و من يحملون فيروسات قابلية العدوى، بصرخة مدوية : لا لن تمروا من هنا .. كفى .. كفى .. كفى .. لقد طفحت كأس "الزبى"
كما علق كبير المدونين الدكتور الشيخ سيدي عبدالله
أعتقد أن أي معارض أعلن دعمه لمرشح بمجرد سماعه لخطاب ترشحه، هو ضحية لحظة عاطفية أو مشاعر لحظية معينة.
يقول الاصمعي متحدثا عن النقد الانطباعي: ( أشعر الناس من أنت في شعره حتى تفرغ منه).
ربما من باب التحرز يجب انتظار معرفة كافة المرشحين أو على الأقل الاطلاع على برامجهم والاستماع إليهم أكثر من مرة.
ورغم ذلك أحترم للكثيرين انبهارهم بخطاب ولد الغزواني الأخير، والسبب أنه خطاب حاول أن يشكل مرهماً لجراحات كثيرة، استاء منها الكثيرون مع نظام عزيز ، وكان عزيز يتعمد صب الملح عليها في كل ظهور له، وسايره في ذلك أغلب أنصاره.
ولذا جاء الخطاب تصالحيا وغير صدامي ولا تصعيدي...
لكنه يظل خطاب افتتاح حملة واستحقاقات ويحتاج صاحبه الى تقديم نفسه مرات ومرات..
ليس من احترام الناس اعتبارها انبهرت بلغة الخطاب وحده، وهي التي جعلتها تتخذ موقفًا إيجابيا من الرجل وخطابه.
كيف تكون صلاحية شخص للحكم مبنية على سلامة لغته فقط؟
ثم لماذا نمنح الحق لأنفسنا بانتقاد من يلحنون في الخطاب، وعندما نشيد بلسان سليم النطق والمخارج يكون ذلك معرة أيضاً.
البعد اللغوي في خرجة الرجل مجرد ميزة تحسب له ولكن من المزايدة اعتبارها سببا في الاشادة بخطاب تضمن بعض النقاط التي يمكن أن تطغى عليه أكثر من غيرها .
في المطار وفي الشارع وخلال الزيارات "المفاجئة" هاجم عزيز خصومه وسابقيه من الرؤساء واستخدم عبارات نابية ضدهم، وسخر من الثقافة والأدب، وخلق بذلك جوا من الاحتقان لدرجة أصبح معها ذلك الخطاب دليل ولاء وانتماء للنظام وحزبه...
فهل تريدون أن لا يرتاح الناس لخطاب مغاير، جاء ليعطي الصورة المعاكسة؟...
لكنه في النهاية يبقى خطاب ترشح واستحقاقات رئاسية...
ولاشك أن في الساحة خطابات أخرى وأسماء ستفرزها الأيام المقبلة...
هناك في نظرية التلقي ما يسمى ( أفق الانتظار) .. ومن الصعب اختراقه لمن يملكون (جهاز قراءة)....

وقد كتب الشيخ نوح /تحت حد السكين..

في ظل هذه التجاذبات السياسية والحملات الانتخابية السابقة لأوانها، تسيطر على الجدل مواضيع تقليدية؛ كالأمن والحفاظ على الإنجازات والوفاء للماضي القريب، بعد أن اقتصر الصراع بين القوى اليمينية في المجتمع وبالتحديد بين أجنحة السلطة القائمة.

لم نسمع حتى الآن خطابات تلمس الجراح النازفة للمجتمع مثل أزمة الاقتصاد وتدني الأجور وصعوبة الظروف المعيشية، ومعالجة الاختلالات الاقتصادية الكبرى والتي نتجت عن معاناة تاريخية واستعباد لقطاعات واسعة من الشعب الموريتاني، ظلت مقصية من دوائ الفعل والتأثير، وظل النسق السياسي والاجتماعي والديني يتمالأ من أجل إبقائها في وضعيتها المزرية ،وهي التي تمثل نصف الشعب الموريتاني، فكيف يمكن لبلد أن ينهض دون إشراك نصف كامل منه في تنميته؟

صحيح أن النضال خلال العقود الثلاثة الماضية استطاع أن يجعل من قضية العدالة الاجتماعية أو قضية لحراطين لنكون أكثر تحديدا؛ في مقدمة البرامج السياسية للأحزاب و للحكومة والمنظمات كخطاب، إلا أن ذلك الخطاب بقي مجرد خطاب دون أن تعضده إجراءات عملية وتطبيقية تعطيه مستوى ما من المصداقية.
حينما تقدم الجنرال محمد ولد عبد العزيز للترشح للرئاسة قدم نفسه على أنه مرشح الفقراء، وهو اللقب الذي أصبح يغضبه فيما بعد، وإن كانت سياسته أدت إلى تفقير أكثر للطبقات الفقيرة أصلا، وإلى تركيز الثروة في يد بورجوازية جديدة لم يكن من ضمنها بالطبع الفقراء الراسخون في الفقر “لحراطين”، بل ضرب قطاعات صغيرة كانت تؤمن مستوى من العيش غير الكريم لهذه الطبقات المهمشة والمهشمة، وأطلق يد الحرس من أجل مطاردة بائعات الملاحف على الطرق والباعة المتجولين، وكلهم ينحدرون من المهمشين تاريخيا.

تناقض واضح بين السياسة المعلنة والخطاب الرئج وبين الإجراءات التطبيقية على أرض الواقع. أما بالنسبة لخطاب غزواني فلم يجرؤ حتى على ذكر هذه الطبقات ولا التوقف عند مأساتها ولو مجاملة، بل فضل المرور عليها وعلى جراحها دون اهتمام؛ فاكتفى بإشارة مبهمة حول “تمييز” ما، ولا ندري هل هو تمييز إيجابي أو تمييز آخر بمعنى الإيغال في التمييز المؤصل له أصلا ضد هؤلاء الذين لم يجرؤ على ذكرهم..

لقد تراجع الخطاب السياسي، وأصبح الجدل هو هل سيعتمد الحزب الحاكم ترشيح غزواني أن لديه ما يخبئه حتى الآن، وماذا لدى غزواني ليعد به السياسيين الذين ينجرفون خلفه طمعا في مناصب وامتيازات، ليبقى الأمل الوحيد معقودا على الشباب المنحدرين من الطبقات المهمشة والفقيرة في النهوض بنفسها؛ والانتباه للتحولات الكبيرة التي يعيشها البلد، وهي تحولات بالفعل خطيرة ولا أحد يمكنه أن يتكهن بنتائجها ومآلاتها الكارثية، فقد وصل الناس إلى مستوى من الإحباط والشعور بالخواء والعدمية بحيث لم يعد بالإمكان دغدغة مشاعرهم بكلمات من قبيل الوحدة الوطنية والأمن والأوضاع التي ستتحسن حين يجيء الغاز.

كأن هؤلاء يقولون للضعفاء والمظلومين والمهمشين عليكم أن تعانوا من جديد لنصف قرن قادم.

لا المعارضة، ولا الموالاة، ولا ما بينهما أصبح يحمل هم الهامش وأوجاع الأرصفة، فقط على الجريح ان يضمد جرحه بنفسه:
لا يمين يجيرنا أويسار.

تحت حد السكين نحن سواء..

قراءة في خطاب وإعلان ترشح غزواني للكاتب والمدون محمد الأمين ولد الفاظل
تقدمتُ في مقال نشرته ساعات قبل حفل إعلان ترشح غزواني بوضع مقاييس ومعايير محددة، وقلتُ بأن مستوى ظهور تلك المقاييس والمعايير سيساعدنا في حسم الجدل الدائر حول طبيعة ترشح أو ترشيح غزواني، فهل سيكون غزواني مرشح "استمرار النهج"، أم أنه سيكون أقرب إلى المترشح المستقل؟
لقد توقعت في المقال المذكور أن تكون مدة الخطاب ربع ساعة، وقد كانت 12 دقيقة تقريبا، يعني زيادة بثلاث دقائق. هذا عن مدة الخطاب أما عن مضمونه فيمكن القول بأن الخطاب كان أقرب لخطاب مترشح مستقل منه لخطاب مرشح "استمرار النهج"، ولتبيان ذلك فدعونا نتوقف مع الخطاب ومع حفل إعلان الترشح من خلال العناوين الفرعية التالية:
أين حزب الاتحاد من أجل الجمهورية؟
لقد أعطت بطاقة دعوة الحفل إشارة إيجابية عن إمكانية خروج المترشح غزواني عن نص مسرحية "استمرار النهج"، ففي البطاقة التي ظهرت عليها ألوان علم الاستقلال غاب الحزب والنظام والأغلبية الداعمة، وتم تصميم البطاقة وصياغة مضمونها على أساس أنها دعوة شخصية من المترشح . هذا الظهور الشخصي الطاغي في بطاقة الدعوة تكرر أيضا في حفل إعلان الترشح حيث جاء المترشح وحيدا، وصعد إلى المنصة وحيدا، وتحدث في خطابه بضمير المتكلم، فلم يتحدث عن نظام، ولا عن حزب حاكم، ولا عن أغلبية، وغابت تماما عن خطابه كلمات ومصطلحات من قبيل "الاستمرارية" و"مواصلة النهج".
وقد كان اختيار يوم 1 مارس كموعد للحفل، ضربة موجعة أخرى للحزب الحاكم (سابقا)، فموعد الحفل سبق مؤتمر الحزب بساعات قليلة، وحرم بالتالي الحزب المنتهي الصلاحية من أن يكون ـ على الأقل و من الناحية الشكلية ـ هو صاحب السبق في إعلان ترشح غزواني.
الإشارات الإيجابية التي بعث بها التغييب الكامل للحزب الحاكم لا تتوقف هنا، بل إنها تمتد إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية ولهذا أعطيته صفة (السابق)، ولعلكم تذكرون في هذا المجال خطاب الرئيس ولد عبد العزيز في الحملة الانتخابية الماضية، حيث كان يقول بأن المأمورية الثالثة تعني التصويت بكثافة لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية، وبأن استمرار النهج سيكون من خلال هذا الحزب. ولعلكم تذكرون أيضا بأن من أهم السيناريوهات التي تصورها البعض عن إمكانية بقاء ولد عبد العزيز في السلطة من بعد خروجه من القصر ستكون من خلال بوابة حزب الاتحاد من أجل الجمهورية. الآن هل فهمتم ماذا يعني الغياب الكامل لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية عن حفل افتتاح إعلان ترشح غزواني؟
سقوط شعار الرئيس المؤسس
لقد كانت الفقرة الأولى من خطاب المترشح غزواني فقرة لافتة، وفيها الكثير من الإنصاف للرؤساء السابقين، ولقد أوضح المترشح في هذه الفقرة وبلغة سياسية صريحة وفصيحة بأن موريتانيا لم تولد في فجر السادس من أغسطس من العام 2008، وبأنه لا معنى للحديث عن رئيس مؤسس، وقد جاء في الفقرة :" ما يجب الاعتراف به، هو أن كل واحد منهم (أي الرؤساء) وضع لبنة ما، بحجم ما، لتشييد هذا الصرح الذي لا ينتهي العمل فيه".
عن أبرز الحاضرين من القصر الرئاسي
لقد حضرت السيدة الأولى والحرس الرئاسي و غاب الرئيس، فماذا يعني ذلك؟
إن حضور السيدة الأولى التي تقول بعض التسريبات بأنها تقف ضد ترشيح غزواني، وحضور عناصر من الحرس الرئاسي الذي يُقال بأنه خارج سيطرة قائد الجيوش ووزير الدفاع. إن ذلك الحضور كان له دلالته الإيجابية، وكان في صالح المترشح، حتى وإن كان حضور الحرس الرئاسي لحفل مرشح رئاسي قد لا يعطي انطباعا جيدا عن حياد الدولة، والتي لم يظهر لها تدخلا صارخا في الحفل إلا من خلال الحضور الكبير للحرس الرئاسي. أما فيما يخص غياب الرئيس ولد عبد العزيز عن الحفل فهو غياب لصالح المترشح، وذلك لأنه سيساهم في إظهار غزواني كمترشح مستقل من خارج عباءة النظام.
وقبل أن اختم هذا العنوان الفرعي لابد من القول بأن ترحيب المترشح غزواني بالسيدة الأولى كمواطنة، وتخصيص فقرة قصيرة من خطابه للحديث عن إنجازات ولد عبد العزيز، بأن كل ذلك كان لابد منه، من الناحية الأخلاقية والسياسية، وبأنه في المجمل يمثل أقل ما كان متوقعا من مترشح مثل غزواني، وهو بالتالي لا يشوش على صفة مترشح مستقل.
عن أبرز الغائبين
لاشك أن غياب رئيس البرلمان الذي يوجد الآن في بوادي تيرس سيطرح أكثر من سؤال، فلماذا تغيب رئيس البرلمان الذي كان قد اعترض على مبادرة النواب للتمديد؟ فهل كان وقوفه ضد التمديد قد جاء نتيجة لطمع في الترشيح للرئاسة؟ ولماذا رحب بترشيح غزواني من خلال تغريدة وغاب في الوقت نفسه عن حفل إعلان الترشح؟
غاب أيضا النائب ولد خرشي صاحب مبادرة التمديد، فهل يعني غيابه بأن هناك مقربين من الرئيس ما زالوا يرفضون ترشيح غزواني؟ وهل هم يفكرون الآن في ترشيح شخص آخر أو دعم مترشح آخر؟
هذه الأسئلة الأخيرة تجعلنا نذكر أيضا بغياب ولد محمد لغظف، والذي كان تم إرساله في مهمة في مصر وعلى حساب الدولة، وفي وقت متزامن مع موعد حفل إعلان الترشح.
فلماذا تم إرسال ولد محمد لغظفإلى مصر في مثل هذا الوقت بالذات؟ ومتى سيحسم ولد محمد لغظف تردده بين الترشح وعدم الترشح؟
الراجح أن ورقة ترشيح ولد محمد لغظف هي بيد النظام، وهو يحتفظ بها في انتظار معرفة مرشح المعارضة، فإن رشحت المعارضة شخصا قادرا على جر غزواني للشوط الثاني تم ترشيح ولد محمد لغظف لضمان نجاح غزواني في الشوط الثاني، وإن رشحت المعارضة شخصا غير منافس تم إلغاء فكرة ترشيح ولد محمد لغظف.
يبقى أن أقول بأن جهات في النظام غير راضية عن ترشيح غزواني، وأصبحت اليوم أكثر عدم رضا من بعد الخطاب وإعلان الترشح، إن تلك الجهات قد تدفع في الأخير بترشيح ولد محمد لغظف وإلا فإنها ستدعم مرشح المعارضة إن كان ذلك المرشح هو سيدي محمد ولد بوبكر.
هل سيكون الابن البار بوالدته بارا بالوالدة الكبيرة موريتانيا؟
لقد كان مشهد حضور والدة المترشح لحفل إعلان الترشح من المشاهد اللافتة في الحفل، ولقد شكل ذلك الحضور بصمة شخصية تميز بها هذا المترشح عن غيره، ولا شك أن لتلك البصمة رمزية خاصة. وإذا ما ربطنا ظهور والدة المترشح في الحفل بحديث المترشح في خطابه عن تربيته وعن تكوينه، وعن قوله بأنه ليس الأفضل، وأن للعهد عنده معناه. إذا ما ربطنا بين كل تلك الأمور ذات الصلة بالقيم، فهل سيعني ذلك بأن هناك رسالة ما أراد المترشح أن يرسلها من خلال إحضار والدته وحديثه عن التربية والتكوين؟
الاحتفاء باليوم العربي للغة العربية
أن يسبق موعد إعلان ترشح غزواني مؤتمر الحزب الحاكم (سابقا) بيوم واحد فذلك قد يكون أمرا مقصودا، ولكن أن يتزامن موعد إعلان الترشح مع اليوم العربي للاحتفاء باللغة العربية، فذلك أمر غير مخطط له، وإنما جاء صدفة، ولكن ذلك لن يمنع من القول بأنها كانت صدفة جميلة، أي أن يتحدث غزواني بلغة عربية فصيحة وأنيقة في يوم الاحتفاء باللغة العربية، وفي بلد اشتهر رؤساؤه ـ رئيسا بعد رئيس ـ بالحديث أمام الشعب باللغة الفرنسية، وفي أحسن الأحوال بلغة عربية "مكسرة".
وغاب تخوين المعارضة وشيطنتها
لم يتحدث المترشح عن المعارضة بسوء، وغابت عبارات الشيطنة والتخوين عن الخطاب، بل على العكس من ذلك فقد ختم المترشح خطابه بإرسال رسالة إيجابية لكل الطيف السياسي، وقد تم صياغة تلك الرسالة بلغة قوية وأنيقة، فقد قال المترشح في ختام خطابه: " وسيجد الجميع مني آذانا صاغية وعقلا منفتحا وصدرا رحبا في التعاطي مع كل فكرة بناءة ورأي رصين. بكم يكتمل النجاح وكلكم يستطيع المشاركة من موقعه".
اهتزاز الصورة النمطية
من الأخطاء الكبيرة التي وقعت فيها المعارضة خلال العقد الماضي هو أنها رسمت صورة نمطية لولد العزيز مفادها أن الرجل غير متعلم وأنه سطحي، وعلى ذلك الأساس تعاملت معه، وذلك من قبل أن تكشف لها الوقائع بأن الرجل داهية في مكائد الحكم، وبأنه قادر على خداع خصومه السياسيين والمكر بهم واحدا بعج واحد. هناك صورة أخرى يحاول البعض أن يرسمها لغزواني وهي أنه رجل ضعيف، بل وفي منتهى الضعف، وبأنه ربما يكون من الزاهدين في السلطة.
إن تفاصيل حفل إعلان الترشح وخطاب الترشح أظهرا بأن المترشح غزواني ليس بذلك الرجل الضعيف، ولا هو بتلك الصورة النمطية التي رُسمت عنه في أذهان الكثيرين.
الحذر مطلوب
لا يمكن الحكم على المترشح غزواني بخطابه الجيد ولا ببعض اللقطات الجميلة التي شاهدناها في الحفل، خاصة وأننا لا زلنا نتذكر جميعا خطاب ولد عبد العزيز خلال تنصيبه في العام 2009، والذي قال فيه : " لن أبيعكم الأوهام، ولن أتعهد أمامكم إلا بما سأنجز، وباستطاعتي أن أنجز، لقد انتهى عهد الضحك على الشعب وبيعه الأوهام، لقد انتهى زمن البرامج الانتخابية الزائفة الكاذبة الخداعة، أيها الجمهور العزيز أكررها، ما يميز برنامجي الانتخابي عن غيره هو الصدق". كما أننا لا زلنا نتذكر صور ولد عبد العزيز مع بعض كبار السن من الفقراء. لأننا لا زلنا نتذكر كل ذلك، فنحن لا نستطيع أن نتعامل ببراءة مع الخطاب الجيد لغزواني ولا مع اللقطات الجميلة التي شاهدناها في حفل إعلان الترشح. إن الحذر مطلوب، ولكن الحذر لن يمنع من القول بأن الحفل والخطاب كانا في صالح المترشح غزواني، وبأنهما قد جاءا فوق المتوقع أو المتخيل.
ختاما
لقد كان خطاب إعلان الترشح وتفاصيل الحفل في صالح المترشح غزواني، لا خلاف على ذلك، وتلك حقيقة تفرض علينا طرح السؤال التالي: هل من الأفضل لنا كطامحين ومتعطشين إلى التغيير أن نترك المترشح غزواني، إذا ما كان يريد حقا الإصلاح، أن نتركه فريسة بين يدي طبقة من النفعيين والانتهازيين، والذين تعودوا دائما على الالتفاف على الرؤساء والانحراف بهم إلى مسارات مضرة الوطن؟
لا يعني طرح هذا السؤال تزكية لفكرة مرشح "الإجماع الوطني"، ففي الديمقراطيات الجادة لا وجود لمرشح إجماع، ولابد في تلك الديمقراطيات من منافسة قوية عند أي استحقاق، وهنا يكون على المعارضة أن تدفع بمرشح قوي، ولا أرى لذلك من سبيل إلا بالأخذ بفكرة "القادة المتحدون"، أو بالالتفاف خلف المترشح سيدي محمد ولد بوبكر، والذي سيبقى هو الخيار الأنسب للمعارضة في ظل وضعيتها الحالية، وفي ظل وجود المترشح غزواني الذي من الراجح بأن خطابة وطريقة إعلانه للترشح سيجعلانه يخسر جمهورا في فسطاط الموالاة ويكسب بدلا منه جمهورا في فسطاطي المعارضة والأغلبية الصامتة من الشعب الموريتاني.
حفظ الله موريتانيا..

الجزء الثاني من الملف
عن المعارضة حظوظ غزواني حظوظ سيدي محمد ولد بوبكر

وفي وضع مواز تتجه المعارضة لإتخاذ قرار كبير وتاريخي بشأن نضالها ضد النظام العسكري الذي ظل يحكم البلد منذ إنقلاب 1978 الذي أطاح بالمختار ولد داداه