حملة ولد الغزواني تخرق كل قوانين الدعاية بمباركة من النظام

لقد بدأت حملة ولد الغزواني قبل حملات المرشحين الآخرين وقد الانطلاقة الرسمية للحملة، فما تشهده حملة ولد الغزواني اليوم هو مرحلة سياسية يسهر النظام على تجاوزها بسرعة وطيها وكأنها لم تكن، يخضع خلالها الشعب لحالة نوم حتى يتم تبادل الأدوار بين الجماعة الحاكمة ويستمر ولد عبد العزيز في الحكم وينتهي الحلم.
ولم يعد وصف حملة ولد الغزواني ب"حملة تفتتح قبل أوانها" دقيقا، بل الأدق أن نصفها بأنها فترة سياسية تمهيدية لتبادل على المهام، بين رئيس وآخر، رئيس يخلف نفسه باسم جديد وصورة أخرى لا تضيف جديدا لحلم شعب ينظر إلى واقعه يتشكل في صمت.
لقد سخرت الدولة كل وسائلها لهذا المرشح دون ذاك فمثلا عندما أراد ولد الغزواني أن يعلن عن ترشحه للرئاسيات حينها شهد نواكشوط ذلك المساء حالة طواري وكأن رئيس الجمهورية سيتحرك، أو كأن الدولة تشرف على حفل ما.
وأعقب ذلك بالجولة التي أداها مرشح النظام محمد ولد الغزواني لعدد من مقاطعات الوطن والتي استخدم خلالها جملة من وسائل الدولة مثل طائرة الجيش وحراسة خاصة، وانتشار صوره كأكبر تحد سافر لقانون اللجنة المستقلة للانتخابات التي تمنع ظهور صور دعائية للمرشحين في مختلف الإدارات والمؤسسات وفي الشارع العام قبل افتتاح الحملة وفي صمت تام من النظام.
وجاء في مقدمة الانتقادات الموجهة لمرشح النظام ظهور بعض عناصر الجيش مع ولد غزواني في تنقلاته وحراسته كرئيس بالفعل، وما إن أعلن مرشح النظام عن تعيين طاقمه حتى برزت أسماء وزراء كمديرين لمناصب سامية في حملة ولد الغزواني.
إن المشرفين على حملة ولد الغزواني أسرفوا من البداية في ضرب الحائط بكل القوانين المتبعة في منطق الحملات الإعلامية، حيث بدأوا في تعليق الصور المكبرة من المرشح على مقرات بنواكشوط وظهرت خلال جولاته في الداخل في الوقت الذي لم يفتح أي مرشح آخر للرئاسيات مقرات، أو يظهر أي دعاية في الساحة.
وانتقد المراقبون للساحة السياسية ما وصفوه بأنه استغلال وسائل الإعلام الرسمية لصالح حملة المرشح للرئاسيات الأقرب للنظام محمد ولد الغزواني عن طريق الدعاية التي يقوم بها رئيس المنتهية ولايته لخدمته بكل علنية.
يقول الكتاب الأستاذ لو غورمو معلقا على الخروقات والتجاوزات التي خدم بها نظام ولد عبد العزيز حملة ولد الغزواني:
ليست فقط وسائل الدولة هي التي وضعت في خدمة مرشح النظام محمد ولد الغزواني، وإنما أيضا الدولة العميقة والدولة الشفافة برمتها هي التي وضعت في متناوله، من أجل تنفيذ الخطة “ب” للراحل-الباقي محمد ولد عبد العزيز.
هذه الخطة التي يتمسك بها هذا الأخير لأسباب لا يجهلها أي كان، سواء في داخل موريتانيا أو خارجها: حماية ممتلكاته، وتفادي أية محاسبة من طرف الشعب.
إن وضع الدولة برمتها في خدمة ولد الغزواني تفسر نمط القيادة الآلية للحملة الانتخابية لمرشح النظام، من الانطلاق إلى الوصول وحتى إعلان النتائج النهائية.
إن قيادة هذه الماكينة السياسية التي تتحرك بشق الأنفس متثاقلة، تضم بالإضافة إلى رئيس الدولة وزراء الدولة، الذين أصدرت إليهم أوامر رسمية للالتحاق بطاقم غزواني الانتخابي، وبمساهمة كبيرة من طرف كل سلطات القيادة المركزية والمحلية، والموظفين والوكلاء الكبار والصغار، وكذلك قوات الأمن والجيش بمروحياته، وكل ما في الخزانة العامة من أوقيات.. بالمختصر كل ما يخيف أو يمكنه شراء الذمم.
وعلى مرأى ومسمع الجميع تواصل ماكينة التزوير هذه أزيزها على كامل التراب الوطني، فقد تم جمع بطاقات التعريف بمجرفة عبر أياد صغيرة تشتريها من أصحابها، قصد استخدامها استخدامات شتى، سواء من أجل تحييدها وضمان عدم مشاركتها في انتخاب ولد مولود أو بيرام أو حاميدو أو ولد بوبكر، أو من أجل استخدامها مباشرة كناخبي- زومبي محتملين.
أما اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، فإنها ابتداء من الآن فصاعدا، مجرد امتداد لوزارة الداخلية، سواء على مستوى تشكيلتها أو على مستوى إدارتها القاعدية أو رئاستها، فحتى البطاقة الانتخابية بدت كلغز ويلفها غموض غير مسبوق. كل هذا بالإضافة إلى المعدات المعلوماتية المخصصة لتسيير العملية الانتخابية مكتبا مكتبا، والتي لا توجد أية رقابة عليها من طرف الفرقاء السياسيين الآخرين.
بالتأكيد، ما زالت هناك مسألة طباعة بطاقات الناخب، وهي رهان كبير، ليس فقط لأنها مكلفة ومربحة للبعض، وإنما لأنها بالأساس استراتيجية ومصيرية من جهة التزوير، وقد رأينا ذلك في الماضي، كما خبرناه في أماكن أخرى من القارة، فإلقاء نظرة على المتقدمين للمناقصة التي تم إعلانها، وكذلك طبيعة المؤسسة التي ستفوز بها ستكون نظرة مهمة وتفسر أشياء كثيرة.
بناء على ما سبق فإنه يمكننا القول إن مرشحي المعارضة يجب أن يستعدوا لنضال مشترك، حتى لا تتم سرقة نصرهم، لأنه وحده الخوف من هذا النصر هو ما يفسر كل هذه الآلة والماكينات التي تتحرك ضد إرادة الشعب، و خوفا من عهد جديد يطوي صفحة الاستبداد وأشكال التمييز ونهب أموال وثروات البلد.